العواطف والشفقة في فيلم «فصل من حياة خردة»

  • 12/13/2013
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

فصل من حياة جامع خردة للمخرج دانيس تانوفيتش مفعم بحسه الإنساني، قوي بموقفه التحريضي ضد التسلط وسوء التدبر. وهو فيض من العواطف والشفقة على عائلة غجرية، تعيش هامشا اقتصاديا يصل إلى حد الجوع في البوسنة. إن مساحتها الضيقة التي لا تخرج عن كوخها الفقير تشكل عالما من العار، إذ أن الوالدين وابنتيهما محاصرون في جحر، يفتقد أبسط شروط الحياة ومستلزماتها في قلب أوروبا. ما أن تحل فاجعة موت الوليد في رحم المرأة ذات الشكيمة والصبر، تنفتح اللوعة على وسعها الدرامي في مواجهة السؤال الاجتماعي المخجل: هل تخلت البوسنة ما بعد الحرب عن عنصريتها؟. يطرح صاحب «أرض محايدة» (2001) و«سيرك كولومبيا» (2010) البوسني دانيس تانوفيتش مفهوم المساواة وحدودها واختراقاتها من باب الضمير الجماعي الذي يصطدم ببيروقراطية وحشية لا تعرف الرحمة. ما يتابعه مشاهد فيلم تانوفيتش هو وصمة عار لن يصوغها كحكاية حزينة تستدر العواطف، بل يشيدها على مبدأ كونها استدعاء مأساة وإعادة تجسيدها بمنطق الاتهام السينمائي. جرت الحادثة الحقيقية قبل تصوير الفيلم بزمن، غير أن المخرج وجد في المفارقة الحياتية مادة ثرية في نخوتها وأواصرها وجيرتها بين بشر مقصيين ومجبرين على تحمل الحياة وتهميشاتها، يواجهون لاحقا صدودا حكوميا لا منطق فيه ولا عقلانية، توصل أم يعصرها الألم والنزف وانهيار القوى إلى حافة قبرها، بسبب إصرار المستشفى على تأمين المبلغ المطلوب لإجراء عملية إجهاض البدن الميت. صور تانوفيتش عمله الصادم الذي فاز بـ «الدب الفضة»، الجائزة الكبرى للجنة التحكيم في الدورة 63 لمهرجان برلين السينمائي (2013) بأسلوب يزاوج بين أسلوبي الوثائقي والدرامي، حيث الشخصيات حقيقية، والأداء تمثيلي، والمحيط شاهد لم تتغير تضاريسه القاسية من برد قارس وأرض جرداء، تفرض على الأب نازيف (نازيف مويتش فاز بجائزة أفضل ممثل في المهرجان إياه) أن يتحايل كي يجمع خردته ويبيعها لتأمين قوت العائلة. إن اللا عدالة من حوله لن تدفعه إلى ارتكاب الحماقات، بل يقود تريثه العائلة إلى خدعة صغيرة.

مشاركة :