تمضي كرة اليد وفق خطة جرى وضع أسسها منذ تسعينيات القرن الماضي لتطوير اللعبة وعناصرها، وأصبح المنتخب المصري ضمن أبرز تصنيفات المنتخبات العالمية، بينما لا يوجد مشروع مماثل لكرة القدم التي تحاول تلمس طريق الاستقرار. وسعى القائمون على ملف كرة القدم إلى تصوير التعاقد أخيرا مع المدرب البرتغالي روي فيتوريا لقيادة منتخب الفراعنة لمدة أربع سنوات على أنه مقدمة للعمل على تطويرها وتعويض ما أصابها من عطب وسطوة بعض أوجه الفساد التي أضرت باللعبة الشعبية الأولى في مصر. استفادت كرة اليد المصرية من وجود شخصية لها وزن رياضي مثل حسن مصطفى الذي يتولى رئاسة الاتحاد الدولي لكرة اليد، والذي كانت رؤيته التي دشنها لتطوير كرة اليد والتعاقد مع المدرب الألماني المخضرم باول تيدمان أبرز الأسباب التي قادت إلى وضع اللعبة على الطريق السليم عكس كرة القدم التي ظلت تعتمد على تجارب محلية. قاد تيدمان المنتخب المصري لمدة ثلاث سنوات وثلاثة أشهر نجح خلالها في تحقيق لقب بطولة أمم أفريقيا مرتين عامي 1919 و1992، والتأهل إلى نهائيات كأس العالم في السويد عام 93، ومنذ ذلك الوقت ولم تغب مصر عن هذه البطولة. يرجع تطور كرة اليد في مصر إلى فرض قرارات وقوانين حاسمة على جميع الأندية تستهدف دائما تطوير الكوادر والمواهب التي لديها دون اعتراض أو مقاومة للخطط الموضوعة، وجرى فرض الكثير من اللاعبين أصحاب اللعب باليد اليسرى على الفرق من أجل التغلب على أزمة الطرف الأيمن، ووضع سن محدد لاعتزال اللاعبين دوليا والدفع بالشباب والناشئين كنظرة مستقبلية. وقال عضو مجلس إدارة الاتحاد المصري لكرة اليد أيمن صلاح إن “اللعبة كانت ضمن الألعاب الجماهيرية المهجورة، لكن شهدت طفرتين، إحداهما مع بداية التسعينيات مع تحقيق بطولتين لأمم أفريقيا والوصول لأول مرة إلى أولمبياد برشلونة عام 1992، واستمر التفوق حتى مطلع الألفية الحالية قبل أن يحدث شيء من التراجع إلى أن عادت اللعبة إلى سابق عهدها منذ ثلاثة أعوام، أي مع ظهور الجيل الحالي في اللعبة”. قيادة فنية وإدارية الألماني باول تيدمان وضع اللعبة على الطريق السليم الألماني باول تيدمان وضع اللعبة على الطريق السليم وأوضح في تصريح لـ”العرب” أن “مشروع ‘العمالقة’ لاكتشاف الموهوبين لكرة اليد الذي دشنه حسن مصطفى قبل نحو عقدين أساس تطور اللعبة، لأن هناك اهتماما بكافة المراحل العمرية، منذ سن الخامسة، وداخل كل مرحلة عمرية توجد فرق مصنفة درجات تصل إلى أربعة مستويات أو أكثر حسب قدرات اللاعبين، وبات كل فريق يملك ما بين 150 و200 لاعب في المراحل العمرية المختلفة يجري الاختيار منهم للمنتخبات”. أشار صلاح، وهو المشرف على منتخبات كرة اليد المصرية، إلى أن المواهب عديدة للغاية، وهناك لاعبون يمتلكون مهارات وقدرات فنية فائقة في كل الفئات العمرية، ولدى الفرق الصغيرة في الدوري قدرة على إفراز مواهب جديدة. وكان هذا العنصر من أهم الأسباب التي جعلت بعض الأندية الأوروبية تتابع اللاعبين المصريين، وأصبح قوام الفريق الأول من المحترفين، وهناك عشرة من اللاعبين يلعبون في أندية أوروبية كبرى. ◙ منتخب الفراعنة تعاقد مع الإسباني صاحب الـ42 عاما منذ ثلاث سنوات وتحديدا في 8 مايو 2019 ليسطر المجد رفقة وتظل تجربة لاعب المنتخب المصري علي زين الذي حصل على بطولة كأس الأمم الأوروبية مع فريق برشلونة الأسباني مرتين من أبرز التجارب، قبل انتقاله أخيرا إلى فريق دينامو بوخارست الروماني. استفاد منتخب كرة اليد المصري من خبرات اللاعبين المحترفين، وفي مقدمتهم يحيى خالد ومحمد ممدوح هاشم ومحمد علي ومحمد سند، وبدا المنتخب المصري الذي حقق بطولة الأمم الأفريقية الأخيرة في القاهرة يضم لاعبين يملكون فكرا احترافيا لم يكن حاضرا في الأجيال السابقة وإن حققت إنجازات دولية، وانتقل هؤلاء إلى جانب مدربهم الإسباني باروندو بالمنتخب من إطار وضعه في المنافسة على البطولات القارية إلى مستوى التنافس مع كبار اللعبة حول العالم. وأشار أيمن صلاح “احتراف لاعبي اليد ومتابعة أولياء الأمور للدوريات الأوروبية التي يلعبون فيها عبر إذاعة المباريات على القنوات الرياضية انعكس إيجابا على الانجذاب نحو اللعبة، ولاحظنا إقبالا مضاعفا على اللعبة في الأندية المختلفة خلال السنوات الأخيرة، وهو ما كان له مردودات جماهيرية أيضًا، ولأول مرة طالب الجمهور بالحصول على قمصان لاعبين بأعينهم بعد أن كانت هذه المسألة مقتصرة على كرة القدم”. تجاوزت الإنجازات التي حققتها كرة اليد المصرية، على الرغم من تاريخها القصير، ما حققته كرة القدم التي تأسس اتحادها المحلي قبل اللعبة الشعبية الثانية بأربعين عاما. على مستوى بطولات أفريقيا فإن البطولة الأخيرة لكرة اليد، الثامنة في تاريخ المنتخب المصري، تخطت بطولات كرة القدم (سبع بطولات)، وتأهلت مصر إلى بطولة كأس العالم لليد 15 مرة بينما لم تتخط مشاركات كرة القدم سوى ثلاث مرات لم يتمكن خلالها المنتخب المصري من تخطي الدور الأول، في حين نجحت اليد في أن تكون رابعة العالم عام 2001، والسادسة عامي 1995 و1997. لم تنجح كرة القدم المصرية في استضافة نهائيات كأس العالم، بينما نجحت اليد المصرية في استضافة بطولة العالم مرتين عامي 1999 و2021 لتصبح مصر ثاني دولة في العالم غير أوروبية (بعد اليابان) تستضيف بطولة العالم. أبرز التجارب تجربة احتراف واعدة للأجيال الصاعدة تجربة احتراف واعدة للأجيال الصاعدة وأكد الناقد الرياضي عبدالحميد فراج أن كرة اليد أصبحت اللعبة الشعبية الثانية في مصر، ويأتي المقبلون على اللعبة بالأندية في المرتبة الثانية خلف كرة القدم، وعلى المستوى المادي يقبع لاعبو كرة اليد في المرتبة الثانية خلف كرة القدم من حيث الدخل، بسبب وجود اهتمام إعلامي وجماهيري بها، وهو دليل على حجم الإنجازات التي حققها اللاعبون والأندية والمنتخبات السنوات الماضية. وذكر في تصريح لـ”العرب” أن تطور شعبية اللعبة يمكن قياسه من خلال انتشار أكاديميات التدريب الخاصة أسوة بكرة القدم، والذي لم يحدث بعد في مصر بالنسبة إلى اليد، لكن على مستوى الأندية ومراكز الشباب يتزايد الإقبال، وهو مؤشر على ارتفاع الشعبية، لأن من يقدمون عليها لديهم رغبة حقيقية في ممارسة اللعبة وليس استجابة لرغبات أولياء الأمور الذين يبحثون عن تكرار نماذج الشهرة والمال في كرة القدم. عبدالحميد فراج: تطور شعبية كرة اليد يمكن قياسه من خلال انتشار أكاديميات التدريب الخاصة أسوة بكرة القدم وأوضح أن الدوري المحلي لكرة اليد شهد تطورا ملحوظا في السنوات الماضية، وهناك فرق بعيدة عن أندية القمة تضم لاعبين على مستوى عال من الفنيات انعكس على سيطرة الأندية المصرية على البطولات القارية بسبب تواصل جيلي غائب عن كرة القدم، وهناك خطط يسير عليها الجميع يصعب تجاوزها وإن تغير اتحاد اللعبة. ولقي فوز المنتخب المصري لكرة اليد ببطولة أمم أفريقيا أخيرا وحصوله على الميدالية الفضية في بطولة دورة ألعاب البحر المتوسط في وهران بالجزائر، وقبلها حصوله على المركز الرابع في أولمبياد طوكيو 2020، اهتماما من لاعبي كرة القدم أنفسهم ومن المهتمين بالرياضة عموما في مصر. وقال الإعلامي ولاعب كرة القدم السابق أحمد حسام (ميدو) إن شعبية كرة اليد في مصر تزايدت وأصبحت طريقة لعب المنتخب تشبه إسبانيا والسماح للاعبين بالاحتراف، وعلاقة اللاعبين ببعضهم البعض والمدربين، كل هذا يستحق التحية. وتمنى في تدوينة له على حسابه على تويتر أن يتعلم الجميع من عائلة كرة اليد في مصر، فهي تمثل نموذجا مثاليا للتطور. كما يرى هشام حطب رئيس اللجنة الأولمبية المصرية، أن منتخب مصر لكرة اليد قادر على حصد ميدالية أولمبية في أولمبياد باريس 2024. وقال حطب في تصريحات صحافية عبر قناة صدى البلد، إن منتخب اليد ليس بعيدا عن حصد ميدالية أولمبية، بعدما احتل المركز الرابع في أولمبياد طوكيو الماضية، مشيرا إلى أن المنتخب واجه سوء توفيق في بطولة العالم الماضية أمام الدنمارك. وتابع “وفي بطولة البحر الأبيض المتوسط الماضية كان المنتخب يقدم مباراة نهائية قوية أمام إسبانيا”، موضحا أن المنتخب عليه أن يكون قريبا باستمرار من الميدالية الذهبية. وأعرب عن سعادته بفوز منتخب اليد ببطولة كأس الأمم الأفريقية، مؤكدا أن أي إنجاز لا يتحقق عن طريق الصدفة ويمثل نقطة انطلاق للمرحلة المقبلة. على جانب آخر أشار “سيتم توفير دعم كامل ورعاة جدد مع بسنت حميدة بطلة ألعاب البحر المتوسط في لعبة العدو” مشيرا إلى أنه يتمنى توفير خطة علمية سليمة لها لتحصد ميدالية أو اثنتين في أولمبياد باريس. صانع الإنجازات عقلية المجموعة سر النجاح والتفوق على أعتى المنتخبات العربية والأوروبية عقلية المجموعة سر النجاح والتفوق على أعتى المنتخبات العربية والأوروبية قاد الإسباني روبيرتو غارسيا باروندو، المدير الفني للمنتخب المصري لكرة اليد، الفريق إلى معانقة المجد وحصد لقب كأس الأمم الأفريقية رقم 25. تعاقد الفراعنة مع الإسباني صاحب الـ42 عاما منذ 3 سنوات وتحديدا في 8 مايو 2019 ليسطر المجد رفقة أبناء النيل. ونجح “باروندو” في قيادة المنتخب المصري لحصد بطولة أمم أفريقيا في نسختي تونس 2020 ومصر 2022، كما حقق مع زملاء أحمد الأحمر المركز السابع في بطولة العالم التي استضافتها مصر مطلع العام الماضي بعد أداء مميز أمام المنتخب الدنماركي والذي توج باللقب العالمي. ثم كان التوهج بالحصول على المركز الرابع بأولمبياد طوكيو التي أقيمت صيف العام الماضي وهو إنجاز لم يحققه أي منتخب عربي أو أفريقي من قبل. كما حصل مع المنتخب المصري منذ أيام على فضية دورة ألعاب البحر المتوسط بعد الخسارة بصعوبة أمام المنتخب الإسباني بنتيجة 28 – 27 في اللحظات الأخيرة من عمر المباراة النهائية. المنتخب المصري الذي حقق بطولة الأمم الأفريقية يضم لاعبين يملكون فكرا احترافيا لم يكن حاضرا في الأجيال السابقة جاء باروندو لتدريب مصر وهو حاصل على لقب دوري أبطال أوروبا عام 2018 مع فريق فاردار المقدوني، وتوج بعدها بجائزة أفضل مدرب في أوروبا خلال نفس العام، وأفضل مدرب في العالم عام 2019. وأصبح باروندو بعدها أحد أبرز المدربين الواعدين على ساحة كرة اليد الأوروبية، وهو أحد خريجي مدرسة المدرب الإسباني الأسطوري كارلوس. وأعاد الإسباني باروندو إلى الأذهان أمجاد الصربي زوران زيفكوفيتش الذي تألق مع الفراعنة وقادهم إلى الحصول على المركز الرابع في مونديال فرنسا 2001 وهو أفضل مركز حققه أبناء النيل خلال مشاركاتهم العالمية. وباروندو من مواليد 12 يناير 1980 بالعاصمة الإسبانية مدريد، ولعب في مركز الجناح الأيمن على مدار سنوات بالمنتخب الإسباني، وفي أندية بلد الوليد وأديمار ليون وريال سوسيداد وأتلتيكو مدريد وبيك سجيد المجري. وحقق باروندو خلال مسيرته كلاعب كأس أبطال الكؤوس الأوروبية لكرة اليد مرة واحدة، وبطولة الدوري الإسباني لكرة اليد 3 مرات، ودوري أبطال أوروبا لكرة اليد مرتين.
مشاركة :