العالم مملوء بالغرائب والعجائب، ولكل شعب عاداته وتقاليده التي يستمتع بها وتميز إرثه الثقافي عن باقي الشعوب. وليست العادات والتقاليد إلا جزءاً من حضارات توارثتها الشعوب وتناقلتها الأجيال وحافظت عليها، إما من خلال مخطوطات وكتب وضعها الأجداد والتزم بها الصغار من الأحفاد، أو نقلت إليهم شفهياً عبر سلوكيات الكبار. بعض العادات والطقوس يتسم بشيء من الغرابة لدى بعض شعوب العالم، فمنها ما هو غريب ومثير، ومنها أيضا ما يصعب على الآخرين استيعابه وتصديقه، وما اعتدنا فعله قد يبدو للآخرين غريباً والعكس. والاطلاع على ثقافات الآخرين له أهميته الكبرى في التعرف إليهم وعلى نمط حياتهم الذي يشكل صورتهم الحضارية ويجسد إرثاً ثقافياً يعتز به أبناؤه. وفيما يلي بعض العادات الغريبة حول العالم. }} لسعات النمل تمنح الرجولة: تعتبر قبيلة ساتيري ماو البرازيلية الواقعة في غابات الأمازون منشأ سكان أمريكا الجنوبية الأصليين في الغابات. وللقبيلة عادات غاية في الغرابة، فليس سهلاً أن يلقب الذكر بكلمة رجل، فلكي ينال الفتى هذا اللقب العظيم، لابد أن يدخل إلى عش النمل الرصاص، ويضع نفسه تحت إمرة سكان العش الذين ينهالون عليه بلسعاتهم المؤلمة التي تبلغ الألف، ليمنحوه بذلك شرف اللقب ويعلن عنه رسمياً أنه رجل. وتختلف الطرق التي تتبعها القبيلة بين إشعال النار وتقديم القرابين وتحمل الألم المبرح لاختبار شجاعة الفتيان ومدى استحقاقهم للقب رجل ومدى قوته على تولي المسؤوليات فيما بعد من خلال قدرته على تحمل الألم أياً كانت قوته وشدته. يتم تقرير ذلك عندما يلدغه النمل الرصاص، فالألم الذي تسببه لدغة نملة واحدة يساوي الألم الناتج عن دخول رصاصة حقيقية في جسم الإنسان. وتقام احتفالية تلقيب الصبيان بقضاء الصبي يوماً كاملاً مع النمل في حجرة واحدة ويظل في ضيافة أصحاب المكان، وعليه أن يتحمل سبل ضيافتهم، وكلما تحمل من دون صراخ كان ذلك أفضل له وأكثر دلالة على قدرته على تحمل الألم. ودرج سكان القبيلة على جمع النمل من الغابات المحيطة والاحتفاظ به لليلة الموعودة. وإذا لم يجتز الفتى هذا الاختبار لا يمكن لزعيم القبيلة الإعلان رسمياً عن انضمامه إلى فئة الرجال، ويصبح هذا عاراً من وجهة نظر أهله وأقاربه، فيتعاملون معه على أنه صبي وليس رجلاً إلى أن يجتاز الاختبار بنجاح، ويمنح لذلك 20 فرصة. }} خطف العروس: لقبائل الغجر في رومانيا عاداتهم التي يمكن القول بأنها أغرب غرائب عادات الشعوب الأخرى، فالزواج هناك ليس بالاتفاق كما هو الأمر في أغلب ثقافات العالم، إذ يسمح لكل شاب إذا أعجبته فتاة ما، حتى وإن لم يلتق بها من قبل، أن يخطفها، وإذا استطاع إبقاءها لثلاثة أيام في بيته من دون أن تهرب، تصبح رسمياً زوجته، على الأقل في نظر المجتمع الروماني، حتى وإن كان ضد رغبتها. وإن كان التقليد قديماً وغير قانوني، إلا أنه يعتبر أمراً عادياً دأبت على القيام به الكثير من الجماعات الرومانية. ويطلق على هذه الممارسة الزواج بالاختطاف، وتمارسه أيضاً بعض القبائل في وسط آسيا وإفريقيا. ولا توافق أسرة العروس على هذا الزواج الإجباري، لأنه في بعض الحالات يستخدم الشاب مادة الكلور لتخدير الفتاة. ولما كانت الفكرة متجذرة في ثقافة المجتمع، لا تجد أسرة العروس بداً من تقبل المصير المحتوم، كما على العروس أن تتعلم كيف تحب شريكها الجديد. }} مهرجان التراشق بالطماطم: إذا كان لأغلب العادات أهداف أو معانٍ دفينة لا يعرفها سوى أصحابها، فإن هذا التقليد لا ينطبق عليه الأمر. ويقام مهرجان حرب الطماطم السنوي في بلدة بيونول في فالينسيا بإسبانيا في الأربعاء الأخير من شهر أغسطس/آب من كل عام، ولمدة أسبوع، حيث يحتشد السكان في أجواء احتفالية تتخللها الموسيقى والرقصات والألعاب النارية، وترتدي النساء الأزياء البيضاء. ويفد إلى المكان عشرات الآلاف من السياح من أنحاء العالم للاستمتاع بالمشاركة في حرب الطماطم التي تستمر لساعة كاملة، وتستخدم فيها ما يقرب من 100 طن من الطماطم. يعود أصل التقليد إلى 1945 عندما قصد البلدة عدد من الشباب لمشاهدة أحد العروض، ومن فرط إثارتهم اصطدموا بأحد المشاركين الذي استشاط غضباً فانقلبت طاولة تباع عليها الفاكهة، فبدأ الشباب في التراشق بالفاكهة والطماطم، ونشبت المشاجرة بين الطرفين، ولم يُعترف بالتقليد رسمياً إلا في 1952. وحاول الرئيس الإسباني فرانسيسكو فرانكو منعه، لكنه لم يفلح فباتت الحرب قانونية، ووفقاً لقوانين المهرجان، يجب سحق الطماطم أولاً قبل بدء التراشق حتى لا يصاب المشاركون بالأذى. وينشر رجال الأمن لحماية المهرجان، وتنتشر طواقم الإسعاف وسيارات الطوارئ للتّدخل في حال حدوث إصابات. وشرعت السلطات مؤخراً في فرض رسوم على المشاركة في المهرجان، فتباع البطاقة الواحدة بعشرة يورو، وتخصص بطاقات مجانيّة لسكان البلدة. - الإلقاء بالأطفال من أعلى: تقليد هندي يمارس سنوياً ويعود إلى 500 عام، إذ يلقى بالأطفال الرضع من أعلى معبد قد يتعدى ارتفاعه 15 متراً، اعتقاداً بأن ذلك يجعل الطفل أكثر ذكاءً، وأسعد حظاً، وأقوى بدنياً. ينتشر التقليد على الأخص في ولاية كارناتاكا جنوبي غرب الهند، حيث يقف رجال الدين أعلى المعبد، لإلقاء الأطفال الرضع، لعدد من الرجال بالأسفل، وبعد تلقف الأطفال، تقام الاحتفالات، ويمرر كل رضيع على الحضور قبل إعادته إلى أمه في المساء. وتعتقد في التقليد جميع الطوائف الدينية، وحاولت اللجنة الوطنية لحماية حقوق الطفل في الهند حظر التقليد، إلا أن الهنود لا يزالون متمسكين به، ويعتقدون بأنه جزء مهم من تعاليم دياناتهم، التي تحثهم على تنفيذه وتحث الرجال على حضوره. }} المشي بالعروس فوق جمر مشتعل: من طقوس الزواج الغريبة في الصين، إذ يجبر العريس على حمل عروسه والمشي فوق قطع فحم مشتعلة قبل الدخول إلى بيتهما، وتوارثت التقليد الأجيال منذ قرون، ويعتبره الصينيون دليلاً على الحياة المستقبلية الناجحة بين العروسين، وعلى استعداد العريس للتضحية من أجل عروسه، وقدرته على تحمل المسؤولية. }} تحية طائر العقعق: يرى الفولكلور البريطاني أن طائر العقعق من طيور نذر الشؤم والفأل السيئ، وفي الوقت ذاته طائر صداح ينشر المرح بصوته. وفي مناطق كثيرة في المملكة المتحدة، يعمد من يرى طائر عقعق وحيداً إلى إلقاء التحية عليه لتجنب الحظ السيئ. }} مهرجان كوبر لدحرجة الجبن في إنجلترا: يقام المهرجان سنوياً عند نبع بانك هوليداي على جبل كوبر، بالقرب من جلوسستر في إنجلترا، حيث يحتشد مئات الأشخاص لمشاهدة السكان المحليين وهم يطاردون قرصاً ضخماً من الجبن تتم دحرجته من قمة جبل كوبر. ويركض المتسابقون للإمساك بالقرص، ويتعرض كثيرون للتعثر والإصابة ومن ثم ينقلون إلى المشفى بعربة إسعاف تقف على مقربة. ومن يصل إلى القرص أولاً يكون هو الفائز الذي يحصل عليه مكافأة. ويعود هذا التقليد إلى العصر الروماني، حيث يعتقد أنه أقيم للاحتفال بالعام الجديد. وتتزايد شعبية المهرجان كل عام. وكان المهرجان في الأصل حصرياً على سكان قرية بروكوورث، لكن يشارك فيه الآن أشخاص من شتى أرجاء العالم. واشتق اسم المهرجان من مكان السباق. }} مهرجان القرود في تايلاند: تتمتع مدينة لوب - بوري في تايلاند بالعديد من المعالم الأثرية السياحية والمعمارية، إلى جانب عدد هائل من القرود، التي تحظى بمكانة كبيرة لدى سكان المدينة لسببين، أولهما تاريخي ديني، حيث اعتبرت البوذية القرود أبطالاً، والثاني اعتبارها وسيلة لجذب السياح إلى البلاد، لذلك يحرص سكان البلاد على صحة وسلامة القرود. وينظم السكان المهرجان باستضافة عدد كبير من القرود حيث يعدون لها بوفيه مفتوحاً يضم أنواعاً مختلفة من الفاكهة والخضراوات والعصائر، على مساحة ألفي كم. ويشهد المهرجان السنوي إلى جانب السكان المحليين عدد كبير من السائحين، ويقام بشكل منتظم منذ عام 1988 على شرف البطل الأسطوري راما الذي قالت عنه الأساطير إنه كافأ ملك القرود لمساعدته في واحدة من معاركه، فبات هذا اليوم موعداً ثابتاً لاحتفال سنوي يتبرع فيه التايلانديون بالفواكه والخضراوات لإطعام القرود، رداً للجميل. ويستخدم حوالي 3 أطنان من الفواكه والخضراوات في هذا البوفيه الاحتفالي. }} بطولة العالم في حمل الزوجات: تستهوي هذه البطولة آلاف المتزوجين حول العالم، وتقام سنوياً في فنلندا، حيث يحمل المتسابق زوجته ويركض بها على مضمار السباق الذي يضم سلسلة من العوائق المائية والخشبية والرملية. والفائز من يصل أولاً وينهي السباق محتفظاً بزوجته فوق ظهره. وتقام البطولة بانتظام منذ 1992، وتشهد إقبالاً جماهيرياً كبيراً، وأجواءً تنافسية حماسية من جانب المتسابقين، ويحرص بعضهم على ارتداء ملابس لشخصيات كرتونية. }} مهرجان الشيكولاته في باريس: يقام المهرجان سنوياً منذ 1993، وفيه تعيش العاصمة الفرنسية باريس في عالم من الشيكولاته لعدة أيام، إذ يصمم النحاتون تماثيل من الشيكولاته، وينجز مصممو الأزياء ملابس من الشيكولاته بالحجم الطبيعي، وتستخدم أنواع مختلفة من الشيكولاته التي تصنع في دول مختلفة. وأصبح صالون الشوكولاته في باريس حدثاً عالمياً يستضيف أكثر من 500 مشارك منهم أكثر من 200 طاه فرنسي ودولي، و200 عارض من جميع أنحاء العالم، وتتخلّله عروض فنية متنوعة.
مشاركة :