حكمة سلمان تعيد ترتيب أوضاع المنطقة

  • 12/23/2015
  • 00:00
  • 11
  • 0
  • 0
news-picture

يراهن المجتمع الدولي على حكمة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، في قيادة تحولات استراتيجية مهمة يمكن أن تغير وجه المنطقة مع مطلع العام الجديد، لا سيما أن الأوضاع الشائكة في الشرق الأوسط بلغت حدا غير مسبوق من التعقيد والتداخل، فضلا عن المخاطر التي باتت تهدد الجميع مع تصاعد ظاهرة الإرهاب. الإشارات الواردة عبر وسائل الإعلام تفيد بتحسن تدريجي في العلاقات بين المملكة وإيران، برعاية أميركية وإقليمية، وأن جهودا دبلوماسية "على مستوى السفراء"، ستدشن مرحلة جديدة للحوار المباشر في مقبل الأيام، حول الملفات الإقليمية موضع النزاع في العراق، وسورية، ولبنان، واليمن، وصولا إلى تسوية سياسية لاحقة للصراع العربي الإسرائيلي.كما صنعت تحركات خادم الحرمين على مدار العام الماضي، واقعا جديدا لا يمكن تجاوزه في التسويات السياسية الإقليمية والدولية القادمة، حيث أصبح للعرب حضور قوي، داخل المعادلات الاستراتيجية، ولم تعد لصالح القوى الإقليمية الأخري: تركيا وإيران وإسرائيل، على حساب حاضر العرب ومستقبلهم. وشكلت عملية عاصفة الحزم والحرب في اليمن، ثم التحالف الإسلامي ضد الإرهاب، مرورا بدعم المعارضة، والسنة والأكراد في العراق تحولا جديدا في ميزان القوى أجبر الجميع على احترام القضايا والحقوق العربية العادلة، التي خضعت للمساومات الإقليمية والدولية من خلف ظهر العرب أنفسهم، وأحيانا أمام أنظارهم دون أن يحركوا ساكنا بفعل التشرذم والانقسام المتزايد. ألاعيب إيران وروسيا من المساومات الدولية التحرك الروسي منذ العام 2009، والمستمر حتى الآن عن طريق وزير الخارجية سيرجي لافروف، الذي استهدف تطبيع العلاقات بين إيران وإسرائيل، ونقل لواشنطن مبكرا رسالة طهران وهي استعدادها للتفاوض حول الملف النووي ومعظم الملفات الأخرى في المنطقة. وكشف أستاذ العلاقات الدولية في جامعة جون هوبكنز، تريتا بارسي، في كتابه "التحالف الغادر: التعاملات السريّة بين إسرائيل وإيران والولايات المتحدة" عام 2007، طبيعة هذه العلاقات خلال الخمسين سنة الماضية، وتأثيرها على السياسات الأميركية في الشرق الأوسط. وأثبت بارسي بالوثائق أن العلاقة بين المثلث الإسرائيلي - الإيراني - الأميركي، تقوم على المصالح والتنافس الإقليمي "الجيواستراتيجي"، وليس على الإيديولوجيا. الدور التركي تقوم سياسة تركيا في الشرق الأوسط على رصد اتجاه بوصلة العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران، وهي تدرك أن الاتفاق النووي بين المجتمع الدولي وإيران يقود حتما إلى تطبيع العلاقات بين إيران وإسرائيل، ما يستدعي إعادة ترتيب أوضاع المنطقة كلها. وحسب تقرير مهم صدر قبل سنوات يحمل عنوان "قراءة في التوجهات التركية الجديدة" أن أنقرة تعمل على تعزيز علاقتها الإقليمية مع العرب وإيران، لتحقيق عمق استراتيجي يمكنها من لعب دور إقليمي فاعل ومؤثر في التوازنات الدولية، بعد طعن الكبرياء التركي بسبب الصعوبات التي ما زال يضعها الاتحاد الأوروبي أمامها لعضويته، والوعود التي لم تتحقق من قبل الولايات المتحدة، بمنح تركيا مكانة مميزة في شرق أوسط جديد، كنوع من سداد الدين ورد الجميل لمواقفها السياسية والعسكرية، فضلا عن عدم وفاء إسرائيل بالضغط في اتجاه تركيا الأوروبية. التحالف الإسلامي أهم خطوة تدفع العديد من القوى الدولية حاليا، إلى منح طهران دورا رياديا في منطقة الشرق الأوسط الكبير، ليس فقط كمكافأة على الاتفاق النووي، وإنما من خلال تثبيت فكرة الإرهاب إيديولوجيا وتمويلا ماليا على السنة فقط، دون الشيعة. وحسب أحدث دراسة لـ"كريس هيدجز" بعنوان "الزحف الخبيث للسياسة الأميركية" نشرت قبل أيام "فقد ارتفع معدل الكراهية ضد المسلمين بمقدار ثلاثة أضعاف منذ هجمات باريس وسان بيرناردينو، وأصبح قبول خطاب الكراهية في وسائل الإعلام التجاري باعتباره شكلا مشروعا من أشكال الخطاب السياسي". كما أن التضخيم اليومي لخطاب الكراهية ينبئ بأننا مقبلون على كابوس العنصرية والعنف العشوائي والشوفينية والنزعة العسكرية والتعصب، والخطورة هنا ليست قاصرة على المؤسسات الرسمية، ولكن العدوى ستنتشر وسط الشعب الأميركي الذي سيكون أكثر استعدادا لرفض الآخر والمختلف. من هنا فإن التحالف الإسلامي ضد الإرهاب بقيادة المملكة كان أهم خطوة في الطريق الصحيح للحرب على الإرهاب، وهي تدشن مرحلة جديدة لإعادة الاستقرار في المنطقة والعالم.

مشاركة :