تفاؤل باقتراب تسوية الخلاف البحري بين لبنان وإسرائيل

  • 7/26/2022
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

رغم التصعيد الذي أبداه حزب الله في ملف ترسيم الحدود البحرية بين إسرائيل ولبنان، فإن اللبنانيين كما الإسرائيليين يحدوهم تفاؤل باقتراب عقد تسوية بين الطرفين، تنهي نزاعا طويلا بشأن ملكية الثروات النفطية، وتفتح آفاقا أوسع يحتاجها لبنان المنهار اقتصاديا بشدة للخروج من أزمته، وتمكّن تل أبيب أيضا من الاستثمار في الطاقة. ويقول مراقبون إن حزب الله بدخوله المباشر على خط المفاوضات عبر “ردع المسيّرات”، يدفع في اتجاه تسريع المفاوضات عبر رفع درجة الضغوط على الوسيط الأميركي أموس هوكشتاين أولا، أكثر مما يدفع في اتجاه الحرب عبر استفزاز إسرائيل. ويشير هؤلاء إلى أن إسرائيل غير راغبة في التصعيد، وإن كانت عبّرت، عبر وزيرة الطاقة كارين الهرار بعد لقائها هوكشتاين، عن عدم رضاها على الأجوبة اللبنانية التي كانت تنتظرها. وكشفت مصادر سياسية لبنانية أن هوكشتاين سيلتقي نهاية الأسبوع الجاري بالقيادات اللبنانية، لعرض الردّ الإسرائيلي على الرد اللبناني للتسوية. وقدم لبنان كحل “وسط” لطي الخلاف مقارحا لم يتضمن أي مطالبة بالخط 29 الذي يشمل حقل كاريش المتنازع عليه. وطلب بدل ذلك الحصول على الخط 23 وحقل قانا في المنطقة المتنازع عليها. عباس إبراهيم: أعتقد أننا على مسافة أسابيع من تسوية الخلاف البحري ويشير مراقبون إلى أن تنازل لبنان عن الخط 29 قد يدفع بالمفاوضات قدما لحل الخلاف واستغلال كل من بيروت وتل أبيب للاحتياطات النفطية المتنازع عليها، وهو ما أكده هوكشتاين بالقول إن المقترح اللبناني سيدفع المفاوضات قدما دون ذكر تفاصيل أخرى. وتقول إسرائيل إن كاريش يقع داخل منطقتها الاقتصادية الخالصة، بينما يقول لبنان إن الحقل يقع في مياه متنازع عليها، وينبغي عدم تطويره قبل أن يختتم البلدان محادثاتهما غير المباشرة لترسيم حدودهما البحرية. وفشلت تلك المحادثات العام الماضي بعد أن وسع لبنان المساحة التي يطالب بها بنحو 1400 كيلومتر مربع في المنطقة المتنازع عليها، من الحدود المعروفة باسم “الخط 23” جنوبا إلى “الخط 29″، بما في ذلك جزء من حقل كاريش. وللتغلب على ذلك الوضع اقترح هوكشتاين في حينه مبادلة ميدانية من شأنها إنشاء حدود على شكل حرف “أس” بدلا من خط مستقيم، لكن لبنان لم يوافق رسميا على الاقتراح. ويشير محللون إلى أن إسرائيل ولبنان مندفعتان لإبرام تسوية سريعة تضمن لهما استغلال الموارد النفطية، لكن لكل أسلوبه في الضغط، مرجحين قرب التوصل إلى اتفاق تسوية في نهاية المطاف. وقال المدير العام للأمن العام اللبناني اللواء عباس إبراهيم “نحن أمام فرصة كبيرة جدا لاستعادة لبنان غناه، من خلال ترسيم الحدود البحرية، وأعتقد أننا على مسافة أسابيع، وليس أكثر من تحقيق هذا الهدف”، واصفا “ما سنصل إليه بأنه تسوية وأقل من حق”. وتستخدم الحكومة الإسرائيلية سياسة “العصا والجزرة” مع لبنان، في محاولة لدفع المفاوضات غير المباشرة بين البلدين لترسيم الحدود البحرية بينهما. ويلوّح مسؤولون إسرائيليون تارة بالعواقب العسكرية على لبنان، وتارة أخرى بالفوائد التي ستعود عليه في حال التوصل إلى اتفاق. والثلاثاء الماضي، دعا رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد إلى إتمام المفاوضات مع لبنان “في أسرع وقت ممكن”. وجاء تصريح لابيد بعد تحليقه بواسطة طائرة فوق منصة الغاز كاريش. وقال لابيد “تكمن في مخزونات الغاز الخاصة بإسرائيل إمكانات من شأنها أن تساهم في حل أزمة الطاقة العالمية، حيث يمكن للبنان أن يستفيد من تطوير المخزونات الموجودة في مياهه الاقتصادية، من خلال المفاوضات التي ينبغي إتمامها في أسرع وقت ممكن”. ويقول روني شاكيد، الباحث في الجامعة العبرية، إن الموقف الإسرائيلي “كان واضحا بأن إسرائيل تعتبر إطلاق حزب الله طائرات دون طيار باتجاه الأراضي الإسرائيلية بأنه بمثابة تهديد استراتيجي لن تتساهل معه، وعليه فقد ذهب رئيس الوزراء لابيد إلى الحدود الإسرائيلية – اللبنانية وأيضا فوق منصة الغاز ليوجه رسالته”. وأضاف شاكيد “الرسالة الإسرائيلية هي لحزب الله، ولكنها في نفس الوقت رسالة للحكومة اللبنانية بأنه آن الأوان للتوصل إلى اتفاق حول الحدود البحرية”. يائير لابيد: لا بد من إتمام المفاوضات في أسرع وقت ممكن وتابع أن لابيد أراد القول إن هذا الاتفاق “سيعود بالنفع الاقتصادي على إسرائيل وعلى لبنان”. وأكد أن “إسرائيل تريد الاتفاق وتريده سريعا ونعلم أن الحكومة اللبنانية تريد اتفاقا”. وكشفت مصادر إسرائيلية أن تل أبيب وجّهت رسالة إلى المبعوث الأميركي، المسؤول عن المفاوضات، مفادها أن عليه الضغط على اللبنانيين “لإنهاء الحدث في أقرب وقت ممكن، لأنه يمكن أن يكون شديد الانفجار ويمكن أن يتطور إلى تصعيد لا يريده أحد”. وأوضحت أنه جرت “مناقشات مغلقة لفحص إمكانية نقل منصة كاريش من مكانها”. وقالت “تدرك المؤسسة الأمنية أن حزب الله قد يرسل طائرات دون طيار إضافية في اتجاه منصة كاريش، وربما أيضا حفارات غاز إضافية في المياه الاقتصادية لإسرائيل”. ويجمع محللون اقتصاديون على ضرورة الاستفادة من الثروة النفطية في أقرب وقت، نظرا إلى أن التطورات العلمية والتوجه نحو الاعتماد على الطاقات البديلة، قد يؤديان إلى أن تكون، بعد سنوات، من دون أيّ قيمة فعليّة أو جدوى اقتصادية بالمقارنة مع كلفة الاستخراج. ويشير المحللون إلى أن لبنان في أمس الحاجة إلى استغلال ثرواته النفطية البحرية لتجاوز أزمته الاقتصادية المستفحلة، والتي وضعت البلاد في طريق الانهيار الشامل. ويأمل سياسيون لبنانيون في أن تساعد الموارد الهيدروكربونية المحتملة قبالة الساحل اللبناني في انتشال البلاد المثقلة بالديون من أعمق أزمة اقتصادية تواجهها. ومن شأن الاتفاق أن يجلب أرباحا للبلدين من مخزونات الغاز الموجودة في المنطقة المتنازع عليها، الأمر الذي سيساعد لبنان في التخلص من أزمته الاقتصادية. ووفق الاتفاق البحري المحتمل، ستحصل شركات طاقة دولية على حقوق بالبحث واستخراج الغاز الطبيعي، ومن ثمّ يتفق الطرفان على وسيط دولي سيحدد مستوى الأرباح التي ستحصل عليها كل دولة. ومنذ أكثر من عامين، يعاني لبنان أزمة اقتصادية حادة غير مسبوقة أدت إلى انهيار قيمة العملة المحلية “الليرة” وشح في الوقود والأدوية وسلع أساسية أخرى، إضافة إلى هبوط حادة في قدرة المواطنين الشرائية.

مشاركة :