نظمت وزارة الثقافة مساء الإثنين ندوة في متحف الشهيد ياسر عرفات بمدينة رام الله، حول “الرواية في السينما العربية؛ غسان نموذجا”، ضمن فعاليات ملتقى فلسطين الخامس للرواية العربية في يومه الأول. وشارك في الندوة المخرجان محمد بكري ووفاء جميل، وأدارها المخرج يحيى بركات، فيما تعذر حضور كل من القاص والروائي والمسرحي مفلح العدوان من الأردن والروائية والباحثة والمترجمة سهير المصادفة من مصر والفنان عبدالمنعم عمايري من سوريا، بسبب رفض سلطات الاحتلال الإسرائيلي منحهم تصاريح لدخول فلسطين. قصص صورية محمد بكري: عظمة غسان تتجلى في صورية القصص، فهو سينمائي، وصوره بصرية جدا وتحدث بركات عن غسان كنفاني وأهمية أعماله الأدبية والسياسية ودورها في إيقاد شعلة الثورة في نفوس الجمهور الفلسطيني، مضيفا “من المهم أن تكون هناك جهة رسمية فلسطينية تعتني بالسينما الفلسطينية كي لا تضيع المشاريع البصرية التي يجب أن نستغلها في الحفاظ على هويتنا الفلسطينية التي تُدعم من الرواية والقصة والأدب الفلسطيني عموما”. بدوره قال بكري “ما يميز غسان حقا أنه يتحدث عن جميع الشعب الفلسطيني؛ لذلك هو روائي عظيم، لأن جميع جمهوره من الفلسطينيين يشعر بأن غسانا يتحدث باسمه، ويتحدث عنه، سواء أكان لاجئا في فلسطين أو في الشتات، أو أسيرا، أو ابنا لشهيد أو غير ذلك. وإننا لمثل هذا السبب لا تقف الجغرافيا حدا فاصلا أمام الفلسطينيين؛ لأن السيكولوجية واحدة، والقصص التي سمعناها واحدة، وهي في الأساس قصة واحدة، والمجتمع كله عبارة عن شخص واحد يمثله غسان كنفاني”. وأضاف “لدي خمسة سيناريوهات جاهزة عن غسان كنفاني، تحتاج إلى ميزانيات ووضع خطط مهمة لإنتاجها، وبالتأكيد سنعمل على ذلك؛ وهذا حلمي في الحقيقة، أن أخرج خمس قصص لغسان كنفاني وأصنع منها فيلما روائيا طويلا من خلال رابط يجمعها كلها”. وتابع “عظمة غسان تتجلى في صورية القصص، فهو سينمائي، وصوره بصرية جدا؛ لذلك فإن كتاب السيناريوهات ليسوا بحاجة إلى معجزة وإلى خيال كبير لكتابة سيناريو عن قصة لغسان، لأن قصصه تُكتب بتفصيل سيناريوهي يدخل في أصغر التفاصيل السيكولوجية فضلا عن البصرية”. واختتم مداخلته قائلا “غسان قُتل لأنه أبدع في التعبير عنا، إنهم لا يريدون أن يسمعوا أي شيء ينافي قصتهم وكذبتهم”. وقد اعتمدت السينما وما زالت تعتمد في قسم كبير من أفلامها (لا يقل عن الثلث) على أعمال أدبية أو كتب منشورة تستند بالطبع إلى الكلمة المكتوبة مثل كتب المذكرات والسير الذاتية، وقد ارتبطت السينما بالأدب منذ ظهور الفيلم الناطق حتى يومنا هذا. يحيى بركات: من المهم أن تكون هناك جهة رسمية فلسطينية تعتني بالسينما الفلسطينية كي لا تضيع المشاريع البصرية واقتبست السينما الكثير من الحيل المستخدمة في الأدب مثل التشبيهات والاستعارات والمقارنات والتعبير عن المشاعر الغامضة الملتبسة من خلال تداخل الصور واستخدام لقطات دخيلة (متخيلة) أحيانا تأتي من خارج المكان والزمان أي تكسر وحدة الزمان والمتن والحدث (التقاليد الأرسطية التي حددها أرسطو في كتابه “الشعر” وهو في الحقيقة عن المسرح). وهناك الكثير من الكتاب العرب الذين كتبوا أعمالهم بنفس سينمائي ما جعل تحويلها إلى أفلام ممكنا بل ويحقق التكامل بين النص المكتوب والصورة، وغسان كنفاني من هؤلاء، وهو ما يبرز جليا من خلال روايته “رجال في الشمس” التي تحولت إلى فيلم سينمائي وإلى عمل مسرحي. أهمية السينما من ناحيتها أكدت المخرجة وفاء جميل على “الأهمية الكبيرة التي يشغلها غسان كنفاني في الحيز الفلسطيني والعربي والعالمي الحر عموما، وذلك نابع من كونه ملما وفنانا كاملا كتب في الرواية والقصة والسياسة، وجيّش الأقلام لمصلحة القضية الفلسطينية، فغسان لم يكن قاصا فقط، أو روائيا فحسب، أو سياسيا محضا، بل كان جميع ذلك، لقد كان الكل في شخص واحد؛ لذلك هو يستحق منا متابعة مهمة”. بدوره قال مدير عام الآداب والنشر والمكتبات في وزارة الثقافة عبدالسلام عطاري “نحن نرحب ونشجع دوما فكرة الإنتاج البصري للمقروءات، إضافة إلى الإنتاج والإخراج البصري لموروثنا الفلسطيني الثقافي، وبخاصة في عصر التطور والانفتاح الثقافي الحالي والعصر التكنولوجي الراهن الذي يمكننا أن نستغله من أجل التذكير دوما بقضيتنا وأصولنا وجذورنا الفلسطينية”. وأضاف “أنا مع دق جدران الخزان، أن تدق الكتيبة الفنية خزان كنفاني، فنحن نملك مخزونا روائيا كبيرا يعبر عن مأساتنا وأفراحنا، لكن لا تستطيع وزارة الثقافة وحدها القيام بهذا المشروع، بل يجب أيضا أن تكون هناك شركة وطنية سينمائية، وهذه مناسبة مهمة لطرح الموضوع خاصة بعد جهود الحكومة وإقرارها برنامج الرواية الفلسطينية، أن تكون هناك أعمال بصرية نحن بحاجة ماسة إليها، بعيدا عن الإفراط المقروء والمسموع أيضا عن روايتنا”. ويذكر أن الملتقى افتتح بندوة جاءت تحت عنوان “مفهوم الهوية في الرواية العربية” ونظمتها وزارة الثقافة الفلسطينية بالتعاون مع جامعة النجاح الوطنية في مدينة نابلس. وناقشت الندوة الهوية الفلسطينية والعربية وإشكالاتها، والقضايا الجوهرية المتعلقة بالهوية الفردية والجماعية في السياق الفلسطيني وعلاقته بالاحتلال، والهوية العربية وما تعانيه في ضوء الظُروف السياسية والاجتماعية في مختلف الدول العربية.
مشاركة :