عندما أعلن الرئيس الأميركي جوزيف بايدن عن نيته زيارة المملكة العربية السعودية قفز إلى ذهني فوراً الجملة الشهيرة لسمو ولي العهد في رده على سؤال لصحيفة أميركية حول ما إذا كان الرئيس جو بايدن "أساء فهم شيء ما عنه". قال: "ببساطة لا أهتم". وبعد أشهر قليلة من هذا الرد نرى أن الذي اهتم هو رئيس الولايات المتحدة الأميركية نفسه. أدرك -مبكراً- أن السعودية ليست مدينة لأحد، وجاء معترفاً بأن هذا البلد يملك ثقلاً دولياً يصعب تجاهله، وأن هذه الدولة تدار بعقلية احترافية متقدمة أساسها الاحترام الذي يقوم على الندية في التعامل، وأنها تستطيع أن تقول للعالم كله "لا" وقت ما تشاء. وكمثال صارخ يوضح هذه الندية في التعامل ما صرح به مصدر سعودي مسؤول لقناة العربية حيث قال:" سمو ولي العهد أكد أن كل الدول لديها قيم تتفق عليها وأخرى تختلف حولها، ومحاولة فرض القيم بالقوة لها نتائج عكسية كبيرة كما حدث في العراق وأفغانستان، ولكل دولة قيم مختلفة ويجب احترامها، وعلينا التعايش فيما بيننا رغم الاختلافات". هذه القيادة الواعية والحديثة تقدمت ببلدها اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً بشكل أذهل العالم، فلم تعد ذلك البلد القائم على النفط، بل أصبحت رقماً صعباً في التنافسية العالمية، وفي سنوات قليلة وضعت لنفسها مكاناً بين الكبار، ودخلت مجموعة العشرين، فكان لها هذا الثقل السياسي والدبلوماسي والاقتصادي على مستوى العالم. ولهذا كله أنشأت باقتدار هذه التحالفات الدولية الواسعة في الشرق والغرب. تعرضت إدارة بايدن لانتقادات واسعة على المستوى الشعبي والرسمي، ووصلت شعبية الرئيس إلى مستوى لم تتوقعه أكثر استطلاعات الرأي تشاؤماً، وكان لزاماً عليها أن تستيقظ من غفلتها، وأن تعيد حساباتها مع حلفائها وتحديداً المملكة العربية السعودية، فكانت هذه الزيارة التي جاءت من أجل إعادة بوصلة العلاقات السعودية - الأميركية نحو وجهتها الصحيحة كعلاقة استراتيجية منذ أكثر من ثمانين عاماً، حملت معها الكثير من الدروس للإدارات الأميركية اللاحقة جمهورية كانت أو ديموقراطية. *عضو الجمعية السعودية للعلوم السياسية نايف سعيد العطوي
مشاركة :