وكالات – واصل : خلال الأربع جلسات الأخيرة بدأت أسعار النفط عالميا مسارها الهبوطي، ليواصل سلسلة من الخسائر في الآونة الأخيرة بسبب مخاوف من أن تؤدي الزيادة المتوقعة في أسعار الفائدة في الولايات المتحدة، أكبر مستهلك للنفط في العالم، إلى الحد من نمو الطلب على الوقود. والإثنين انخفضت العقود الآجلة لـخام برنت لتسوية سبتمبر إلى 102.72 دولار للبرميل في الساعة 0205 بتوقيت غرينتش منخفضة لليوم الرابع. كما هبطت العقود الآجلة لـخام غرب تكساس الوسيط الأميركي تسليم سبتمبر إلى 94.05 دولار للبرميل، منخفضة أيضا لليوم الرابع. وكانت أسعار الخام قد اختتمت تعاملات الأسبوع الماضي، يوم الجمعة على تراجع لتسجل 103.20 دولار للبرميل للعقود الآجلة لخام القياس العالمي برنت، كما سجلت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي 94.70 دولار للبرميل وهو ما يثير تكهنات بأن الأسعار قد تهبط لمستويات منخفضة جديدة. ولا زال النفط الخام مستمر في إظهار حالة من عدم اليقين منذ الارتفاع في أوائل شهر مارس والذي قفز بالسعر فوق الـ140 دولارًا للبرميل بالقرب من مستويات الأزمة المالية العالمية في 2008. ومع توقعات بضعف الطلب العالمي على النفط، وإلغاء الاتحاد الأوروبي حظر بيع النفط الروسي للدول غير الأعضاء، فضلا عن استئناف إنتاج بعض النفط الخام الليبي. يبقى السؤال الأكثر إلحاحا.. هل بدأت أسعار الخام عالميا مسار الهبوط إلى ما دون مستويات الـ90 دولارا؟ قال وزير البترول المصري الأسبق أسامة كمال في تصريحات خاصة لموقع “سكاي نيوزعربية”: “لا اعتقد أن أسعار النفط ستواصل هبوطها في الأمد القريب، خاصة وأن كل الاقتصادات ترقب ما ستؤول إليه الحرب الروسية الأوكرانية، وعدم توقفها قبل أغسطس المقبل سيزيد من أزمة إمدادات الطاقة عالميا وخاصة في دول الاتحاد الأوروبي التي تسعى إلى زيادة وتيرة مخزوناتها من الخام لتوفير احتياجات فصل الشتاء، وهو ما يعني أن الأسعار تتجه للارتفاع وليس العكس”. وأوضح أسامة كمال أن إنتاج أوبك وصل للدرجة القصوى وهو ما يعني أنها لا يمكن أن تمد السوق بأكثر مما هو عليه الآن، وهذا ما يزيد من توقعات زيادة الأسعار، خاصة مع أحدث التوقعات الصادرة عن “وكالة الطاقة الدولية” و”إدارة معلومات الطاقة” الأميركية ومنظمة البلدان المصدرة للبترول “أوبك”، بعودة ارتفاع الطلب العالمي على النفط بقوة في 2023. وتتوقع المؤسسات الثلاث نمو الطلب العالمي على النفط بمليوني برميل يوميًا على الأقل خلال العام المقبل، ليعود لمستويات تفوق عام 2019 للمرة الأولى منذ تفشي جائحة كوفيد- 19، مطلع عام 2020. “وهو ما يعني أن أوبك تحتاج إلى ضخ المزيد من الخام لتلبية ذلك الطلب، رغم نقص الاستثمار في تطوير قدرات جديدة لإنتاج النفط الخام، حال رغبتها في تحقيق التوازن بين العرض والطلب والمحافظة على مستويات الأسعار الحالية مستقرة” بحسب وزير البترول الأسبق. وجدير بالذكر أن توقُّعات أوبك لنمو الطلب على النفط جاءت أكثر تفاؤلاً من نظرائهم في “وكالة الطاقة الدولية” و”إدارة معلومات الطاقة”، إذ يبلغ إجمالي توقُّعاتهم لزيادة نمو الطلب، خلال عامي 2022 و2023، بحوالي أكثر من 6 ملايين برميل يوميًا، مقارنة بزيادة تبلغ 3.9 مليون برميل يوميًا من “وكالة الطاقة الدولية”، و4.3 مليون برميل يوميًا من “إدارة معلومات الطاقة”. كما تتوقع أوبك نمو الطلب العالمي على النفط إلى 103 مليون برميل يوميًا في المتوسط خلال 2023، وهو أعلى بكثير من مستوى ما قبل الوباء. وأشار كمال إلى أنه حتى إذا استجابت أسعار النفط للقرار الأوروبي الأخير بشأن شراء النفط الروسي لدول خارج الاتحاد وانخفضت بنحو 5% في الفترة القادمة، فلن يستمر ذلك خاصة مع التغيرات السياسة التي تشهدها دول الاتحاد الأوربي مثل إيطاليا وبريطانيا، والتي تعكس عدم تحمل المواطن الأوروبي لتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية على أسعار الطاقة وخاصة الغاز. وأكد أنه لا يتوقع مع هذه التوترات السياسية ودخول فصل الشتاء أن تنخفض أسعار النفط لما دون الـ100 دولار للبرميل حتى بدايات العام المقبل. ووفق التعديل الأوروبي فيما يتعلق بحظر النفط الروسي، ستتمكن شركتا روسنفت وغازبروم الروسيتان المملوكتان للدولة من شحن النفط إلى دول غير أعضاء في الاتحاد الأوروبي في محاولة للحد من المخاطر على أمن الطاقة العالمي. وبموجب تعديلات دخلت حيز التنفيذ يوم الجمعة على العقوبات ضد روسيا، لن يتم حظر المدفوعات المتعلقة بشراء شركات الاتحاد الأوروبي الخام الروسي المحمول بحرا. ويوم الجمعة الماضي، كشفت بيانات أن الاقتصاد العالمي يتجه على نحو متزايد نحو تباطؤ خطير على ما يبدو مع رفع بنوك مركزية أسعار الفائدة بنسب مرتفعة مقارنة مع سياسة نقدية شديدة التيسير خلال الجائحة لدعم النمو. وبينما أثرت إشارات ضعف الطلب الأميركي على أسعار النفط ودفعت العقود القياسية للانخفاض بنحو ثلاثة بالمئة في جلسة الخميس الماضي، استمرت الإمدادات العالمية المحدودة في الحفاظ على انتعاش السوق. هل يعني ذلك أن مهمة أوبك+ في كبح جماح الأسعار ستكون “شبة مستحيلة”؟ أكد وزير البترول المصري الأسبق أن أوبك تشكل 40% من الإنتاج العالمي ومع تحالف أوبك+ يصل 65%، وهو ما يعني أن أوبك تحتاج لضخ النفط خلال 2023 بأسرع وتيرة منذ 5 سنوات، حال الرغبة في تحقيق التوازن بين العرض والطلب وتحقيق مستويات مستقرة من الأسعار، وهو ما يبدو صعبا مع وصول إنتاج أوبك لأقصى مستوياته، وسط نقص الاستثمار في تطوير قدرات جديدة لإنتاج النفط الخام. وهو ما تؤكده تصريحات ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان خلال كلمته في “قمة جدة للأمن والتنمية” التي عقدت مؤخرا بحضور الرئيس الأميركي جو بايدن، بقوله إن المملكة أعلنت مسبقا عن زيادة مستوى طاقتها الإنتاجية إلى 13 مليون برميل يوميا، وبعد ذلك لن يكون لدى المملكة أي قدرة إضافية لزيادة الإنتاج. ويطمح مستهلكو النفط حول العالم لأن تقوم السعودية بتعويض أي نقص في معروض النفط، أو تلبية حاجة الدول المستهلكة لزيادة الطلب، بصفتها أكبر مصدّر للنفط الخام في العالم. وفيما يتعلق بأميركا، والتي حاولت السيطرة على الأسعار عبر استخدام مخزونها الاستراتيجي، فقد أكد كمال أن أميركا تستورد مليون برميل يوميا من النفط الخام في حال كانت معامل التكرير تعمل بطاقتها القصوى، وفي الظروف الحالية تستورد نحو 3 ملايين برميل يوميا، واستنزفت حوالي 90 مليون برميل من المخزون الاستراتيجي البالغ 560 مليون برميل، وبالرغم من ذلك ارتفع سعر لتر البنزين لنحو 8 دولارات، وهو ما يعني عدم قدرة أميركا على لعب دور أساسي في هذه المعادلة حاليا.
مشاركة :