لا شك في أن تأكيدات بعض وسائل الإعلام الغربية بأن سياسة “صفر-كوفيد” الدينامية الصينية تضغط على سلاسل التوريد العالمية، غير منطقية وغير مسؤولة. فلولا استراتيجية الصين الاستباقية لكبح كوفيد-19، لربما أدى نقص السلع إلى تزايد أسعار التجزئة في متاجر وولمارت وتيسكو حول العالم، بما يعيق الانتعاش الاقتصادي العالمي الهش ويزيد من حدة الضغط على سلاسل التوريد العالمية الضعيفة بالفعل. وبصفتها مركز تصنيع رائدا في العالم وأحد أكبر المزودين العالميين بالبضائع والسلع الاستهلاكية، ظلت الصين تتمسك بتنفيذ إجراءات سريعة وعلمية لكبح كوفيد-19، والتي أثبتت فعاليتها. ولم تعمل إجراءات الصين، التي تشمل الاستجابة السريعة، والفحص الشامل، وإعطاء اللقاحات على نطاق واسع، على منع وقوع عدد كبير من الوفيات المحلية فحسب، بل مهدت الطريق لاستئناف عمليات الإنتاج الطبيعية والحياة اليومية بعد أن أتمت الصين السيطرة على الموجات الأخيرة من تفشى الوباء. وبينما عانت بعض الموانئ والمصانع بشكل حتمي من القيود المؤقتة، بسبب الجهود المضنية الرامية إلى احتواء الفيروس، ظلت الصناعات في ثاني أكبر اقتصاد في العالم دون تضرر إلى حد كبير خلال الموجات الأخيرة لتفشي الوباء. وفور انحسار موجات التفشي المحلية، استعاد المصنعون من شنتشن إلى شانغهاي نشاطهم سريعًا واستأنفوا تقديم منتجات مثل آيفون ومركبات تسلا إلى المستهلكين في جميع أنحاء العالم. وبفضل استئناف الحياة الطبيعية، واصلت الصين، أكبر دولة لتجارة السلع في العالم، ضمان الصادرات القوية وسط الجائحة. ووفقًا لأحدث البيانات، فإنه خلال النصف الأول من هذا العام ، توسعت تجارة السلع الخارجية للصين بنسبة 9.4 في المائة، لتصل إلى ما يقرب من ثلاثة تريليونات دولار أمريكي على الرغم من استمرار الجائحة في التأثير على التجارة العالمية. وكان من الممكن أن يؤثر نقص المنتجات على المعروض من الضروريات ويزيد من حدة التضخم المتفاقم الذي يعاني منه الغرب، لو لم يكن هناك تدفق مستمر للإمدادات من الصين. وفي هذا الإطار، تعمل سياسة الصين لمكافحة كوفيد على ضمان سلاسل التوريد العالمية لا تعطيلها. وكما ورد في مقال نشرته وكالة بلومبرغ بعنوان ” لماذا يحتاج العالم إلى سياسة صفر-كوفيد الدينامية الصينية”، فإنه إذا كان المستهلكون والشركات حول العالم يريدون الاستمرار في شراء السلع المصنوعة في الصين دون الاضطرار إلى تحمل نقص المعروض وزيادة الأسعار، فيجب أن يرغبوا في أن تلتزم الصين بسياستها “صفر-كوفيد”. وأضاف المقال “ومع ذلك، كما أظهر العامان الماضيان، فإن عمليات الإغلاق المؤقتة والمعزولة لا تعني توقف المصنّعين والمصدرين عن العمل وعدم وصول البضائع إلى السفن”، مشيرا إلى أنه ” كلما تمسكت الصين بسياسة صفر-كوفيد الدينامية ، كان ذلك أفضل لبقية العالم”. إن أسباب أزمة سلسلة التوريد العالمية الحالية معقدة، ولا ينبغي أن تكون الصين كبش فداء لذلك. لقد ألقت الجائحة المستمرة والصراعات الجيوسياسية والعقوبات الاقتصادية التعسفية الأمريكية بظلالها على التجارة العالمية. وفي السنوات الأخيرة، أدى تنامي المشاعر المناهضة للعولمة وصعود الحمائية إلى خلق مجموعة من العقبات أمام التجارة العالمية، مما أدى إلى زيادة أوجه عدم اليقين فضلا عن التعقيد في سلاسل التوريد العالمية. وفي الوقت الذي بات فيه العالم بحاجة ماسة إلى الطمأنينة، فإن إلقاء الاتهامات الكاذبة ضد الصين لن يفيد في مواجهة الرياح المعاكسة للتجارة العالمية أو الحفاظ على مرونة سلاسل التوريد.
مشاركة :