اجتاحت السيول الناجمة عن الأمطار في اليومين الأخيرين مراكز مدن يمنية عدة واقعة تحت سيطرة الميليشيات الحوثية، مخلِّفة نحو 11 قتيلاً بينهم أطفال، مع عشرات الجرحى في صنعاء العاصمة ومدن ذمار وإب، بحسب ما تحدثت به مصادر يمنية مطلعة لـ«الشرق الأوسط». وفي ظل تصاعد حدة الاتهامات للانقلابيين الحوثيين، بتجاهلهم حجم الكارثة وعدم الاستجابة لنداءات الاستغاثة التي أطلقها سكان مناطق متضررة، أوضحت المصادر أن كمية الأمطار المستمرة لساعات، أدت سيولها الجارفة إلى انهيار منازل وجرف سيارات وقطع طرق وشوارع رئيسية وفرعية في صنعاء، ومدن أخرى تحت سيطرة الجماعة. وتداول مغردون يمنيون على منصات التواصل الاجتماعي صوراً ومشاهد أظهرت معظم شوارع وأحياء صنعاء ومدن أخرى تحت سيطرة الجماعة، وهي غارقة بالسيول، بعد أن حاصرت المياه العديد من السكان في منازلهم، إضافة إلى تعرض بعض السيارات والمحال التجارية لأضرار بالغة. وفي هذا السياق، أكدت مصادر محلية بصنعاء لـ«الشرق الأوسط»، نزوح العشرات من السكان إلى إحدى المدارس القريبة من منطقة مذبح القديمة بمديرية معين بصنعاء، خوفاً من انهيار منازلهم مع استمرار سقوط الأمطار. وذكر الشهود أن سيول الأمطار تسببت في وفاة 3 أطفال وإصابة آخر بمنطقة مذبح القديمة نتيجة تعرض بعض المنازل للانهيار. واتهم مواطنون وسكان في صنعاء الميليشيات الحوثية بتجاهل معاناتهم، وعدم تحريك أي ساكن لحماية الناس ومصالحهم وممتلكاتهم، من قبيل عمليات الإخلاء والتحذيرات المسبقة، وتحرك فرق الدفاع المدني. وأشاروا إلى اكتفاء الميليشيات -كعادتها كل مرة عند سقوط الأمطار- بإطلاق أعيرة نارية في الهواء وصفارات إنذار، مع مطالبة بعض السكان عبر مكبرات الصوت بعدم مغادرة منازلهم، بعد أن كانت السيول قد تجاوزت مناطقهم المتضررة. وتحدث بعض السكان عن شعورهم بالخيبة حيال عدم استجابة سلطات الميليشيات لنداءات الاستغاثة التي أطلقوها، بهدف التدخل لإنقاذهم، بعد ارتفاع منسوب المياه لمستويات قياسية، ودخولها بكثرة إلى منازلهم، مخلفة أضراراً جسيمة. وبزعم مواجهة الكارثة، اتجهت ما تسمى الإدارة العامة للمرور، الخاضعة لسيطرة الجماعة في صنعاء، إلى الإعلان عن انقطاع الحركة المرورية بأغلب شوارع العاصمة، تحديداً بشارع الستين الجنوبي، ومناطق فج عطان والحي السياسي، ومناطق شميلة والتحرير وجولة آية وما حولها بمنطقة الحصبة، وجولة الثقافة بمديرية السبعين، جراء سيول الأمطار. وفي السياق نفسه، كشفت مصادر مطلعة في ذمار لـ«الشرق الأوسط»، عن وفاة 6 أشخاص جراء تدفق السيول في سائلة بني أسعد، بمديرية جبل الشرق بالمحافظة، جراء جرفها للسيارة التي كانوا على متنها. كما أكدت مصادر محلية في إب لـ«الشرق الأوسط»، أن السيول جرفت في اليوم ذاته طفلاً ورجلاً في الأربعين من عمره، في منطقتي يريم وكتاب شمال شرقي المحافظة. وقالت المصادر إن الطفل علي هادي الحوشبي (4 سنوات)، والمواطن بكيل عبد الله ثوابة (40 عاماً) لقيا مصرعيهما (السبت) بعد أن جرفتهما السيول الناجمة عن الأمطار. وأشارت المصادر إلى أن الطفل الحوشبي كان برفقة والدته التي نجت بأعجوبة من السيول، بعد فشلها في محاولة إنقاذه من السيول بميفعة يريم، بينما جرفت السيول المواطن ثوابة أثناء خروجه من منزله لفتح منافذ المياه في مزرعته. وفي ظل التوقعات بهطول مزيد من الأمطار متفاوتة الشدة على العاصمة اليمنية والمدن ذات المرتفعات الجبلية، ومعظمها تحت سلطة الميليشيات، يتخوف اليمنيون من استمرار السيول، في ظل التدهور المستمر للبنية التحتية، ما يشكل خطراً على حياتهم ومنازلهم. وكانت الأمم المتحدة قد حذرت من فيضانات جديدة ستضرب مناطق عدة في اليمن خلال الأيام المقبلة، وستؤدي إلى تكاثر الجراد الصحراوي. وقالت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو)، إن «الأمطار الغزيرة المتوقعة في معظم أنحاء اليمن حتى نهاية الشهر الجاري، ستؤدي إلى تحسين الغطاء النباتي، ومن المحتمل أن تشجع التكاثر الداخلي للجراد الصحراوي». وأشارت إلى أن التنبؤات الجوية توضح هطول أمطار غزيرة وبكميات تراكمية، تبلغ حوالي 40 ملليمتراً على شمال محافظتي إب ومحافظة حضرموت، مدفوعة بالتدفق المستمر للرطوبة من بحر العرب، ومن المتوقع -وفقاً لما جاء في النشرة- أن تتلقى الدولة بأكملها أكثر من 300 ملليمتر بشكل تراكمي. وأوضحت المنظمة أن السيول سوف تؤثر على 1100 شخص في وادي حرض بمحافظة حجة، و4300 في وادي مور، و4600 في وادي سردود، وكلها في محافظة الحديدة. كما ستؤثر على 20 ألفاً في وادي الأمانة بمحافظة الجوف، و4400 في وادي ذنة بمحافظة صنعاء، و4000 في وادي سهام الممتد من أطراف محافظة صنعاء، مروراً بالحديدة، ومحافظة ريمة، و1400 في وادي زبيد، و2000 في وادي تبن ووادي بنا في محافظتي لحج والضالع، و600 في وادي حجر بحضرموت.
مشاركة :