تواجه تونس -غدا الإثنين- يوما مشحونا بتطلعات وتوقعات ورصد ومراقبة لبدء الاستفتاء على الدستور الجديد (دستور الجمهورية الجديدة)، والذي فرض حالة من الجدل السياسي الواسع بين المؤيدين والمعارضين، وقد تفرّقت الأطراف السياسيّة والقوى الحيّة بين رافض ومؤيّد ومقاطع لهذا الاستحقاق، ولكلّ وجهة نظر وحجج يرتكز عليها ليبرّر موقفه المعلن. بينما يتطلع التونسيون إلى مستقبل أفضل بعد الاستفتاء. في حين أفادت وزارة الدفاع الوطني بمشاركة وحدات عسكرية بالتنسيق مع وزارة الداخلية في مهمة إسناد وتأمين مختلف مراحل الاستفتاء غدا، وتأمين أكثر من 4500 مركز اقتراع موزعة على كامل تراب الجمهورية.. ويعلق ملايين التونسيين الآمال على الاستفتاء لبناء مجتمع أفضل والنهوض بتونس والعبور بها إلى محطات قادمة أكثر إشراقا وتطورا. توقعات التصويت بـ«نعم» ويعتبر عبيد البريكي، الأمين العام لحزب «حركة تونس إلى الأمام»، أنه لا حل لتونس إلا بالتصويت بنعم للدستور الجديد، مضيفا «إن التصويت بنعم هو للتحول من مرحلة اللاّ استقرار إلى مرحلة الاستقرار، والدستور الجديد سيفتح الأبواب على مسار جديد يختلف عن المسار السابق». وقال البريكي إن من يعتبر 25 يوليو / تموز انقلابا لن يعترف بما سيأتي بعده حتى لو وفرت له الشمس والقمر، ومن يقول إنه سيقاطع الاستفتاء اختار العودة إلى المنظومة السابقة.. متوقعا أنه سيتم التصويت بنعم. الدستور الجديد يكرس سيادة الشعب التونسي بينما يرى الأمين العام للتيار الشعبي، زهير حمدي، أن الدستور المعروض للاستفتاء يمثل من خلال توحيد السلطة التنفيذية ضمانة لدولة القانون والمؤسسات، مشيرا إلى أن دستور 2014 تسبب في إضعاف الدولة وتكريس حكم اللوبيات مقابل تغييب إرادة الشعب.. مؤكدا أن الدستور الجديد يكرس سيادة الشعب التونسي على خياراته وثرواته الوطنية..وأعرب عن ثفته في أن الشعب التونسي سيخرج بالملايين يوم الاستفتاء. وأكدت المناضلة «سنية الشريطي»، أن دستور 2014 حمل معه فناء الدولة والمجتمع، فيما جاء مشروع الدستور المعروض للاستفتاء لإنقاذ الدولة والمجتمع.. وقالت: من الملاحظ أن المعارضين للرئيس قيس سعيد سقطوا في «التمزجة» التي قتلت فيهم أي أفق فكري وبشكل جعلهم يقفون أمام إرادة الشعب. «نعم » لإنقاذ تونس من الانهيار ومن جانبه يؤكد الناشط السياسي والوزير السابق، عماد الحمامي، أن معارضي دستور الجمهورية الجديدة، يقومون بإلقاء التهم جزافا وتخويف المواطنين، علما بأنه لا وجود لسلطة مطلقة للرئيس،لأنه يخضع لرقابة الوظيفة التشريعية والإعلام والمحكمة الدستورية ورقابة الشعب، وأي تعسف في استعمال السلطة أو خروج عن القانون ومساس بالأمن القومي سيخضع لكل الآليات الديمقراطية لإيقافه عند حده. وتابع: إن حركة النهضة الإخوانية، وحزب نداء تونس، وغيرها من الأحزاب واللوبيات ورجال الأعمال والمهربين، كلهم حاولوا فرض بعض الاختيارات بالقوة واستغلوا في بعض الأحيان قلة نضج الناخب، مما أثر على نتائج الصندوق، لكن اليوم حملة الاستفتاء قائمة على التطوع ونكران الذات والعمل الميداني، وهو انجاز غير مسبوق فيه احترام كبير للمواطن وتواصل حقيقي معه لاقناعه مع احترام كل الآراء. وقال الحمامي، إنه متحمس للدستور الجديد لأنه يركز على وحدة القيادة، فبعد أن كانت تونس ترزح تحت منظومة الثلاث رؤساء في ظل غياب أي تواصل بينهم وبرلمان قوي وحكومة ضعيفة ورئيس دولة معزول وهيئات دستورية لها إعلام مختلف، ورؤساء أقوى من الدولة، اليوم تونس تمر إلى مرحلة أخرى. الحلّ ليس في المقاطعة ودعا أمين عام حزب التكتل، مصطفى بن جعفر، إلى عدم مقاطعة الاستفتاء على الدستور الجديد.. وشدد بن جعفر، على أن الحلّ ليس في المقاطعة ولا في الكراسي الشاغرة، بل الحلّ في المشاركة بكثافة وفي التعبير عن رأينا بكلّ حريّة وبكلّ مسؤوليّة. وأضاف: لا للمقاطعة، لا لسياسة الكراسي الشاغرة! لم تعد تفصلنا إلاّ بضع ساعات عن موعد الاستفتاء حول نصّ الدستور، ولقد إخترت في المدّة الأخيرة عدم المشاركة في جدل طغى عليه التشنّج و رفض الآخر المختلف، فضلا عن نعته بأبشع النعوت وبأقبح الشتائم، وقد أدّى هذا المناخ المضغوط إلى حالة إحتقان عامّ وانقسام غير صحيّ حيث لا علاقة له مع الاختلاف العقلانيّ الهادئ والمفيد والبنّاء. خيار مصيري ويقول السياسي والقيادي الحزبي، مصطفى بن جعفر، إن يوم غدا 25 يوليو/ تموز 2022 هو يوم خيار مصيريّ بالنسبة لتونس وللأجيال القادمة التائقة إلى غد أفضل، وهو ما يدعونا جميعا إلى تحمّل مسؤولياتنا وعدم التواني أو التراخي عن لعب الدور المنوط بعهدتنا. إنّ المقاطعة، وإن كانت لها رمزيّة سياسيّة تهدف إلى إضعاف نسبة المشاركة، ثمّ بناء على ذلك، مواصلة الاحتجاج و التشكيك في مشروعيّة النتائج، إلاّ أنّها – إضافة إلى ما تبيّن من محدوديّة تأثيرها على أرض الواقع – تخلق غموضا سلبيّا وتشويشا مربكا لدى الرأي العامّ حيث أنّها تضع في نفس السلة ونفس الصفّ من يدعو الى العودة الى 24 يوليو، واسترجاع مواقعه في الحكم مع من يرفض ذلك قطعا ويعتبر أنّه لا مجال للعودة إلى ما كانت عليه البلاد من فوضى ومن ترذيل ومن ديمقراطيّة متعثّرة. إنّه مأزق حقيقيّ يدعو إلى الانتباه بل إلى مراجعة المواقف إن سمح الوقت بذلك، لأن الحلّ ليس في المقاطعة ولا في الكراسي الشاغرة، بل الحلّ في المشاركة بكثافة وفي التعبير عن الرأي بكلّ حريّة وبكلّ مسؤوليّة. لوبيات المصالح والفساد ومن جهة أخرى.. سلط إلقاء الأمن الجزائري القبض على مدير المخابرات التونسي السابق، لزهر لونقو، الضوء على الرجل الذي طالما اعتبر لغزًا محيرًا في البلاد وخارجها نظرًا لتشابك مصالحه مع حركة النهضة الإخوانية، وحلفائها المعارضين للرئيس قيس سعيد، وحتى الجهاز السري الذي تُتهم الحركة بإنشائه، وقد توارى عن الأنظار قبل أن تلقي القبض عليه قوات الأمن الجزائرية، الخميس الماضي، أثناء محاولته اجتياز الحدود، وتسليمه إلى السلطات التونسية. ويدعم الكشف عن أوراق مدير المخابرات التونسي السابق، لزهر لونقو، سياسات الرئيس قيبس سعيد ضد الإرهاب والفساد وجماعات الإسلام السياسي المعارضة لدستور الجديد باعتباره دستور إنقاذ لمستقبل تونس وتطهير البلاد من «لوبيات » الفساد السياسي والمالي.
مشاركة :