يوم استثنائي لدولة الإمارات، 20 يوليو 2020، لامست الدولة بطموحاتها الفضاء، وأثبتت للقاصي والداني، أن كلمة المستحيل لا صمود لها أمام الإرادة والإصرار. ففي مثل هذا اليوم، احتفلت دولة الإنجازات واللامستحيل، بإطلاق مسبار الأمل إلى المريخ، في أول مهمة فضائية عربية لاستكشاف الكواكب، انطلق من مركز «تانيغاشيما» للفضاء في اليابان، نحو مرحلة جديدة من السمو والتقدم، حاملاً معه جهد حصيلة سنوات من الحلم والعمل المتواصل لفريق عمل المسبار، معيداً للعرب أمجادهم الاستكشافية، وأسبقيتهم في ذلك. رحلة معرفية اليوم يكمل مسبار الأمل عامه الثاني في رحلته المعرفية، رحلة مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ «مسبار الأمل»، والتي قد بدأت فعلياً كفكرة قبل 8 سنوات، من خلال خلوة وزارية استثنائية، دعا لها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، في جزيرة صير بني ياس في أواخر عام 2013. حيث قاد سموه عصفاً فكرياً مع أعضاء مجلس الوزراء، وعدد من المسؤولين، استعرض فيه معهم جملة أفكار للاحتفال باليوبيل الذهبي لقيام الاتحاد، وقد تبنت الخلوة يومها فكرة إرسال مهمة لاستكشاف المريخ، كمشروع جريء، ومساهمة إماراتية في التقدم العلمي للبشرية، بشكل غير مسبوق. تحولت هذه الفكرة إلى واقع، عندما أصدر المغفور له، الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، طيب الله ثراه، في عام 2014، مرسوماً بتأسيس وكالة الإمارات للفضاء، لبدء العمل على مشروع إرسال أول مسبار عربي إلى كوكب المريخ، أُطلق عليه اسم «مسبار الأمل»، بحيث يتولى مركز محمد بن راشد للفضاء، التنفيذ والإشراف على مراحل تصميم المسبار وتنفيذه، بينما تمول الوكالة المشروع، وتشرف على الإجراءات اللازمة لتنفيذه. مهمة وطنية وعلى مدى أكثر من 6 سنوات من العمل على «مسبار الأمل»، تصميماً وتنفيذاً وبناء من الصفر، شهد المشروع تحديات كثيرة، شكل تخطيها قيمة مضافة له. وكان أول هذه التحديات إنجاز المهمة الوطنية التاريخية لتصميم وتطوير المسبار خلال 6 سنوات، حتى يتزامن وصوله مع احتفالات الدولة بيومها الوطني الخمسين، في حين أن المهام الفضائية المثيلة، يستغرق تنفيذها ما بين 10 أعوام إلى 12 عاماً، حيث نجح فريق مسبار الأمل من كوادر وطنية عالية الكفاءة في هذا التحدي، محولين الدعم اللامحدود من القيادة الرشيدة، إلى حافز إضافي، دفعهم لبذل المزيد من الجهد. «مسبار الأمل» لم يكن مشروعاً إماراتياً وحسب، بل هو أول مشروع عربي لاستكشاف الكواكب الأخرى، رسالة أمل لكل شعوب المنطقة لإحياء التاريخ الزاخر بالإنجازات العربية في العلوم، ويجسد طموح دولة الإمارات، وسعي قيادتها المستمر إلى تحدي المستحيل وتخطيه، وترسيخ هذا التوجه قيمة راسخة في هوية الدولة، وثقافة أبنائها، كما يعد مساهمة إماراتية في بناء مستقبل واعد للإنسانية. 200 مهندس استغرقت رحلة مسبار الأمل إلى المريخ سبعة أشهر، وتزامن دخوله مدار الكوكب الأحمر في فبراير 2021، بالتزامن مع مرور خمسين عاماً على قيام اتحاد دولة الإمارات، وقد تمت عملية إطلاق مسبار الأمل بعد تأجيل لمرتين، بسبب عدم استقرار الأحوال الجوية في اليابان، ليتم اختيار فجر 20 يوليو، والذي كان موعداً مثالياً للمضي قدماً في العملية، وذلك قبل إغلاق نافذة الإغلاق المتاحة حتى 3 أغسطس 2020. وكان انفصال المسبار عن الصاروخ، خطوة نوعية مهمة، ضمن جهود فريق عمل كبير، يضم أكثر من 200 مهندس ومهندسة من الكوادر الإماراتية المؤهلة، وخلال الشهور الثلاثة الأخيرة، توزع فريق المسبار الذي يمثل وكالة الإمارات للفضاء، ومركز محمد بن راشد للفضاء، بين مركز الإطلاق باليابان، ومحطة التحكم الأرضية بالخوانيج في دبي. حيث استطاع الفريق أن ينجز كافة الاختبارات النهائية، والمتابعات العلمية ذات الصلة بالمسبار في الوقت المحدد، مع تسارع العمل على المشروع في الشهور الأخيرة، للتغلب على التحديات الفنية واللوجستية التي فرضها وباء فيروس «كورونا» المستجد (كوفيد 19) في العالم. 3 أجهزة ويحمل مسبار الأمل ثلاثة أجهزة، هي: كاميرا الاستكشاف Emirates Exploration Imager [EXI]: وهي كاميرا رقمية، تلتقط صوراً للمريخ بدقة عالية، وتقوم بقياس الجليد والأوزون في الطبقة السفلى من الغلاف الجوي، باستخدام حزم الأشعة فوق البنفسجية، والمقياس الطيفي بالأشعة تحت الحمراء EMIRS. ويستخدم لقياس التوزع العام للغبار، وسحب الجليد، وبخار الماء في الطبقة السفلى من الغلاف الجوي المريخي، وتم تحسين هذا الجهاز لالتقاط العوامل الديناميكية المتكاملة في الطبقة السفلى الوسطى من الغلاف الجوي فوق نصف الكرة المريخية. بالإضافة إلى المقياس الطيفي بالأشعة فوق البنفسجية EMUS، الذي يقوم بقياس الأكسجين وأول أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، وتنوع الهيدروجين والأكسجين في الطبقة العليا من الغلاف الجوي للكوكب الأحمر. وانفصل مسبار الأمل عن صاروخ الإطلاق بنجاح، وتم استقبال أول إشارة من المسبار في مركز التحكم بالخوانيج، كما تلقى المسبار أول أمر من محطة التحكم الأرضية بالخوانيج، بفتح الألواح الشمسية، وتشغيل أنظمة الملاحة الفضائية، وإطلاق أنظمة الدفع الصاروخي، ليشكل ذلك فعلياً بداية رحلة المسبار إلى الكوكب الأحمر. والتي استمرت 7 أشهر، قطع خلالها مسافة 493 مليون كيلومتر، قبل أن ينتظم في مداره حول المريخ في الربع الأول من عام 2021، بالتزامن مع احتفال دولة الإمارات باليوبيل الذهبي لقيامها. ظروف مناخية وسوف يظل المسبار في مدار المريخ سنة مريخية، وهو ما يعادل 687 يوماً، حيث سيقوم بمهمة علمية، هي الأولى من نوعها في العالم، من خلال توفيره صورة شاملة عن الظروف المناخية على كوكب المريخ على مدار العام، إلى جانب بحث أسباب تلاشي الطبقة العليا للغلاف الجوي للمريخ. واستقصاء العلاقة بين طبقات الغلاف الجوي، الدنيا والعليا على كوكب المريخ، ومراقبة الظواهر الجوية على سطح المريخ، من بينها رصد العواصف الغبارية، وتغيرات درجات الحرارة، والكشف عن الأسباب الكامنة وراء تآكل سطح المريخ، والبحث عن أي علاقات تربط بين الطقس الحالي، والظروف المناخية قديماً للكوكب الأحمر. مساهمات علمية قدم «مسبار الأمل»، منذ وصوله إلى مدار كوكب المريخ، مساهمات علمية غير مسبوقة، ومعلومات هي الأولى من نوعها حول الغلاف الجوي للكوكب الأحمر في أوقات مختلفة، حيث أرسل في اليوم السادس من الوصول، أولى صوره للكوكب الأحمر، التي التقطت عند شروق الشمس. وأظهرت بركان «أوليمبوس مؤنس»، الذي يعد أكبر بركان على كوكب المريخ، وأكبر بركان في المجموعة الشمسية، كما رصد ظاهرة فريدة، لم يسبق رؤيتها، أطلق عليها فريق العمل اسم «الشفق المنفصل المتعرج»، والتي تفتح آفاقاً جديدة للتعمق بدراسة بيئة البلازما ذات الديناميكية العالية في المريخ. › المسبار رسالة إلى شعوب المنطقة لإحياء التاريخ الزاخر بالإنجازات العربية في العلوم › يجسد تطلعات الدولة وسعي قيادتها المستمر إلى تحدي المستحيل › الإطلاق شكل أول مهمة فضائية عربية لاستكشاف الكواكب › دعم القيادة حافز لفريق الإنجاز من الكوادر الوطنية عالية الكفاءة إلى بذل المزيد من الجهد تابعوا أخبار الإمارات من البيان عبر غوغل نيوز طباعة Email فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App
مشاركة :