مثل الجندي الأميركي بو بيرغدال، الذي كان أسيرا لدى طالبان لمدة خمس سنوات، أمس أمام القضاء الأميركي، بتهمة الفرار من صفوف الجيش بعد عام ونصف العام من مبادلته المثيرة للجدل مع خمسة معتقلين من غوانتانامو. وعقدت في فورت براغ في كارولينا الشمالية (جنوب شرق) جلسة إجراءات لتحديد إطار محاكمته أمام محكمة عسكرية بتهمة «الفرار من صفوف الجيش» و«سوء التصرف حيال العدو»، وهي تهمة قد تعرضه للسجن المؤبد. وسيستمع السرجنت الأميركي البالغ 29 عاما من العمر إلى التهم الموجهة إليه، وقد يعلن ما إذا كان مذنبا أم لا. ويمكنه أيضا ترك هذا القرار للمحاكمة نفسها. وقضية الإفراج عن بيرغدال في 31 مايو (أيار) 2014 حساسة للغاية لإدارة باراك أوباما، الذي يتهمه المحافظون بتقديم تنازل كبير بقبوله الإفراج عن خمسة كوادر من طالبان لقاء الحصول على ذلك. ووصف المرشح الجمهوري للانتخابات الرئاسية دونالد ترامب الجندي بأنه «خائن قذر»، مؤكدا أنه «يستحق الإعدام». وعلى الجندي الأميركي أن يشرح سبب مغادرته وحده خلسة في يونيو (حزيران) 2009 قاعدته العسكرية في أفغانستان قبل أن تأسره حركة طالبان. وفي برنامج إذاعي بث هذا الشهر، قدم تفسيرات لا تصدق، موضحا أنه غادر قاعدته قرب الحدود الباكستانية لأنه كان يريد أن يسير على خطى جيسن بورن، العميل السري الشهير في وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) الذي جسد شخصيته الممثل مات ديمون في أفلام سينمائية. وقال: «كانت لدي هذه الفكرة العظيمة بأنني سأثبت للعالم أجمع أنني شجاع، ويمكنني أن أجسد ما يريد أن يكون كل رجل يذهب إلى السينما ويرى هذه الأفلام». وكان بيرغدال ينوي التوجه إلى قاعدة أخرى لإبلاغ القيادات العسكرية الأميركية عن سوء الإدارة في وحدته، قبل أن يضل طريقه وتأسره حركة طالبان. وكان عدد من أفراد وحدته اتهموه بالفرار. وقال زميل سابق له، يدعى كودي فول، في يونيو 2014 أمام لجنة في مجلس النواب، إن بيرغدال «لم يفهم لماذا كان يقوم بمهمات إنسانية بدلا من مطاردة متمردي طالبان». وذكر أن عملية فرار بيرغدال كانت بالتأكيد متعمدة لأنه أرسل مسبقا إلى منزله أغراضه الشخصية وشوهد يزحف وحده قرب قرية قريبة. وكان بيرغدال الجندي الأميركي الوحيد الذي أسره المتمردون أثناء الحرب في أفغانستان. وأسره أعضاء في «شبكة حقاني» المجموعة المتطرفة المرتبطة بطالبان وترعاها باكستان. واتهمت المجموعة بأنها وراء الهجمات الأكثر دموية التي شهدتها المدن الكبرى الأفغانية في السنوات الماضية. ولا يزال بيرغدال يخدم اليوم في الجيش، وأسند إليه منصب إداري في تكساس بانتظار قرار المحكمة. وقالت الإدارة الأميركية إنها قررت إجراء عملية المقايضة بسبب معلومات مقلقة جدا عن حالة الجندي الأميركي الصحية. وفي يونيو 2014 قال وزير الدفاع حينها تشاك هيغل: «اتخذنا القرار السليم، واتخذناه للأسباب الصحيحة: إعادة أحد أبنائنا إلى الديار». وكانت قطر تعهدت بمراقبة قادة طالبان الخمسة الذين أفرج عنهم من معتقل غوانتانامو وجميعهم من الأفغان، مقابل إطلاق سراح بيرغدال.
مشاركة :