أعلن الدكتور ممدوح الدماطي، وزير الآثار المصري، البدء في إعداد مشروع «الدراسات الاستشارية والتوثيق الخاص بترميم وإعادة تأهيل قصر البارون إمبان الأثري» بمصر الجديدة، وذلك بالتعاون بين الوزارة ومكتب «مصر للاستشارات» الذي يعمل في المشروع متطوعًا بالمجان، في محاولة للحفاظ على هذا الأثر المهم. وقال الدماطي، في تصريح له اليوم (الثلاثاء)، إن الوزارة بصدد الإعلان عن مسابقة للمعماريين لتقديم أفكار ومقترحات لتأهيل القصر وإعادة توظيفه، للوصول إلى الاقتراح الأمثل لإعادة استخدام الأثر وخلق وعي عام للمشروع والاستفادة بتقييم المقترحات، وإتمام عمل الدراسات الموكلة إلى المكتب التي من المنتظر الانتهاء منها للبدء في أعمال الترميم في أبريل (نيسان) 2016، لافتا إلى أن وجود القصر على بعد دقائق من مطار القاهرة الدولي سيساهم بشكل كبير في الترويج له، ويسهل زيارته على السائحين، بما يضمن استغلاله الاستغلال الأمثل بعد ترميمه وتأهيله. وأضاف الدماطي، أنه سيتم الإعلان عن الفائزين الثلاثة الأوائل بالمسابقة، بمعرفة لجنة متخصصة من وزارة الآثار ومجموعة من أساتذة الجامعات والمتخصصين والمهتمين بتراث مصر الجديدة. ومن جانبه، قال محمد عبد العزيز، معاون وزير الآثار لشؤون الآثار الإسلامية والقبطية، إن «مشروع ترميم وتأهيل القصر سيتم بما لا يتنافى مع طبيعته وشكله الأصلي، كما سيتم استكمال الحديقة الأصلية بناء على الأدلة التاريخية والأثرية، بما في ذلك التماثيل، مع التمييز بين ما هو أصلي وما هو مستنسخ، وأن يتم وضع مخطط عمراني يعالج علاقة القصر بمصر الجديدة من جميع الزوايا للاحتفاظ بما بقي من العلاقة الأصلية بين القصر والحي». وأوضح عبد العزيز أن للقصر قيمة تاريخية كبرى، فهو تحفة معمارية متفردة شيده المليونير البلجيكي «البارون إدوارد إمبان»، والذي جاء إلى مصر من الهند في نهاية القرن التاسع عشر بعد افتتاح قناة السويس، لذا فهو شاهد رائع على الثقافة التي سادت في نهايات القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين، والتي كانت مزيجًا من إحياء الطرز التاريخية، والولع بالشرق موطن الأديان والأساطير والغموض. يذكر أن القصر تبلغ مساحته نحو 12.5 ألف متر، وترجع فكرة بنائه إلى «البارون إمبان» الذي عرض على الحكومة المصرية فكرة إنشاء حي في الصحراء شرق القاهرة، واختار له اسم «هليوبوليس» أي مدينة الشمس، وحيث إن المنطقة كانت تفتقر إلى المرافق والمواصلات والخدمات، وحتى يستطيع البارون جذب الناس إلى ضاحيته الجديدة، فكر في إنشاء مترو، وأخذ اسم المدينة مترو مصر الجديدة، إذ كلف المهندس البلجيكي أندريه برشلو الذي كان يعمل في ذلك الوقت مع شركة «مترو باريس» بإنشاء خط مترو يربط الحي أو المدينة الجديدة بالقاهرة، كما بدأ في إقامة المنازل على الطراز البلجيكي الكلاسيكي، بالإضافة إلى مساحات كبرى تضم الحدائق الرائعة، وبنى فندقًا ضخمًا هو فندق هليوبوليس القديم الذي ضم مؤخرًا إلى قصور الرئاسة بمصر. صمم قصر البارون بحيث لا تغيب عنه الشمس، وتدخل جميع حجراته وردهاته، وهو من أفخم القصور الموجودة في مصر على الإطلاق، وتضم غرفة البارون لوحة تجسد كيفية عصر العنب لتحويله إلى خمور، ثم شربه، حسب التقاليد الرومانية، وتتابع الخمر في الرؤوس، صممه المعماري الفرنسي ألكساندر مارسيل، وزخرفه جورج لويس كلود، واكتمل البناء عام 1911، وهو مستوحى من معبد أنكور وات في كمبوديا ومعابد أوريسا الهندوسية.
مشاركة :