مصدر فرنسي لـ {الشرق الأوسط}: لا نريد أن تتحول ليبيا إلى ميدان للداعشيين قبالة سواحلنا

  • 12/24/2015
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

لعل أوضح كلام فرنسي عن الحاجة لعمل عسكري في ليبيا جاء على لسان رئيس الحكومة مانويل فالس الذي أعلن في 11 الشهر الحالي ما يلي: «نحن في حالة حرب ولدينا عدو اسمه (داعش) وعلينا أن نحاربه ونقضي عليه في العراق وسوريا وغدا بلا شك في ليبيا». وما قاله فالس بلغة مباشرة، عبر عنه وزير الخارجية لوران فابيوس أول من أمس في اتصال هاتفي برئيس حكومة الاتحاد الوطني فايز السراج. وجاء في بيان لوزارة الخارجية أن فرنسا تقف إلى جانب الشعب الليبي للتغلب على التحديات التي تواجهها البلاد بدءا بتوفير الأمن في العاصمة والعودة إلى الاستقرار والحرب على الإرهاب. وما يقوله رئيس الحكومة ووزير الخارجية تشدد عليه المصادر الدفاعية الفرنسية منذ شهور وهي تنظر بقلق لما يجري في الشريط الساحلي المتوسطي في ليبيا وتمدد «داعش» على عدة مئات من الكيلومترات وسيطرتها على مدينة سرت مسقط رأس العقيد القذافي. من جانبه، نبه وزير الدفاع جان إيف لودريان مؤخرا من أن «داعش» أخذ يمد سيطرته باتجاه الداخل والخوف، وفق الوزير الفرنسي، من أن يتمكن من التواصل مع الجماعات المتطرفة أو الإرهابية في بلدان الساحل «بفضل» تدفق جهاديين أجانب يتكاثر عددهم يوما بعد يوم، نظرا للضغوط العسكرية الكبيرة التي يتعرض لها «داعش» في سوريا والعراق. ويلخص مصدر فرنسي مخاوف بلاده بجملة واحدة: «لا نريد أن تتحول ليبيا إلى قطب جاذب للمتطرفين أو إلى ميدان الجهاد المفضل للداعشيين على بعد مئات الأميال فقط من الشواطئ الأوروبية». وأفادت صحيفة «لو فيغارو» اليمينية في عددها الصادر أمس أن لودريان أبلغ مجلس الدفاع المصغر برئاسة فرنسوا هولاند أن طلعات قامت بها الطائرات الفرنسية أكدت وجود مخيم تدريب لمتطرفين فرنسيين قائم على بعد 250 كلم جنوب العاصمة طرابلس. إزاء هذا الواقع، ترى باريس أن ليبيا لن تستطيع الخروج بنفسها من الحالة الإرهابية التي تواجهها خصوصا في ظل الانقسامات التي تعاني منها والتناحرات السياسية والقبلية والصراع على الموارد. كذلك، فإنها تعتبر أن الحكومة الجديدة ستواجه صعوبات سياسية بالغة بالنظر إلى الرفض الذي تلاقيه من بعض أطراف الحكومتين والبرلمانين القائمين حاليا في طرابلس وطبرق ومن تفتت النسيج السياسي وتناحر الميليشيات ورفضها عودة الدولة. وقبل العمل العسكري، تعتبر باريس أنه يتعين توفير الدعم السياسي المباشر للحكومة للمبعوث الدولي مارتن كوبلر حتى تنجح رعاية ولادة الحكومة وتمكينها من الاستقرار في طرابلس وتوفير الحماية لها داخليا وخارجيا وهو الأمر الذي أشار إليه الوزير فابيوس خلال اتصاله المشار إليه مع السراج. يعود القلق الفرنسي بالدرجة الأولى إلى الخوف من تسلل الجهاديين مع المهاجرين أو اللاجئين الذين يمرون عبر الأراضي والموانئ الليبية. وجاء عثور الأجهزة الأمنية الفرنسية على بطاقتي هوية سوريتين مسروقتين قرب جثتي انتحاريين فجرا نفسيهما ليلة الثالث عشر من نوفمبر (تشرين الثاني)، الماضي ليضاعف قلق السلطات من عودة الجهاديين المحليين إلى فرنسا بين صفوف اللاجئين أو وصول إرهابيين جدد منتحلين صفة لاجئين. لكن خوف باريس قائم أيضا من زعزعة استقرار بلدان المغرب العربي وعلى رأسها تونس وعلى أمن بلدان الساحل. وينتاب باريس القلق من تسرب «داعش» باتجاه الجنوب وإقامة التواصل مع بوكو حرام الناشطة خصوصا في نيجيريا. تقول «لو فيغارو»: إن العمل العسكري نقلا عن مصادرها أن العمل العسكري يفترض أن يتم خلال ستة أشهر، وربما حصل قبل ذلك في الربيع القادم، مما يدل على أنه ليس هناك قرار جدي متخذ، خصوصا أن أيا من البلدان التي يمكن أن تشارك فيه لن تقوم بذلك منفردة، وهو شرط فرنسي رئيسي. أما الشرطان الآخران فهما قيام حكومة اتحاد وطني تطلب رسميا المساعدة العسكرية من الأمم المتحدة أو مباشرة من الدول الغربية القادرة والراغبة في التدخل وصدور قرار عن مجلس الأمن الدولي يسمح بشكل لا لبس فيه بالتدخل العسكري لتجنب الجدل الذي ثار سابقا عندما أرسلت فرنسا وبريطانيا ولاحقا الولايات المتحدة الأميركية طائراتها فوق بنغازي استنادا إلى قرارين دوليين غامضين. وحتى الآن، تبدو إيطاليا الأكثر استعدادا للعب دور «ريادي» في ليبيا تليها بالطبع فرنسا وبريطانيا. أما الولايات المتحدة الأميركية فما زال موقفها غير واضح. بيد أن المصادر الفرنسية تريد أن تلعب دول المنطقة دورا حقيقيا من أجل دمجها في عملية إنقاذ ليبيا من براثن الفوضى والإرهاب ومن أجل انخراطها في الجهد الجماعي الدبلوماسي والسياسي والعسكري. وتبدو مصر الأكثر تأهيلا للعب دور عسكري بسبب ثقلها في المنطقة وقدراتها البشرية والعسكرية. أما بالنسبة لفرنسا الضالعة في أكثر من مواجهة في أفريقيا والشرق الأوسط، فإن إمكانياتها العسكرية محدودة وبالتالي فإن دورها سيكون وفق ما تستطيع توفيره من قدرات.

مشاركة :