إن كنت طالبا أو متخصصا في المعلوماتية، فليس من المستغرب أن تكون معتادا على تلقي مختلف الأسئلة عن طبيعة التخصص والدور الذي يلعبه في القطاع. ولكم كنت أتلعثم في بداية دراستي للتخصص محاولا الإجابة على تلك الأسئلة في اللقاءات المهنية والمناسبات العامة.ومرد ذاك الارتباك، أن تعريف المعلوماتية - كان وما زال - يشوبه بعض الضبابية الناتجة عن وجود أكثر من تعريف للتخصص من قبل منظمات عدة.وبما أن الحكم على الشيء فرع عن تصوره، فأعتقد أنه من الواجب إفراد مقالة تساهم في بناء تصور مشترك يزيد من ترابط مخرجات التعليم واحتياج سوق العمل في المملكة بما لا يخالف المفهوم السائد عالميا عن التخصص.لذا، لن أخوض في التعاريف النظرية عن التخصص وتبيان الفروقات بينها، وسأكتفي بما بدأ يجمع عليه قادة التخصص. ففي عام 2013، عرفت الورقة المرجعية من (الجمعية الأمريكية للمعلوماتية الطبية) المعلوماتية بأنها «التخصص البيني الذي يدرس الاستخدام الأمثل للبيانات والمعلومات والمعرفة الطبية الحيوية من أجل البحث العلمي وحل المشكلات واتخاذ القرار، وذلك بدافع تحسين صحة الإنسان».وتشير ذات الجمعية في الشهادة المهنية لممارس المعلوماتية الصحية (AHIC) بأن هناك خمسة نطاقات معرفية على ممارس المعلوماتية الإحاطة بها، وهي على النحو التالي:1 - المعلومات التأسيسية، وتتضمن معرفة المبادئ والمهارات الأساسية للمعلوماتية وارتباطها بالممارسة المهنية.2 - دعم الإجراءات والمخرجات واتخاذ القرار الطبي، وتتضمن معرفة الإجراءات اللازمة لدعم اتخاذ القرار الطبي وتحسين المخرجات على مستوى المنشأة الصحية ومؤسسات الصحة العامة.3 - أنظمة المعلومات الصحية، وتتضمن معرفة المهارات الأساسية التي تضمن استيفاء أنظمة المعلومات الصحية لاحتياج المريض والممارس والمنشأة ومؤسسات الصحة العامة.4 - حوكمة وإدارة وتحليل البيانات، وتتضمن معرفة المهارات والمبادئ لضمان جودة وتحليل البيانات لدعم الإجراءات وتحسين الأداء على مستوى المنشأة ومؤسسات الصحة العامة.5- القيادة، المهنية، الاستراتيجية، والتحول، وتتضمن معرفة المهارات والمبادئ لقيادة تطوير وتطبيق الخطط والاستراتيجيات والسياسات لتقوية النظام الصحي ومؤسسات الصحة العامة.وبالنظر إلى أهم المقررات في المعلوماتية الصحية من التصنيف السعودي الموحد للمستويات والتخصصات التعليمية 2020، فيظهر أن التقاطع بين النطاق المعرفي العالمي المختار وأهم المقررات محليا يكمن في نطاقي «دعم اتخاذ القرار الطبي» و»تحليل البيانات في القطاع الصحي»، ويزيد المحلي على العالمي بالتركيز على «الإحصاء وعلم الوبائيات» وكذلك «تقنية وسياسات أمن المعلومات».وعلى الرغم من اعتقادي بأهمية الإحاطة بجميع ما ذكر من نطاقات معرفية في التخصص، إلا أني أميل من وجهة نظر شخصية مبنية على الممارسة الحالية واستقراء احتياج القطاع الصحي المستقبلي في المملكة، بأن الانطلاق في رحلة تعلم المعلوماتية وإنشاء برامج التدريب للتخصص يجب أن يكون على مسارين، يتشاركان كلاهما فيما اتفقت عليه التعاريف من نطاق تحليل البيانات ونطاق دعم اتخاذ القرار، ويتباينان بتركيز أحدهما على علم الإحصاء والأوبئة والصحة العامة، ويركز المسار الآخر على أنظمة المعلومات الصحية والأتمتة في المستشفيات.وهذا ما أعتقده حتى لحظة كتابة هذا المقال.Alzeer_A_H@
مشاركة :