يلاحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كل من تسول له نفسه انتقاد الغزو الروسي لأوكرانيا، فيسجن البعض منهم وينسب تهما للآخرين بتشويه صورة الجيش الروسي لثنيهم عن توجيه سهام النقد اللاذع ضد سياسته. وآخر المعتقلين كانت الصحافية الروسية مارينا أوفسيانيوكوفا التي أفرج عنها الاثنين، بعد اعتقالها الأحد بسبب احتجاجها مجددا على حرب أوكرانيا. وكتبت الصحافية عبر موقع فيسبوك “أنا في المنزل. كل شيء على ما يرام. بت أدرك الآن أنه من الأفضل الخروج من المنزل مع جواز سفر وحقيبة”. وقال محاميها دميتري زاخفاتوف إن موكلته أوقفت للاشتباه في أنها “شوهت سمعة الجيش” خلال توليها الكلام أمام محكمة في موسكو، توجهت إليها الأسبوع الماضي لمساندة المعارض إيليا إياشين المسجون لانتقاده الهجوم الروسي في أوكرانيا. ◙ المادة 29 من الدستور الروسي تنصّ على أن "حرية الإعلام مضمونة، والرقابة محظورة" لكن تقارير تؤكد أن روسيا تفرض سيطرة تامة على المجتمع المدني من خلال التنفيذ الانتقائي للقانون واعتمدت هذه التهمة بعد بدء التدخل العسكري الروسي في أوكرانيا، وقد تؤدي إلى فرض عقوبة بالسجن قاسية. وحتى الساعة لم تعلن السلطات فتح تحقيق جنائي في حق الصحافية. وكانت أوفسيانيوكوفا طالبت على الهواء، في مرة سابقة، عبر أحد أكثر البرامج مشاهدة في روسيا، بوقف الحرب الأوكرانية. ولفتت القضية الانتباه الدولي وأثارت القلق بشأن حرية الصحافة في روسيا، بعد قرار الرئيس فلاديمير بوتين إرسال قواته لغزو أوكرانيا. وأظهرت صور نشرت على قناة أوفسيانيوكوفا على تطبيق تليغرام الأحد رجال الشرطة وهم يضعونها داخل حافلة صغيرة (ميني باص) تابعة للشرطة. وتردد أنها نقلت إلى مركز شرطة كرازنوسيلسكي في العاصمة موسكو. وكانت أوفسيانيوكوفا نشرت صورا لها الجمعة الماضي وهي تقف بالقرب من الكرملين وقد رفعت لافتة كتب عليها “بوتين قاتل”. وأشارت اللافتة إلى أنه جرى قتل 352 طفلا في أوكرانيا، وتبع ذلك سؤال مفاده “كم من الأطفال يجب أن يقتلوا حتى تتوقف؟”. ولم يتضح على الفور متى تم التقاط هذه الصور، أو كم من الوقت تمكنت أوفسيانيوكوفا من الوقوف على شاطئ نهر موسكفا، حيث عادة ما تقمع الشرطة هذه الاحتجاجات خلال دقائق. يشار إلى أن أوفسيانيوكوفا كانت موظفة بالتلفزيون الرسمي الروسي على مدار سنوات، وكانت تعتبر موالية للكرملين. وفي شهر مارس الماضي، عقب انطلاق الغزو الروسي للأراضي الأوكرانية في الرابع والعشرين من فبراير، قطعت البث التلفزيوني للقناة التي تعمل بها، ورفعت لافتة كتب عليها “أوقفوا الحرب. لا تصدقوا الدعاية. إنهم يكذبون عليكم”. ◙ التهمة اعتمدت بعد بدء التدخل العسكري الروسي في أوكرانيا في فبراير، وقد تؤدي إلى فرض عقوبة قاسية بالسجن وذاع صيتها كبطلة في أنحاء العالم عقب حادثة الاحتجاج، ولكنها واجهت استجوابات وغرامات باهظة في روسيا. يذكر أن المادة 29 من الدستور الروسي تنصّ على أن “حرية الإعلام مضمونة، والرقابة محظورة”، لكن تقارير منظمة هيومن رايتس ووتش تؤكد أن الحكومة الروسية تفرض سيطرة تامة على المجتمع المدني من خلال التنفيذ الانتقائي للقانون، وتقييد حرية الإعلام ومضايقة النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان. ويتخذ النظام الروسي من التجسس والخيانة ذريعة لملاحقة واعتقال الصحافيين، وارتفعت وتيرة قضايا التجسس والخيانة التي تنظر فيها المحاكم الروسية بشكل ملحوظ منذ عام 2014، وذلك بعد أن أصبحت علاقات روسيا مع الغرب عدائية بشكل علني إثر ضم روسيا لشبه جزيرة القرم. وجاء الغزو الروسي لأوكرانيا ليدق المسمار الأخير في نعش الإعلام المستقل في روسيا، حيث شنت السلطات حملة تطهير كبيرة في المشهد الإعلامي لإسكات آخر وسائل الإعلام المستقلة، حتى تلك التي كان يعتقد أن شعبيتها تحميها.
مشاركة :