معايير الإفراج عن المحبوسين تُلغم الحوار الوطني في مصر

  • 7/22/2022
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

هيمنت قضية الإفراج عن المعتقلين على ذمة قضايا رأي على أعمال الجلسة الثانية لمجلس أمناء الحوار الوطني في مصر، وما أعقبها من تصاعد ضغوط المعارضة لإطلاق سراح المحبوسين قبل انطلاق الجلسات العامة قريبا. ويتنافى هذا التصور الذي زاد تفاعله داخل صفوف الكثير من القوى السياسية مع اتجاه الجهات القضائية والأمنية نحو دراسة الحالات المطلوب الإفراج عنها بصورة عملية وفردية والحاجة إلى المزيد من الوقت للإفراج عن دفعات جديدة الأيام المقبلة. وتعد إشكالية معايير الإفراج عن المحبوسين من أبرز الملفات التي يمكن أن تُلغم الحوار الوطني عقب انطلاقه فعليا، وربما تقود إلى تعقيد المشهد إذا لم يتم الاتفاق على آليات محددة لإطلاق سراح شخصيات سياسية معارضة ونشطاء شباب. وكشفت الجلسة الثانية للحوار الوطني عن تباين كبير بين رغبة قوى في المعارضة تقديم عربون سياسي لحسن النوايا قبل الجلوس في الحوار، وبين اتجاه الحكومة لتمضي قدما في تنفيذ تعهداتها دون أن تمثل هذه الورقة ضغطا سياسيا عليها. وناشد المنسق العام للحوار الوطني ضياء رشوان في مؤتمر صحافي الثلاثاء الرئيس عبدالفتاح السيسي لاستكمال قرارات العفو الرئاسي "عمن لا يقترف دما ولم يحرّض ولم يخرّب بإجماع آراء مجلس الأمناء". وتسعى دوائر حكومية للسير في طريق الإفراج عن سجناء الرأي من دون أن تظهر كطرف مضطر لتقديم تنازلات، وترى أن هيبة الجهات القضائية والعدلية لا بد أن تكون مسبقة على أي أهداف سياسية. طارق العوضي: لا بد من التعامل مع ملف المحبوسين بما يحقق أهدافه وتخشى هذه الدوائر أيضا من تحول العفو الرئاسي أو إطلاق سراح المحبوسين احتياطيا إلى أداة ضغط على القضاء والتدخل في شؤونه بما يحدث تأثيرات سلبية على الثقة الدولية والمحلية في الأحكام الصادرة أو إجراءات التقاضي المختلفة. وتسبب عدم وضوح أدوار لجنة العفو الرئاسي واختصاصها كهيئة مشكلة بقرار من رئيس الجمهورية في إثارة المزيد من الجدل حول أدوارها في عملية الإفراجات. كما أن حالة التماهي بين مسماها الذي يشير إلى مساهمتها في إطلاق سراح ممن صدرت بحقهم أحكام قضائية وبين دورها في الإفراج عن المحبوسين احتياطيا كانت سببا في تدخل أجهزة حكومية لتوضيح طبيعة خطوات صدور قرارات العفو. ويحدث العفو بعد صدور أحكام قضائية، ولا يوجد في القانون المصري عفو عن محبوس احتياطي، ويترك أمره للنيابة العامة أو المحكمة، وللعفو الرئاسي أحكام دستورية وقانونية يجب الخضوع لها، ويكون بعرض ملف المحبوس على رئاسة الجمهورية ومنها لمجلس الوزراء لمعرفة الأحكام الصادرة بحق المشمولين به. ونفى عضو لجنة العفو الرئاسي طارق العوضي في تصريح لـ”العرب” وجود تعارض بين أدوار اللجنة وبين الجهات القضائية، وأنها لا تصدر بالأساس قرارات إفراج إنما تقدم فقط قوائم لبحث إمكانية الإفراج عنهم، ولا يمكن أن تتدخل اللجنة في عمل النيابة العامة التي تتولى سلطة إطلاق سراح المحبوسين احتياطيا. واتهم العوضي جهات، رفض تسميتها، بمحاولة الوقيعة بين اللجنة والمؤسسات الحكومية والقضائية والرئاسية، بما يعرقل المضي في توالي الإفراجات، مطالبا الجهات العدلية بالقيام بجهود بارزة لإطلاق سراح المزيد من المعتقلين، خاصة أن هناك عملا يتم على قدم وساق لتسوية الملف بشكل نهائي الأشهر المقبلة. وشدد على أن وتيرة الإفراجات “غير مرضية للمجتمع والقوى السياسية، وعلى كافة الأجهزة المسؤولة عن عملية الإفراج وضع تكليفات الرئيس بتسوية الملف موضع التنفيذ، وأن وجود قوى معادية تتربص بالحوار وتحاول إفشاله يضع على الجميع حكومة ومعارضة مسؤولية مضاعفة لنجاحه والتعامل مع الملف بما يحقق أهدافه”. عبدالعزيز الحسيني: العلاقة بين المعارضة والحكومة قد تصل إلى طريق مسدود وتتفاوت أرقام المفرج عنهم من خلال لجنة العفو الرئاسي منذ عودة تفعيل عملها في أبريل الماضي، فحسب أعضاء في اللجنة، تمكنت من إطلاق سراح 700 محبوس، بينما أشار المنسق العام للحوار الوطني عند انطلاقه في بداية إلى الإفراج عن 450 شخصا، ولم يحدد عدد سجناء الرأي بينهم، وذهب حقوقيون إلى أن المفرج عنهم لم يتجاوز الـ250 شخصا. وصعّد معارضون من لهجة الانتقادات الموجهة للحكومة بشأن ملف الإفراج عن معتقلي قضايا الرأي، وتصاعدت الأحاديث الجانبية بين عدد من الأحزاب بما يمكن أن يؤدي إلى تعليق المشاركة في الحوار إلى حين الإفراج عن المحتجزين، وهو أمر يضع القائمين على الحوار الوطني على المحك، حال لم تكن هناك صيغة مقنعة. وأكد نائب رئيس حزب تيار الكرامة عبدالعزيز الحسيني أن العلاقة بين أحزاب المعارضة والقائمين على إدارة الحوار قد تصل إلى طريق مسدود، ولن يكون هناك مبرر للاستمرار في الحوار وأعضاء في الأحزاب المشاركة فيه داخل السجون. وأضاف في تصريح لـ”العرب” أن النيابة العامة لديها الحق في الإفراج عن المحبوسين احتياطيا، وفي حال استمرت في دراسة الحالات الفردية قد تستمر سنوات لحين إطلاق سراح جميع المعتقلين على ذمة قضايا الرأي، مطالبا “بإبعاد كل من تشتبه بهم النيابة العامة في التورط في العنف والإفراج عن باقي المحبوسين". وتثير المعارضة إشكالية أن الكثير من المفرج عنهم يفتقرون حرية التصرف في أموالهم، والتنقل والسفر خارج البلاد، وهناك قضايا عديدة يمكن غلقها حال لم يتورط المتهمون فيها بقضايا عنف، وأن أحزاب المعارضة لا تدافع عن مشاهير النشطاء والسياسيين فقط، وتسعى لإطلاق سراح جميع المحبوسين على ذمة قضايا الرأي. وأعادت الحركة المدنية التي عقدت اجتماعا أخيرا للتباحث حول أبعاد استقالة رئيس حزب تيار الكرامة أحمد الطنطاوي، التأكيد على تسريع وتيرة الإفراج عن سجناء الرأي كمقدمة لخلق أجواء مواتية للمشاركة في الحوار لحرصها على نجاحه. وتجد أحزاب المعارضة نفسها في مأزق، لأنها تدرك ضعف وزنها السياسي والذي لا يسمح لها بالمزيد من الضغط على الحكومة، وفي حال انسحابها من الحوار ستكون خاسرة، لأنها ستفقد فرصة يمكن أن تفتح فيها الدولة الباب أمام دمجها في الحياة السياسية مرة أخرى، فعندما تراجع دورها السنوات الماضية فقدت شعبيتها.

مشاركة :