احتفت مؤسسة الإمارات للطاقة النووية والشركات التابعة لها بمرور 10 سنوات على بدء تشييد أولى محطات براكة للطاقة النووية السلمية في منطقة الظفرة بإمارة أبوظبي، والتي جعلت من دولة الإمارات العربية المتحدة الأولى في العالم العربي التي تستخدم تكنولوجيا الطاقة النووية في إنتاج الطاقة الكهربائية الصديقة للبيئة. واتبعت دولة الإمارات نهجاً استباقياً للتحديات التي تواجه العالم فيما يخص التغير المناخي وأمن الطاقة، حيث يتضمن هذا النهج الاستثمار على نطاق واسع في الطاقة النووية ومصادر الطاقة الصديقة للبيئة وذلك منذ أكثر من عقد من الزمان. وظهرت نتائج هذا النهج اليوم والتي تمثلت في دعم جهود الدولة الرامية لمواجهة ظاهرة التغير المناخي، إلى جانب توفير فرص تنافسية مميزة للشركات المحلية من خلال الحصول على شهادات الطاقة الصديقة للبيئة، إلى جانب دعم مجالات البحث والتطوير والابتكار. وتم إرساء عقد تطوير محطات براكة في ديسمبر 2009، وبعد ثلاث سنوات تقريباً وتحديداً في يوليو 2012 بدأت أولى الأعمال الإنشائية بصب أول خرسانة في موقع المحطة الأولى، ثم بدأ العمل في تطوير أولى محطات الطاقة النووية في العالم العربي وفق المتطلبات الرقابية المحلية والمعايير العالمية، حيث توالت الإنجازات الرئيسية ومن بينها اكتمال الأعمال الإنشائية للمحطة في الأول من مايو 2017، ليتم تتويج هذه الإنجازات في أبريل 2021 ببدء التشغيل التجاري وإنتاج كهرباء وفيرة وصديقة للبيئة للمنازل وقطاعات الأعمال على مدار الساعة، وذلك للمرة الأولى في دولة الإمارات والعالم العربي، حيث تسهم الكهرباء التي تنتجها المحطة الأولى إلى جانب المحطة الثانية في تسريع خفض البصمة الكربونية لقطاع الطاقة، وذلك في إطار جهود الدولة المتواصلة للوصول إلى الحياد المناخي بحلول عام 2050. رؤية استراتيجية وبهذه المناسبة، قال محمد إبراهيم الحمادي، العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لمؤسسة الإمارات للطاقة النووية: «نحتفي اليوم جميعاً في دولة الإمارات العربية المتحدة بمرور عشر سنوات من الرؤية والتخطيط الاستراتيجي والعمل الجاد والإنجاز، بفضل توجيهات القيادة الرشيدة التي اتخذت قبل عقد من الزمان قرار تطوير أحد أكثر مشاريع الطاقة النووية تقدماً في العالم، والذي سيوفر في السنوات المقبلة ربع احتياجات دولة الإمارات من الكهرباء من دون انبعاثات كربونية، الأمر الذي يسهم في ضمان أمن الطاقة وتحقيق أهداف الحياد المناخي للدولة». وأضاف الحمادي: «إن النهج العلمي والتقني الذي اتبعته دولة الإمارات نجح في تسريع عملية الانتقال إلى مصادر الطاقة الصديقة للبيئة. ومحطات براكة هي البداية فقط، حيث نتطلع إلى تحقيق المزيد من الإنجازات في العقد القادم في مجالات متعددة من تقنيات الطاقة المتقدمة والوقود الصديق للبيئة مثل الهيدروجين الخالي من الانبعاثات الكربونية، والشبكات الإقليمية المتطورة، ونماذج المفاعلات المصغرة، وكذلك تطبيقات الطاقة النووية في قطاعات أوسع». وختم الحمادي بالقول: «لقد ساهم البرنامج النووي السلمي الإماراتي في تطوير وإلهام الآلاف من الكفاءات الإماراتية الذين يقومون بدور محوري في مسيرتنا نحو تحقيق أهداف مبادرة الدولة الاستراتيجية للحياد المناخي. كما أوجه الشكر للجميع على دعمهم لنا خلال العقد الماضي من أجل تحقيق أهدافنا، ونتطلع إلى عقد جديد من التعاون الدولي الوثيق». يذكر أن المحطتين الأولى والثانية في براكة تنتجان الكهرباء بشكل تجاري، بينما ستنضم إليهما المحطة الثالثة في الأشهر المقبلة والتي ستضيف 1400 ميغاواط أخرى من الكهرباء الخالية من الانبعاثات الكربونية لشبكة كهرباء الدولة، بينما وصلت الأعمال الإنشائية في المحطة الرابعة إلى مراحلها النهائية. تطوير البرنامج وقام الآلاف من الكفاءات الإماراتية بدور أساسي في تطوير البرنامج النووي السلمي الإماراتي خلال العقد الماضي، والذين استفادوا من خبراتهم الكبيرة بقطاع النفط والغاز في تطوير محطات براكة، ولا سيما أن مؤسسة الإمارات للطاقة النووية وضعت على رأس أولوياتها استقطاب وتطوير الكفاءات الإماراتية لضمان تشغيل المحطات وفق المتطلبات الرقابية المحلية وأعلى المعايير العالمية، حيث حصل 51 منهم على ترخيص الهيئة الاتحادية للرقابة النووية كمديري تشغيل ومشغلي مفاعلات نووية بينهم 6 فتيات، بينما ينتظر المئات منهم الحصول على ترخيص الهيئة في الفترات المقبلة. وساهم ذلك في تعزيز المعارف والخبرات لدولة الإمارات في هذا القطاع المتقدم، وهو ما ستعم فوائده العديد من القطاعات الأخرى في السنوات المقبلة، مثل الطب والزراعة واستكشاف الفضاء. وتعد محطات براكة أول مشروع للطاقة النووية السلمية متعدد المحطات في مرحلة التشغيل في العالم العربي. كما تُعد محطات براكة ركيزة أساسية للتنمية المستدامة، حيث توفر وظائف مجزية وتحفز نمو القطاعات الصناعية المحلية، إلى جانب توفير فوائد بيئية كبيرة اليوم وعلى مدى الستين عاماً القادمة وما بعدها، من خلال تطوير مصدر آمن وموثوق للكهرباء الصديقة للبيئة على مدار الساعة، وتسريع خفض البصمة الكربونية لقطاع الطاقة في الدولة. وعند التشغيل الكامل ستحد محطات براكة الأربع سنوياً من 22.4 مليون طن من الانبعاثات الكربونية التي تعد المسبب الرئيسي للتغير المناخي. وعلى مدار السنوات العشر الماضية، التزمت مؤسسة الإمارات للطاقة النووية بالركائز الأساسية لسياسة الدولة للطاقة النووية الخاصة بتطبيق أعلى المعايير العالمية الخاصة بالسلامة والجودة والشفافية وعدم الانتشار. ونتيجة لذلك، وبعد مراجعات شاملة من الوكالة الدولية للطاقة الذرية والرابطة العالمية للمشغلين النوويين، حصلت محطات براكة على تقدير دولي مميز جراء هذا الالتزام الذي سيبقى طيلة عمر البرنامج النووي السلمي الإماراتي.
مشاركة :