قالت منظمة العفو الدولية اليوم، إنه يجب على السلطات الإسرائيلية أن توقف فوراً عمليات الإخلاء القسري لما يزيد عن 1,000 من سكان بلدة مسافر يطّا يشكّلون مجتمعًا فلسطينيًا في الضفة الغربية المحتلة، إثر أسابيع قام خلالها الجيش الإسرائيلي بمضايقة الأشخاص في المنطقة، مرارًا وتكرارًا، وهدم المنازل وفرض قيود على حرية التنقل. داخل إسرائيل، يجب على السلطات الاعتراف بحقوق السكن للمواطنين البدو الفلسطينيين في صحراء النقب، الذين رأوا قريتهم العراقيب، مهدمة مرة أخرى صباح اليوم الثلاثاء 19 يوليو/تموز. في الأسابيع الأخيرة، تعرضت مجتمعات بلدة مسافر يطّا لموجة تلو موجة من عمليات الهدم، وذلك وفقًا لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية. وسعت حملة ترهيب من قبل السلطات الإسرائيلية إلى خلق ظروف معيشية لا تطاق تجبر السكان على المغادرة. كما منعت حواجز السلطات الإسرائيلية وغيرها من القيود المفروضة على حرية التنقل السكان من الاحتفال بعيد الأضحى مع عائلاتهم الممتدة في بلدة يطّا القريبة. في 11 مايو/ أيار و1 يونيو/حزيران، هدم الجيش الإسرائيلي منازل عشرات السكان، وعانى البعض من هدم منازلم للمرة الثالثة في الأشهر الاثني عشر الماضية. مع كل يوم تتأخر فيه عملية إجراء المساءلة، يفقد المزيد من الفلسطينيين منازلهم، وسبل عيشهم، وآمالهم في حياة كريمة. هبة مرايف، منظمة العفو الدولية يعيش حاليًا حوالي 1,150 فلسطينيًا في بلدة مسافر يطّا، منهم 569 طفلًا، في أكثر من 200 منزل، وفقًا لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية. والظروف المعيشية مزرية، ويعتمد السكان بشكل شبه كامل على المساعدات الإنسانية. وقد أصدرت السلطات الإسرائيلية أوامر بهدم أو وقف تشييد جميع المنازل تقريبًا، وحظائر الحيوانات، والصهاريج، والبنية التحتية المجتمعية في المنطقة، على أساس أنها بنيت دون تصاريح، علمّا أنه يكاد يكون من المستحيل الحصول على هذه التصاريح. وقالت هبة مرايف، مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية: “يستعد ما يزيد عن 1,000 فلسطيني في مسافر يطّا، من بينهم حوالي 500 طفل، لوصول محتمل للجرافات الإسرائيلية التي ستقوم بهدم منازلهم، وألواحهم الشمسية، وحظائر الحيوانات. إن المضي قدمًا في عملية الطرد الواسعة النطاق هذه سيكون بمثابة نقل قسري، وهو جريمة حرب، وجريمة ضد الإنسانية”. “إن التهجير الوشيك للفلسطينيين من بلدة مسافر يطّا يمثل تذكيًرا صارخًا بالاستراتيجية القاسية التي استخدمتها إسرائيل لعقود من الزمن لإدامة نظام الفصل العنصري (الأبارتهايد) القاسي الذي تفرضه على الفلسطينيين”. يساور منظمة العفو الدولية القلق من عدم احترام حقوق السكن للمواطنين البدو في إسرائيل، ومن التمييز ضدهم فيما يتعلق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الأخرى أيضًا، وهي سياسة تهدف إلى إدامة نظام إسرائيل لقمع الفلسطينيين والهيمنة عليهم. عانى المواطنون الفلسطينيون من البدو في إسرائيل من الهدم المتكرر لمنازلهم كنتيجة طبيعية لسياسات تمييزية مجحفة لا تعترف بشرعية حوالي 35 قرية في منطقة النقب. على سبيل المثال، منذ عام 2010، هدمت السلطات، مرارًا وتكرارًا، جميع المنازل في قرية العراقيب، وأخضعت حوالي 250 شخصًا للإخلاء القسري مما جعلهم بلا مأوى، حيث انتقلوا للعيش في أكواخ في قرى أخرى، أو إلى مساكن ذويهم في قرية بدوية قريبة. أدت خطط الحكومة الإسرائيلية لـ “تنظيم” البناء البدوي في النقب إلى الإخلاء القسري لمئات من أفراد هذه الأقلية، وعشرات الآلاف غيرهم معرضون للخطر. وأضافت هبة مرايف قائلة: “بدلاً من هدم المنازل، ينبغي على السلطات الإسرائيلية أن تفكك سياسات التخطيط والبناء التمييزية التي وضعت المواطنين البدو في وضع مناف للعقل يتمثل في وصفهم بالمتعدين على أراضيهم”. أُجبروا على الخروج من أراضي الأجداد في مسافر يطّا في 4 مايو/أيار 2022، رفضت المحكمة العليا الإسرائيلية التماسات متعددة من سكان ثماني قرى في مسافر يطّا سعت لوقف أوامر الإخلاء. ونتيجة لذلك، يتم الآن هدم المنازل وحظائر الحيوانات، مما يجبر السكان على الخروج من أراضي أجدادهم للسماح بإجراء التدريب العسكري في المنطقة. في عام 1980، حدد الجيش الإسرائيلي المنطقة التي تبلغ مساحتها 3,000 هكتار باسم ‘منطقة إطلاق النار 918’، وهي منطقة عسكرية محظورة تُستخدم في التدريبات العسكرية. في نوفمبر/ تشرين الثاني 1999، طرد الجيش جميع سكان بلدة مسافر يطّا، لكن أمرًا مؤقتًا أصدرته المحكمة العليا الإسرائيلية، في مارس/ آذار 2000، سمح لهم بالعودة إلى حين صدور قرار نهائي، وبشرط عدم ترميم منازلهم. ومنذ ذلك الحين، مُنع السكان من الحصول على إذن حتى بتركيب الألواح الشمسية أو خزانات المياه. في 16 يونيو/حزيران، بدأ الجيش الإسرائيلي بإجراء تدريبات عسكرية في المنطقة، وتم إيقافها مؤقتًا فقط خلال زيارة استمرت ثلاثة أيام قام بها الرئيس الأمريكي جو بايدن. استندت المحكمة العليا الإسرائيلية في قرارها إلى استنتاجها المعيب بأن الأوامر العسكرية الإسرائيلية لها الأسبقية على القانون الدولي؛ مما يدل على الحاجة إلى فرض آليات العدالة الدولية. واختتمت هبة مرايف قائلة: “إن قرار المحكمة العليا الإسرائيلية بتأييد طرد سكان مسافر يطّا يسلط الضوء على كيفية تواطؤ المحاكم الإسرائيلية المحلية في الحفاظ على الفصل العنصري، وإدامة ارتكاب الانتهاكات الجسيمة ضد الفلسطينيين الذين يعيشون في ظل الاحتلال. إنه يبين الحاجة الملحة لإجراء تحقيق من قبل المحكمة الجنائية الدولية في جرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية، في الأراضي الفلسطينية المحتلة. مع كل يوم تتأخر فيه عملية إجراء المساءلة، يفقد المزيد من الفلسطينيين منازلهم، وسبل عيشهم، وآمالهم في حياة كريمة”. حددت إسرائيل بشكل منهجي مساحات كبيرة من الأراضي الفلسطينية كمناطق عسكرية، أو أراضي دولة، أو مواقع أثرية، أو حدائق وطنية؛ لتزيد إلى أقصى حد السيطرة على الأراضي الفلسطينية في كل من إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة. تشكل هذه التصنيفات التعسفية عناصر أساسية في نظام إسرائيل المؤسسي للقمع والهيمنة الممنهجين على الفلسطينيين. علاوة على ذلك، كشف تحقيق حديث في وثائق سرية من عام 1979، أن إنشاء إسرائيل “مناطق إطلاق نار” في الأراضي الفلسطينية المحتلة، تغطي ما يقرب من 20% من الضفة الغربية المحتلة، كان “غرضه الوحيد هو تسليم الأراضي في نهاية المطاف إلى المستوطنين الإسرائيليين”. خلفية تتألف بلدة مسافر يطّا من 19 قرية وخانًا تقليديًا، ثمانية منها معرضة لخطر الهدم وتهجير سكانها الوشيكين. وتقع القرى على تلال الخليل الجنوبية في المنطقة (ج) من الضفة الغربية المحتلة. تغطي المنطقة (ج) 60% من الضفة الغربية، ومع ذلك تحتفظ السلطات الإسرائيلية بالسيطرة الحصرية على التخطيط والترسيم في المنطقة. في جميع أنحاء إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة، أدت السياسات والممارسات التمييزية المجحفة، التي تقرها الدولة الإسرائيلية، إلى تهجير مجتمعات فلسطينية قسرًا على مدى عقود. تم تصميم مثل هذه السياسات عن عمد للحد من وصول الفلسطينيين إلى الأراضي الاستراتيجية، والسيطرة عليها مع السعي لإدامة الهيمنة الإسرائيلية اليهودية. كما استهدفت تهديدات الترحيل القسري مجتمعات فلسطينية أخرى في جنوب تلال الخليل ووادي الأردن؛ وهي منطقة استراتيجية لتوسيع المستوطنات الإسرائيلية وعمليات الضم المتعدّية. في يوليو/تموز الماضي، تم محو إحدى هذه المجتمعات، وهي خربة حمصة، الذي يعيش على الرعي، تمامًا من الخريطة بواسطة الجرافات الإسرائيلية. على الجانب الآخر من الخط الأخضر، في إسرائيل، هناك 35 قرية بدوية فلسطينية “غير معترف بها” في النقب معرضة أيضًا لخطر الهدم على أيدي السلطات الإسرائيلية، في مثال صارخ على الفصل العنصري. وهي لا تظهر على خرائط التخطيط والترسيم الإسرائيلية، ونتيجة لذلك، تعتبر غير قانونية، حيث ترفض السلطات الإسرائيلية ربطها بالخدمات الأساسية بما في ذلك الكهرباء والمياه. وقرية رأس جرابة هي إحدى هذه القرى التي يتعرّض سكانها الذين يبلغ عددهم 500 لخطر النقل القسري بسبب خطط السلطات الإسرائيلية لهدمها للسماح بتوسيع ديمونا، وهي بلدة يسكنها إسرائيليون يهود في الغالب.
مشاركة :