بعد إعلان الاتحاد المصري لكرة القدم عن تعيين البرتغالي روي فيتوريا مدربا جديدا للفراعنة خلفا للمدرب إيهاب جلال، بدأت بعض الأصوات تنتقد هذه الخطوة في ظل عدم خوض فيتوريا تجربة قيادة المنتخبات من قبل. وتولى فيتوريا قيادة بعض الأندية البرتغالية على رأسها بنفيكا وفيتوريا غيماريش وباكوس دي فيريرا وفاتيما، بجانب قيادة النصر السعودي وسبارتاك موسكو الروسي، ولكنه لم يخض طوال مسيرته أي تجربة لقيادة منتخب قبل التوقيع مع الفراعنة. هل يبدو التعاقد مع فيتوريا الذي لا يملك خبرة تدريب المنتخبات مغامرة غير محسوبة العواقب؟ ورغم أن منتخب مصر لجأ في الأعوام الأخيرة إلى المدربين الأجانب أصحاب الخبرات في قيادة المنتخبات خلال مسيرتهم السابقة إلا أنهم لم ينجحوا في إعادة الفراعنة إلى منصات التتويج. البرتغالي كارلوس كيروش المدرب السابق لمنتخب مصر قاد من قبل عدة منتخبات في العالم بداية من منتخب بلاده البرتغال ثم الإمارات وجنوب أفريقيا وإيران وكولومبيا، ولكنه رغم نجاحاته السابقة لم ينجح في قيادة الفراعنة إلى تظاهرة كأس العالم 2022 وحل في وصافة أمم أفريقيا الأخيرة. نفس السيناريو ينطبق على المكسيكي خافيير أغيري المدرب الأسبق للفراعنة الذي ودع تحت قيادته منتخب مصر بطولة كأس الأمم الأفريقية 2019 من ثمن النهائي، على أرضه ووسط جمهوره رغم خبرات أغيري بقيادة منتخب المكسيك واليابان. ورغم نجاح الأميركي بوب برادلي في قيادة منتخب بلاده إلى وصافة كأس القارات 2009 والتأهل إلى ثمن نهائي كأس العالم 2010 إلا أنه لم ينجح في قيادة الفراعنة إلى مونديال 2014 كما أنه ودع تصفيات أمم أفريقيا 2013. وعلى النقيض من ذلك نسف الأرجنتيني هيكتور كوبر القاعدة وحقق نجاحا لافتا مع منتخب مصر بعدما قاده للتأهل إلى تظاهرة كأس العالم 2018 بعد غياب دام 28 عاما. ولم يخض كوبر أي تجربة مع المنتخبات قبل تدريب الفراعنة سوى تجربة قصيرة مع منتخب جورجيا انتهت بالفشل والرحيل السريع، ولكن الثعلب الأرجنتيني حقق نجاحا تاريخيا مع فالنسيا الإسباني بقيادته إلى نهائي دوري أبطال أوروبا مرتين متتاليتين فضلا عن قيادته إنتر الإيطالي. وربما يبقى البريطاني مايك سميث صاحب الاستثناء في تاريخ المدربين الأجانب للفراعنة، بعدما نقل نجاحه في تدريب منتخب ويلز ثم فريق هال سيتي الإنجليزي إلى منتخب مصر الذي توج معه ببطولة كأس الأمم الأفريقية عام 1986. ومحليا استطاع مدربون كبار تحقيق النجاح مع منتخب مصر وعلى رأسهم الثنائي الراحل محمود الجوهري وحسن شحاتة بعدما توليا قيادة الفراعنة لأول مرة. اختلاف جذري التعاقد مع روي فيتوريا يعيد إلى الأذهان تجربة كارلوس كيروش المدير الفني الأسبق للفراعنة التعاقد مع روي فيتوريا يعيد إلى الأذهان تجربة كارلوس كيروش المدير الفني الأسبق للفراعنة جاء تعاقد اتحاد الكرة المصري مع البرتغالي روي فيتوريا ليعيد إلى الأذهان تجربة كارلوس كيروش المدير الفني الأسبق للفراعنة. وحقق كيروش نتائج جيدة بعد فترة من عدم الاستقرار الفني للمنتخب المصري، لكنه لم يصل إلى الأهداف المتفق عليها، سواء التتويج بكأس أمم أفريقيا 2021 في الكاميرون، أو بلوغ مونديال قطر 2022. ورغم انتماء كل من كيروش وروي فيتوريا إلى المدرسة البرتغالية إلا أن هناك اختلافا جذريا بينهما من حيث طريقة اللعب وأسلوبه. فقد اعتمد كارلوس كيروش بشكل واضح على طريقة 4 – 3 – 3، مع بعض المرونة التكتيكية وفقا لظروف المباريات، بينما يأتي روي فيتوريا بفكر مختلف إذ يعتمد غالبا على طريقة 4 – 2 – 3 – 1. وتبدو أفكار فيتوريا أكثر مرونة من أفكار كيروش، وأكثر قابلية للتغيير على عكس سابقه الأكثر صرامة في ما يتعلق بطريقة اللعب الثابتة. تشير تجارب روي فيتوريا السابقة سواء في الدوري البرتغالي أو مع النصر السعودي، وحتى خلال تجربته مع سبارتاك موسكو الروسي، إلى أنه يميل بشكل أكبر إلى الاندفاع الهجومي والضغط العالي والاعتماد على التمرير والاستحواذ على الكرة، وذلك عكس أسلوب كيروش المعروف بتحفظه الدفاعي الكبير والاعتماد على الهجمات المرتدة والمنظمة. هل يحظى محمد صلاح بنفس التقدير الذي منحه إياه المدربون الأوائل للفراعنة سواء المحليون منهم أو الأجانب ويمتد الاختلاف التكتيكي بين كيروش وفيتوريا إلى أسلوب الدفاع، حيث اعتمد منتخب مصر مع كيروش على الدفاع المتأخر من أجل عدم منح المنافس أي مساحات خلف رباعي الدفاع. في المقابل يعتمد روي فيتوريا على أسلوبه الدفاعي الخاص الذي وصفه بيب غوارديولا بأنه الأكثر تنظيما في أوروبا. ويلعب فيتوريا بخط دفاع متقدم بشكل كبير مع تضييق المساحات بين الخطوط لخنق لاعبي الفريق المنافس وعدم منحهم أي مساحات لنقل الكرة بأريحية أو اختراق الخط الخلفي. وبعيدا عن الاختلافات الجذرية فنيا بين كيروش وفيتوريا، يشترك المدربان في جرأتهما على الدفع بعناصر جديدة وشابة باستمرار. وشهدت فترة كيروش مع منتخب مصر منحه لاعبين مثل عمر كمال وعمر مرموش وأحمد رفعت ومحمد عبدالمنعم فرصة اللعب، وبذلك تحولوا جميعا إلى عناصر مهمة وأساسية للمنتخب المصري. وتتوفر هذه الصفة أيضا في روي فيتوريا الذي اعتاد، بفضل بداية رحلته التدريبية الصعبة مع أندية تمتلك إمكانيات محدودة، على العمل في ظل ما أتيح له. ونجح روي فيتوريا طوال مسيرته في اكتشاف العديد من المواهب الشابة وهو ما برز بشكل كبير خلال عمله كمدير فني لبنفيكا. وأدى التوافق بين فكر فيتوريا وسياسة النادي البرتغالي الكبير في الاعتماد على العناصر الشابة إلى ظهور عدد كبير من النجوم مثل نيلسون سيميدو وريناتو سانشيز وروبين دياز ولوكا يوفيتش وجواو فيليكس. ويحتاج منتخب مصر وربما الكرة المصرية بشكل عام إلى العمل بهذه الكيفية في ظل أزمة ندرة المواهب المستمرة منذ سنوات، وسيكون ذلك هو التحدي الأول أمام روي فيتوريا لتعزيز أحلام الفراعنة بتجاوز تلك الفترة الصعبة والعودة مجددا إلى منصات التتويج القارية، ثم بلوغ المونديال. يعتمد روي فيتوريا بشكل واضح على طريقة 4 – 2 – 3 – 1، وهو يقدم كرة قدم متوازنة إلى حد بعيد. ويتميز فيتوريا بمرونة تكتيكية تظهر من خلال تغير طريقة اللعب في بعض الأحيان، وذلك عبر الاعتماد على طريقة 4 – 3 – 3 بشكلها الدفاعي، و4 – 1- 4 – 1. كما خاض خلال تجربته مع النصر السعودي عددا من المباريات معتمدا على خمسة لاعبين في خط الدفاع بطريقة 5 – 4 – 1، بينما ظهرت طريقة 3 – 4 – 3 في العديد من مباريات فريق سبارتاك موسكو الروسي آخر محطات فيتوريا التدريبية. ويمتلك المدرب البرتغالي فلسفة فريدة من نوعها وقدرة على تحويل شكل الفريق تماما خلال المباراة الواحدة. ويفضل المدرب البرتغالي الجديد للفراعنة الضغط العالي في الشوط الأول، والهجوم بكل الطرق الممكنة، بحثا عن تسجيل الأهداف. ◙ الكرة المصرية تواجه منذ سنوات طويلة أزمة نقص عددي في البعض من المراكز داخل المستطيل الأخضر وفي الشوط الثاني يتحول الفريق المندفع هجوميا إلى التحفظ وإغلاق الدفاعات والاعتماد على المرتدات السريعة لتأمين تقدمه، وهو الأسلوب الذي لازمه منذ كان مدربا لبنفيكا الذي لاقى بعض الانتقادات في ظل معاناته أمام منافسيه المباشرين في الدوري البرتغالي. وبجانب مرونة فيتوريا يمتلك المدرب البرتغالي تكتيكا خاصا في الدفاع، حيث يفضل الاعتماد على الدفاع المتقدم بشكل واضح أيا كانت طريقة اللعب المتبعة، أو اسم الفريق المنافس. ويلعب فيتوريا بدفاع متقدم على خط واحد، مع تضييق المساحات بشكل كبير بين خطوط فريقه. ووصف بيب غوارديولا، المدير الفني الحالي لمانشستر سيتي، أسلوب دفاع روي فيتوريا بأنه الأفضل في أوروبا. وواجه غوارديولا بنفيكا تحت قيادة فيتوريا عندما كان مدربا لبايرن ميونخ، وحقق الفوز بنتيجة 3 – 2 في مجموع مباراتي الذهاب والإياب. وقال غوارديولا "بنفيكا يمتلك أفضل تنظيم دفاعي في القارة، لكنه ليس فريقا دفاعيا، إنه يشبه فريق ساكي". وختم "الأمر يبدو متناقضا لكنه يدافع من مناطق متقدمة وتكون خطوطه قريبة، لن يسمح ولو لشعرة واحدة بأن تمر". وتواجه الكرة المصرية منذ سنوات طويلة أزمة نقص عددي في البعض من المراكز داخل المستطيل الأخضر، وهو الأمر الذي أدى إلى توظيف لاعبين في غير مراكزهم الأساسية. وعلى سبيل المثال لم يظهر مؤخرا لاعبون بارزون في مراكز الظهيرين الأيمن والأيسر وكذلك مركز 8 في وسط الملعب وصانع الألعاب الصريح ورأس الحربة، وهو ما أثر أيضا على تشكيلة المنتخب. إعادة توظيف جميع المدربين الذين تعاقبوا على المنتخب لجأوا إلى إعادة توظيف اللاعبين بغير مراكزهم العادية جميع المدربين الذين تعاقبوا على المنتخب لجأوا إلى إعادة توظيف اللاعبين بغير مراكزهم العادية لجأ كل مدربي منتخب مصر خلال السنوات الأخيرة، بداية من هيكتور كوبر ومرورا بخافيير أغيري وحسام البدري ووصولا إلى كارلوس كيروش وإيهاب جلال، إلى توظيف لاعبين في غير مراكزهم الأساسية. ويتضح ذلك في توظيف أكرم توفيق لاعب خط الوسط في مركز الظهير الأيمن، أو توظيف عمر كمال الجناح الأيمن في مركز الظهير، أو توظيف محمد صلاح أحيانا في مركز رأس الحربة وفقا لظروف المباريات. وكذلك توظيف أيمن أشرف في مركز الظهير الأيسر رغم أنه يلعب مع الأهلي في مركز المساك، والاعتماد عليه في مركز 8 أحيانا، وأيضا توظيف محمد مجدي أفشة صانع الألعاب الصريح في المركز رقم 8، أو الاعتماد على إمام عاشور لاعب الوسط المهاجم في مركز الظهير الأيمن مثلما حدث في نهائي كأس الأمم الأفريقية ضد السنغال. هذه المحاولات جاءت لإيجاد حلول للمنتخب القومي أمام النقص العددي في الصفوف، أو حتى الاعتماد على محمد شريف في مركز الجناح الأيسر أحيانا رغم أنه يشغل مركز المهاجم. واضطر كارلوس كيروش، المدير الفني السابق للمنتخب المصري، إلى الدفع بوجوه جديدة من أجل تعويض النقص الحاصل في الصفوف، مثل المدافع محمد عبدالمنعم وأحمد ياسين لاعب البنك الأهلي ومروان داوود الظهير الأيسر لإنبي ومهند لاشين لاعب وسط طلائع الجيش. ◙ أفكار فيتوريا تبدو أكثر مرونة من أفكار كيروش وأكثر قابلية للتغيير، على عكس سابقه الأكثر صرامة في ما يتعلق بطريقة اللعب وحاول كيروش إيجاد حلول فنية للنقص الذي يعانيه المنتخب المصري في مختلف المراكز، وهو الأمر الذي يجعل فيتوريا أمام اختبار صعب في كيفية السير على نفس النهج، وفتح الباب أمام عناصر جديدة للانضمام إلى المنتخب وتوسيع دائرة الاختيارات بشكل أكبر. وتعاقد روي فيتوريا يمتد إلى نحو 4 سنوات، مما يمنحه الفرصة لوضع مشروع كامل لمنتخب مصر، وجعل الفريق يتمتع بوفرة عددية وخيارات مميزة من دكة البدلاء بجانب المجموعة الأساسية. وبدأت رحلة المدرب روي فيتوريا صاحب الـ52 عاماً بتجربة هادئة مع فريق فيلافرانكينسي، أحد الأندية المغمورة في البرتغال، على مدار عامين في الفترة بين 2002 إلى 2004. وشق فيتوريا طريقه بهدوء في مجال التدريب والتحق بقطاع الناشئين في نادي بنفيكا وقاد فريق الشباب لمدة عامين أيضا. وتولى فيتوريا تدريب فريق فاتيما الذي يلعب في دوري الدرجة الثانية بالبرتغال لمدة 4 أعوام في الفترة بين 2006 إلى 2010. وخاض تجربته الأولى في الدوري البرتغالي مع فريق باكوس فيريرا موسم 2010 – 2011 ثم انتقل إلى تدريب فيتوريا غيماريش في الفترة الممتدة بين 2011 إلى 2015. وحقق فيتوريا في هذه التجربة أول بطولة في مسيرته، وهي كأس البرتغال مع غيماريش عام 2012. وكانت التجربة المبهرة في مشوار فيتوريا مع العملاق البرتغالي بنفيكا في الفترة الممتدة بين 2015 و2019. وقد نجح فيتوريا مع بنفيكا في حصد البطولات، وحقق لقب الدوري موسمين متتاليين 2015 – 2016 و2016 – 2017 بجانب لقب الكأس موسم 2016 – 2017 وكأس السوبر في نفس الموسم، ليكمل الثلاثية، كما فاز بلقب كأس الرابطة. ودفع نجاح فيتوريا مع بنفيكا النصر السعودي إلى استقدامه لقيادة الفريق في يناير 2019. وعلى مدار عامين فاز فيتوريا بلقب الدوري السعودي مع النصر، لكنه لم ينجح في الفوز بلقب دوري أبطال آسيا. وآخر تجربة لفيتوريا كانت مع فريق سبارتاك موسكو الروسي، في الفترة الممتدة بين يوليو وديسمبر من عام 2021. وخاض مع سبارتاك موسكو 26 مباراة، فاز في 9 مناسبات وتلقى 11 هزيمة وتعادل 6 مرات وهو مؤشر سيئ للمدرب البرتغالي في تجربته الأخيرة قبل قيادة الفراعنة.
مشاركة :