التلسكوب جيمس ويب يكشف أسرار الكون السحيق

  • 7/17/2022
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

نشرت وكالة الفضاء الأميركية “ناسا” الثلاثاء المجموعة الكاملة من الصور الأولى التي التقطها التلسكوب جيمس ويب الذي يعد الأقوى من نوعه على الإطلاق في رصد حركة النجوم والمجرات، من خلال لقطات تكرّس بداية حقبة جديدة في علم الفلك انتظرها العلماء سنوات طويلة. وتم نشر الصور الواحدة تلو الأخرى في بث مباشر تظهر سديمين (هما مجموعتان من الأجرام السماوية) يبيّنان دورة حياة النجوم، وكوكبا خارج النظام الشمسي، ومجموعة متراصة من المجرات. وأشار رئيس وكالة الفضاء الأميركية بيل نيلسون إلى أنّ التلسكوب “سيكتشف الأجسام الموجودة في النظام الشمسي بالإضافة إلى الأغلفة الجوية للكواكب الموجودة خارج المجموعة الشمسية والتي تدور حول نجوم أخرى، ما يوفر لنا مؤشرات عما إذا كانت أغلفتها الجوية مماثلة لغلاف الأرض”. وتابع “من شأن هذه المعطيات أن تجيب على عدد من تساؤلاتنا أبرزها من أين أتت البشرية؟ وهل من كائنات أخرى؟ ومن نحن؟ هذا بالإضافة إلى توفير أجوبة نجهلها على عدد من الأسئلة”. الغوص في الفضاء التلسكوب يتوفر على أنظمة إمدادات الطاقة والدفع والاتصالات والتوجيه ومعالجة البيانات يعادل وزنها حوالي وزن حافلة مدرسية التلسكوب يتوفر على أنظمة إمدادات الطاقة والدفع والاتصالات والتوجيه ومعالجة البيانات يعادل وزنها حوالي وزن حافلة مدرسية قال نيلسون إنّ الصور “تظهر أبعد ما تمكنت البشرية من رصده سابقاً”، مضيفا “كل صورة هي اكتشاف جديد”، معتبرا أن كل لقطة “ستمنح البشرية رؤية للكون كما لم نشاهده من قبل”. والاثنين كشفت ناسا أمام العالم أول صورة من تلسكوب جيمس ويب، في لقطة مذهلة تظهر عنقودا من المجرات التي تشكلت بعد فترة وجيزة من الانفجار العظيم قبل أكثر من 13 مليار سنة، وتعرض لمحة هي الأكثر تفصيلا على الإطلاق للكون في طوره الأول، كما تعتبر “الأقرب لفجر الكون وحافة الفضاء”. وتتمثل إحدى المهام الرئيسية لتلسكوب جيمس ويب، التحفة الهندسة الفضائية، في استكشاف العصور المبكرة للكون. وفي علم الفلك، يوازي الغوص في الفضاء عودة في الزمن إلى الوراء، فالضوء المرصود قد سافر لمليارات السنين قبل أن يصل إلينا. ويشكل نشر الصور الإطلاق الرسمي للأنشطة العلمية للتلسكوب التي أبقي محتواها سريا لزيادة التشويق. ومن بين الصور المنشورة صورتان لسديمين مع سحابتين من الغاز والغبار الفضائي. ويقع السديم الأول (أطلقت عليه تسمية كارينا) على بعد 7600 سنة ضوئية ويجسّد تشكّل النجوم، ويضم تكتلات كبيرة منها ويتخطى حجمه بأضعاف حجم الشمس. أما الثاني فهو سديم “الحلقة الجنوبية” والمسماة كوكبية على الرغم من عدم وجود أي صلة بينها وبين الكواكب، وهو سحابة من الغاز حول نجم آفل. كذلك تُظهر الصور “خماسية ستيفان”، وهي عبارة عن 5 مجرات قريبة من بعضها ومتحركة، اثنتان منهما في طور الاندماج، وتبعد بنحو 290 مليون سنة ضوئية. وعلى الرغم من تسميتها بـ”الخماسية” إلا أن أربع مجرات فقط تتفاعل مع بعضها البعض في “رقصة كونية”. صور عميقة PreviousNext أظهرت إحدى الصور المنشورة الثلاثاء كوكبا خارج النظام الشمسي، أي يدور في فلك نجم غير شمسنا، وهو يشكل أحد محاور الأبحاث الرئيسية للتلسكوب جيمس ويب. والمنشور هو تحليل طيفي من التلسكوب، أي أنه ليس صورة بل تقنية تُستخدم لتحديد التركيب الكيميائي لجسم بعيد. والمقصود في هذه الحالة كوكب WASP-96 b العملاق الذي يتكون أساسا من الغاز ويقع خارج نظامنا الشمسي. ونشرت هذه الصورة بعد ستّة أشهر من إطلاق جيمس ويب، وقالت ناسا إنّها “الأكثر عمقاً والأكثر وضوحا التي تُلتقط للكون حتى اليوم”. وتشكل المطيافية أداة تتيح معرفة التركيبة الكيميائية والجزيئية للأجسام البعيدة، وتساعد في تحديد غلاف الكوكب الجوي أو رصد وجود الماء فيه أو تحليل تربته. وأشار عالم الفلك في معهد مراصد علوم الفضاء نيستور إسبينوزا إلى أن التحاليل الطيفية للكواكب خارج المنظومة الشمسية كانت حتى اليوم محدودة جدا، مقارنة بقدرات “جيمس ويب” في هذا المجال. المعطيات التي يقدمها جيمس ويب من شأنها أن تجيب على عدد من تساؤلاتنا أبرزها من أين أتت البشرية وقال في شأن التكنولوجيا الحالية “هي أشبه بالتواجد في غرفة مظلمة جدا في ظل عدم وجود سوى ثقب صغير يمكن النظر عبره”. وأتاح التلسكوب الجديد “فتح نافذة ضخمة توفر رؤية التفاصيل الصغيرة كلها”. وتظهر في الصورة التي نشرتها ناسا الآلاف من المجرّات التي تشكّلت بعيد الانفجار العظيم وولادة الكون. وبعد اجتياز هذا المسار بكامله، يمتد الضوء من الطيف المرئي إلى الأشعة تحت الحمراء، وهو طول موجي غير مرئي للعين البشرية، ولكن ليس للتلسكوب جيمس ويب. وقد استهدف التلسكوب في هذه الصورة التي تكشف خبايا بدايات الكون، مجموعة المجرات المسماة SMACS 0723 والتي تعمل كعدسة مكبرة، ما أتاح أيضا الكشف عن أجسام كونية بعيدة جدا تقع خلفها، وهو تأثير يسمى عدسة الجاذبية. وقد التُقطت الصورة المليئة بالتفاصيل إثر مراقبة استمرت اثنتي عشرة ساعة ونصف ساعة. وهي تُظهر الآلاف من المجرات تضم في قلبها الآلاف من الهياكل “التي لم تُرَ سابقاُ البتة”، بحسب وكالة ناسا، لذلك فإن العمل البحثي ابتدأ للتو. وأشارت وكالة ناسا إلى أن “الباحثين سيبدأون قريبا في معرفة المزيد عن كتل هذه المجرات وأعمارها وتاريخها وتركيبها”. وعلق عالم الفلك في جامعة كورنيل جوناثان لونين، قائلاً “لقد بدأت حقبة جديدة في علم الفلك”، واصفا الصورة بأنها “رائعة”. وأضاف “رغم أن هذه الصورة ليست بأي حال من الأحوال أبعد ما يمكن أن يراه التلسكوب جميس ويب (…) فإنها تظهر قوة هذا التلسكوب الرائع من حساسية هائلة، ونطاق واسع من الأطوال الموجية، ووضوح كبير للصورة”. حدث تاريخي حدث تاريخي وسيمكّن نشر المجموعة الكاملة من الصور الخبراء من البدء في تفسير البيانات التي جُمعت باستخدام برامج مخصصة، ما يعطي إشارة البدء لمغامرة علمية رائعة. يتكون قلب التلسكوب جيمس ويب من مرآة مقعرة قطرها ستة أمتار ونصف، تتألف من 18 مرآة سداسية، مصنوعة من البريليوم المعدني النادر، وتم طلاؤها بالذهب للانعكاس الأمثل للأشعة تحت الحمراء القادمة من أعماق الكون. بالإضافة إلى ذلك، تمت إضافة مجسات دقيقة إلى التلسكوب، والتي تخدم بشكل أساسي غرضين هامين هما التقاط صور لأجسام في الفضاء وتحليل الإشعاع باستخدام التحليل الطيفي من أجل فهم الخصائص الفيزيائية والكيميائية للمواد الكونية. نشر الصور يشكل الإطلاق الرسمي للأنشطة العلمية للتلسكوب التي أبقي محتواها سريا لزيادة التشويق وتتم حماية المرآة والمجسات الحساسة من الحرارة بواسطة درع خاص من خمس طبقات، والذي يشبه الشراع، ويمكن تمديده إلى حجم ملعب تنس. ويتكون من أغشية شعر رقيقة مصنوعة من مادة الكابتون، وهي مادة معروفة بمقاومتها للحرارة والبرودة. وهذا هام جدا لأن جانب الدرع المواجه للشمس تصل حرارته إلى 110 درجات والجانب الآخر تصل درجة برودته إلى حوالي 235 درجة تحت الصفر. ويتوفر التلسكوب على أنظمة إمدادات الطاقة والدفع والاتصالات والتوجيه ومعالجة البيانات يبلغ وزنها حوالي وزن حافلة مدرسية. وتمّ وضع التلسكوب في مدار على بعد أكثر من مليون كيلومتر ونصف من الأرض، أي حوالي أربعة أضعاف المسافة التي يبعدها القمر عن الأرض. وبعكس سابقه التلسكوب هابل، لا يدور التلسكوب جيمس ويب حول الأرض، ولكن حول الشمس. واستغرق بناء وتجهيز التلسكوب ما يقرب من شهر للسفر إلى وجهته، والمعروفة باسم نقطة لاغرانج الثانية، وهي نقاط مميزة في ميكانيكا الأجرام السماوية وهي النقاط التي ينعدم عندها تأثير جاذبية جرمين سماوين كبيرين على جسم ثالث في العادة أصغر حجما مما يجعل حركته تتبع حركة الجسمين الكبيرين. وعمل أكثر من عشرة آلاف شخص في الولايات المتحدة وكندا وأوروبا لصنع هذا التلسكوب، وتم رصد ميزانية له تصل إلى حوالي عشرة مليارات دولار من خلال ميزانيات خاصة من ناسا ووكالة الفضاء الكندية ووكالة الفضاء الأوروبية وشارك أيضا في الإشراف التقني معهد ماكس بلانك لعلم الفلك وجامعة كولونيا والعديد من الشركات الألمانية. وبفضل عملية إطلاق ناجحة تولتها شركة “أريان سبايس”، وهي شريكة ناسا في مشروع التلسكوب، سيتمكن جيمس ويب من العمل لعشرين سنة، وهو ضعف ما كان متوقعاً له، على ما قالت نائبة رئيس ناسا بام ميلروي. عوالم أخرى بايدن ينفرد بكشف النقاب عن أسرار الفضاء تشكل الكواكب الخارجية (الكواكب التي تدور حول نجم غير شمسنا) أحد مجالات البحث الرئيسية لجيمس ويب. وقد اكتُشفت حوالي خمسة آلاف منها منذ عام 1995، لكنها لا تزال غامضة للغاية. ويكمن الهدف في دراسة الغلاف الجوي الخاص بها لتحديد ما إذا كان من الممكن تحول بعضها إلى عوالم مواتية لتطور الحياة. وبفضل ملاحظاته في الأشعة تحت الحمراء القريبة والمتوسطة، سيتمكن التلسكوب جيمس ويب من الرؤية عبر سحب الغبار التي لم يكن ممكنا استكشافها بواسطة سلفه تلسكوب هابل الفضائي الشهير، فلهذا التلسكوب الذي تم إطلاقه في عام 1990 ولا يزال قيد التشغيل، قدرة صغيرة لاختراق الأشعة تحت الحمراء، لكنه يعمل بشكل أساسي في الضوء المرئي والأشعة فوق البنفسجية. كما أن الاختلافات الرئيسية الأخرى بين التلسكوبين تكمن في أن المرآة الرئيسية لجيمس ويب أكبر بثلاث مرات تقريباً من مرآة هابل كما يمكنه التنقل لمسافات أبعد بكثير، 1.5 مليون كيلومتر من الأرض، مقابل 600 كيلومتر لهابل. ويمثل نشر الصور الأولى البداية الرسمية للدورة الأولى من المراقبة العلمية للتلسكوب جيمس ويب. وقد اختيرت المئات من مشاريع المراقبة التي اقترحها باحثون من جميع أنحاء العالم، من قبل لجنة من المتخصصين لهذا العام الأول من التشغيل. والتلسكوب مزوّد بكمية من الوقود تخوّله العمل مدى 20 عاما. وعمل في هذا المشروع 20 ألف شخص من حول العالم، ما جعل منه ثمرة تعاون دولي هائل.

مشاركة :