بنظرة بانورامية إلى السينما العربية وصناعها يكون عام 2015 الأكثر قسوة، وذلك بموت عدد كبير من السينمائيين، في مقدمتهم أبرز نجمين مصريين حققا حضورا عربيا ودوليا منذ منتصف القرن الـ20. ووفقا لـ"رويترز" ففي الخامس من كانون الثاني (يناير) توفيت المخرجة المصرية أسماء البكري (67 عاما) وحيدة في بيتها في القاهرة، ولم يعرف خبر موتها إلا في اليوم التالي. وكانت البكري، من أبرز تلاميذ يوسف شاهين، وأخرجت ثلاثة أفلام طويلة هي (كونشرتو في درب سعادة) 2000 و(شحاذون ونبلاء) 1991 عن رواية للكاتب المصري، الذي عاش ومات في باريس ألبير قصيري و(العنف والسخرية) 2003 عن رواية لقصيري أيضا. وتوفيت في كانون الثاني (يناير) أيضا أيقونة السينما المصرية فاتن حمامة (84 عاما) الملقبة بسيدة الشاشة العربية، التي لم تكمل دراستها في معهد السينما لانخراطها في أدوار بدأتها طفلة في فيلم (يوم سعيد) أمام محمد عبد الوهاب، وسرعان ما صارت أشبه بتميمة يتفاءل بوجودها أبرز مخرجي السينما المصرية في أجيال مختلفة.. من يوسف شاهين في أول أفلامه (بابا أمين) 1950 إلى داود عبد السيد مخرج آخر أفلامها (أرض الأحلام) 1993. وتصدرت حمامة استفتاء حول أفضل 100 فيلم مصري بمناسبة مئوية السينما عام 1996 إذ تضمنت القائمة أكبر عدد من الأفلام التي شاركت في بطولتها ومنها (ابن النيل) و(المنزل رقم 13) و(صراع في الوادي) و(دعاء الكروان) و(الحرام) و(إمبراطورية ميم) و(أريد حلا). وتزوجت حمامة عمر الشريف عام 1955 وأنجبت ابنهما طارق، ثم انطلق الشريف فشارك في أفلام أوروبية وأمريكية حجزت له مكانة بارزة في السينما العالمية وبريقا لازمه حتى الآونة الأخيرة إلى أن لحق بزوجته السابقة، حيث توفي في تموز (يوليو) الماضي بعد إصابته بمرض الزهايمر. والشريف هو الممثل العربي الأكثر شهرة عالميا بأدوار وجوائز منذ دوره في فيلم (لورانس العرب) 1962، الذي رشح عنه لجائزة أوسكار أحسن ممثل مساعد، ولكنه نال جائزة الكرة الذهبية لأحسن ممثل مساعد عن الدور نفسه. كما فاز عن دوره في فيلم (دكتور زيفاجو) بجائزة الكرة الذهبية لأحسن ممثل عام 1966 وحصل على الجائزة الشرفية من مهرجان البندقية عام 2003 وهي أعرق جائزة شرفية تمنح منذ عام 1932 لشخصية واحدة سنويا، كما نال من منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) عام 2005 ميدالية سيرجي ايزنشتاين التي كانت تمنح للمرة الأولى. وإذا كان الشريف وحمامة افترقا في الحياة والسينما فإن (مهرجان الأقصر للسينما الإفريقية) بجنوب مصر سيجمع في دورته الخامسة في آذار (مارس) 2016 بين اسميهما، إذ يحمل ملصق الدورة الجديدة صورتين لهما من فيلم (صراع في الوادي) أول فيلم للشريف. أما الشريف الثاني الذي رحل عام 2015 فهو الممثل المصري نور الشريف، الذي توفي في آب (أغسطس) عن 69 عاما بعد أن حقق عدة أرقام قياسية.. فهو أسبق أبناء جيله إلى أدوار البطولة منذ فيلم (السراب) 1970 عن رواية بالعنوان نفسه لنجيب محفوظ الذي كان للشريف حظ تمثيل عدد كبير من أعماله ومنها (الكرنك) و(قصر الشوق) و(السكرية) و(قلب الليل) و(المطارد) و(الشيطان يعظ) و(دنيا الله) و(ليل وخونة) فضلا عن بطولة المسلسل التلفزيوني (السيرة العاشورية) عن (ملحمة الحرافيش). كما كان الشريف بشهادة زملائه عميق الثقافة باختياره أدوارا مأخوذة عن أعمال لأدباء راسخين ومنهم عميد الأدب العربي طه حسين وتوفيق الحكيم، فضلا عن ذكائه في إخراج مسرحيات مستلهمة من نصوص أدبية ومنها مسرحية (محاكمة الكاهن) عن قصة للكاتب المصري بهاء طاهر. وبعيدا عن النجوم الثلاثة، فقد رحل في عام 2015 مخرجون منهم الجزائري عمار العسكري والمصري رأفت الميهي والمصرية اللبنانية نبيهة لطفي والممثل الفلسطيني غسان مطر، ومن الممثلين المصريين سامي العدل ومحمد وفيق وحسن مصطفى. أما الناقد المغربي مصطفى المسناوي فتوفي خلال حضوره مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في تشرين الثاني (نوفمبر).
مشاركة :