الخرطوم - تزداد الأزمة في السودان تفاقما يوما بعد آخر في ظل عنف قبلي خلف نحو 60 قتيلا في نحو أسبوع واستمرار احتجاجات رفضا للانقلاب العسكري الذي نفذه قائد الجيش عبدالفتاح البرهان في أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي باستبعاده الشركاء المدنيين من الحكم. وتدخلت الشرطة السودانية اليوم الأحد لتفريق محتجين يحاولون الوصول للقصر الرئاسي في الخرطوم، مستخدمة الغاز المسيل للدموع. ومنذ الصباح، انتشرت قوات الأمن في شوارع العاصمة استباقا لدعوات أطلقتها القوى المدنية والثورية للتجمع أمام القصر الرئاسي. وانتشرت القوات العسكرية في العاصمة صباح الأحد ووضعت كتلا خرسانية على الجسور التي تربط العاصمة بضواحيها، بهدف إغلاق الطرق الرئيسية المؤدية إلى مقر الجيش، المكان المعتاد للتظاهرات. ويعد يوم التعبئة هذا اختبارا للجبهة المناهضة للجيش التي أطلقت مواجهة مع السلطة في أوائل يوليو/تموز غداة أشدّ أيام القمع دموية حين قُتل تسعة متظاهرين في 30 يونيو/حزيران. وأعقب ذلك بدء اعتصامات تعهدت الجبهة بأنها ستكون غير محدودة. وخارج العاصمة السودانية، خرج متظاهرون ضد الحكم العسكري بولاية ود مدني التي تبعد 186 كلم جنوب الخرطوم. وقال أحد منظمي التظاهرة ويدعى عمار محمد "قررنا أن تتوجه التظاهرة إلى مستشفى مدني للتبرع بالدم لأشقائنا جرحى القتال القبلي في ولاية النيل الأزرق". ومنذ الانقلاب العسكري الذي نفذه عبد الفتاح البرهان في 25 تشرين الأول/أكتوبر العام الماضي، قُتل 114 متظاهرا، بحسب لجنة أطباء السودان المركزية المناهضة للانقلاب. ويضع المتظاهرون الأحد في مقدمّة شعاراتهم ولاية النيل الأزرق حيث خلّفت اشتباكات قبلية 60 قتيلا وأكثر من 160 جريحا منذ بداية الأسبوع، بحسب آخر إحصاء لوزارة الصحة بالولاية. وأفاد شهود عيان بأن قوات عسكرية انتشرت الأحد في منطقة الرصيرص في النيل الأزرق والتي كانت شهدت أحداث عنف السبت، ما دفع السلطات الأمنية إلى فرض حظر تجول بالمنطقة من الساعة 18:00 إلى الساعة 06:00 بالتوقيت المحلي. كما أصدر حاكم الولاية أحمد العمدة قرارا "بحظر التجمعات والمواكب لمدة شهر" اعتبارا من الجمعة. وكان مسؤول طبي بمستشفى الرصيرص أشار السبت إلى "نفاد أدوات الإسعافات الأولية". وطالبت لجنة أطباء السودان المركزية المؤيدة للديمقراطية "وزارة الصحة الاتحادية بالتدخل العاجل وضرورة فتح جسر جوي مع الولاية لتلبية معينات العمل وإجلاء المرضى الذين يحتاجون إلى خدمات علاجية متقدمة". وكانت اللجنة أشارت في بيان الجمعة إلى أن "هذه الأحداث المؤسفة وقعت وسط صمت مريب وتعتيم إعلامي من قبل حكومة ولاية النيل الأزرق وعجز تام عن القيام بواجبها القانوني ومسؤولياتها الأخلاقية والإنسانية تجاه المواطنين". ويرى مناهضو الانقلاب أن مفتاح حل المشكلة في أيدي العسكريين وحلفائهم من حركات التمرد السابقة، الذين يُتّهمون بمفاقمة التوترات العرقية والقبلية لتحقيق مكاسب شخصية. وكان البرهان أعلن مطلع الشهر الجاري عدم مشاركة المؤسسة العسكرية في الحوار الوطني الذي دعت إليه الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي "لإفساح المجال للقوى السياسية والثورية وتشكيل حكومة من الكفاءات الوطنية المستقلة تتولى إكمال متطلبات الفترة الانتقالية". كما شمل إعلان البرهان أنه "سيتم حل مجلس السيادة وتشكيل مجلس أعلى للقوات المسلحة من القوات المسلحة والدعم السريع لتولي القيادة العليا للقوات النظامية ويكون مسؤولا عن مهام الأمن والدفاع"، بعد تشكيل الحكومة المدنية. إلا أن إعلان البرهان قوبل برفض المتظاهرين وقوى المعارضة. ووصفت قوى الحرية والتغيير، ائتلاف المعارضة الرئيسي في السودان، الإعلان بأنه "مناورة مكشوفة".
مشاركة :