دعت سري مولياني إندراواتي وزيرة المالية الإندونيسية أمس إلى عقد منتدى مشترك يضم وزارتي المالية والزراعة من دول مجموعة العشرين للتوصل إلى إجراءات ملموسة لمعالجة تزايد انعدام الأمن الغذائي وأزمة إمدادات الأسمدة التي تلوح في الأفق. وبحسب "رويترز"، يمثل انعدام الأمن الغذائي أحد أهم القضايا المطروحة على جدول أعمال اجتماع وزراء مالية دول مجموعة العشرين في بالي، حيث تحاول إندونيسيا الدولة المضيفة إيجاد أرضية مشتركة في مجموعة تواجه مشكلات مثل حرب أوكرانيا والضغوط الاقتصادية المتزايدة من ارتفاع التضخم. وقالت سري مولياني إن العالم يواجه أزمة جوع عالمية تلوح في الأفق بسبب الحرب وقيود التصدير والآثار المستمرة للجائحة. وأضافت أن خطر حدوث أزمة في إمدادات الأسمدة قد يؤدي إلى تفاقم أزمة الغذاء حتى 2023 وما بعده. وتم تنظيم اجتماعات مشتركة مماثلة لوزارتي المالية والصحة العام الماضي لمعالجة قضايا مثل التوزيع غير المتكافئ للقاحات كوفيد - 19. وصرحت سري مولياني قائلة "لقد نجحت مجموعة العشرين في القيام بذلك من أجل التمويل والصحة.. ونأمل أن يتم تأسيس الشيء نفسه أيضا من خلال تعزيز قدرتنا على التحرك ليس فقط للتمويل، ولكن الأهم من ذلك تنسيق السياسات عبر البلدان وبدعم من المنظمات الدولية". ودعت جانيت يلين وزيرة الخزانة الأمريكية في الاجتماع نفسه أعضاء مجموعة العشرين إلى زيادة إنفاقهم لمواجهة تحديات الأمن الغذائي الحالية. وتسببت الحرب في أوكرانيا في ارتفاع أسعار الحبوب وزيوت الطهي والوقود والأسمدة. وأدت الحرب إلى توقف الصادرات، لتتعطل عشرات السفن في الموانئ تاركة نحو 20 مليون طن من الحبوب عالقة في صوامع أوديسا. وخلال المناقشات، قالت نجوزي أوكونجو إيويلا المديرة العامة لمنظمة التجارة العالمية إن هناك مخاوف من تحويل الإمدادات الغذائية بعيدا عن البلدان الفقيرة وتوجيهها إلى الدول الأكثر ثراء، "ليتكرر ما حدث مع لقاحات كوفيد - 19". وأدان وزراء مال الدول الغربية أمس التدخل العسكري الروسي في أوكرانيا، خلال مشاركتهم في اجتماع لمجموعة العشرين في إندونيسيا، متهمين المسؤولين الاقتصاديين الروس بإيجاد "موجة من الصدمة" في الاقتصاد العالمي. وبحسب "الفرنسية"، يشارك في الاجتماع الذي يعقد على مدى يومين في جزيرة بالي الإندونيسية، وزراء المال وحكام المصارف المركزية، وذلك بعد أسبوع على اجتماع لوزراء خارجية دول المجموعة وجهوا خلاله وابلا من الاتهامات لسيرجي لافروف وزير الخارجية الروسي. وأفسح الاجتماع الحالي المجال أمام مواجهة بين الدول الغربية التي تحمل موسكو مسؤولية المشكلات الاقتصادية، وروسيا التي تلقي باللوم على العقوبات الغربية في كل المشكلات. وقال مصدر في الوفد الفرنسي "كانت هناك إدانة واسعة جدا للحرب ونتائجها"، بينما "حاولت روسيا القول إن الوضع الاقتصادي العالمي لا علاقة له بالحرب". وأضاف المصدر أنه كان بالإمكان إظهار أن الحرب "عطلت النمو، وفاقمت التوترات التضخمية وعرضت الأمن الغذائي للخطر". كذلك، أكدت جانيت يلين وزيرة الخزانة الأمريكية في مؤتمر، أن "الحرب الروسية غير المبررة على أوكرانيا أحدثت موجات صدمات في الاقتصاد العالمي"، في ظل ارتفاع أسعار السلع والأغذية والأسمدة والطاقة، "الأمر الذي يجعل مزيدا من الناس يعانون الجوع". ودعا الوزير الأوكراني عبر الفيديو إلى "عقوبات أكثر قسوة" على موسكو. وأضاف "روسيا تجبر الأمم المتحدة وصندوق النقد الدولي على إيجاد وسائل لإنقاذ الدول الإفريقية من الجوع" والأوروبيين على إبطاء التضخم و"الولايات المتحدة على البحث عن حل لأمن الطاقة في العالم". من جهتها، حثت سري مولياني إندراواتي وزيرة المال الإندونيسية، خلال الافتتاح الاجتماع الذي تستضيفه بلادها، قادة مجموعة العشرين على التوحد والعمل في مواجهة أزمتي الغذاء والطاقة اللتين قد تكون عواقبهما "كارثية". وقالت "العالم يراقبنا"، محذرة من أن "ثمن فشلنا في التوصل إلى اتفاق أعلى مما يمكننا تحمله". وأضافت "العواقب الإنسانية بالنسبة لعديد من الدول ذات الدخل المنخفض ستكون كارثية". وكان من المقرر أن تتركز المحادثات على سبل تحفيز النمو بعد أزمة وباء كوفيد - 19، غير أن الحرب في أوكرانيا فرضت نفسها على رأس الأولويات مع ما تسببت به من أزمات على صعيد الطاقة والمواد الغذائية في العالم. وأعربت يلين في مؤتمر عن أسفها لـ"تصرفات موسكو، بما في ذلك تدمير البنية التحتية الزراعية والسيطرة على الحبوب والمعدات الزراعية والحصار الفعلي للموانئ المطلة على البحر الأسود"، معتبرة أن كل ذلك "يصب في استخدام الغذاء كسلاح في الحرب". وكانت يلين في نيسان (أبريل) ممن قاطعوا اجتماعا لمجموعة العشرين في واشنطن عندما تحدث المسؤولون الروس. وانتهى الاجتماع دون بيان ختامي. وليس أكيدا هذه المرة أيضا أن يصدر عن الاجتماع بيان ختامي، نظرا إلى احتمال عدم التوصل إلى توافق بين الدول حول أسباب المشكلات الاقتصادية الحالية وحول مسؤولية روسيا. حرصت إندونيسيا التي تستضيف مجموعة العشرين هذا العام، على الحفاظ على موقع محايد ولم ترضخ للضغوط الغربية لحملها على استبعاد روسيا من الاجتماعات. لكنها عانت في ظل غياب عديد من المسؤولين. وشاركت كريستين لاجارد رئيسة البنك المركزي الأوروبي من بعد، حيث "أوضحت آراء البنك المركزي الأوروبي بشأن النمو والتضخم في منطقة اليورو، التي تأثرت بالحرب في أوكرانيا أكثر من معظم بقية أجزاء العالم"، وفقا لمصدر من مجموعة العشرين. وتشارك كريستالينا جورجييفا مديرة صندوق النقد الدولي، شخصيا في الاجتماع، بينما لم يحضر رئيس البنك الدولي ديفيد مالباس. ودعت جورجييفا الحكومات إلى توجيه إجراءات المساعدة إلى السكان "الأكثر ضعفا" في مواجهة "مجموعة غير مسبوقة من الصدمات". وكانت حذرت الأربعاء من الآفاق الاقتصادية العالمية "القاتمة". ويعد هذا الاجتماع تحضيريا لقمة رؤساء دول مجموعة العشرين التي ستعقد في تشرين الثاني (نوفمبر) في بالي.
مشاركة :