استهلت أسعار النفط الخام تعاملات الأسبوع على ارتفاع، حيث توازن السوق بين المخاوف من نقص الإمدادات، وتوقعات ضعف الطلب على الوقود بسبب رفع أسعار الفائدة الأمريكية. وتشهد السوق ضغوطا من عودة المخاطر الصحية بسبب تفشي وباء كورونا في الصين، وإعلان منظمة الصحة العالمية أن جدري القرود يمثل حالة طوارئ صحية عالمية. وتقلبت أسعار العقود الآجلة للنفط الخام بين الهبوط والارتفاع وسط ضعف المؤشرات الاقتصادية العالمية، كما تؤثر بيانات مؤشر مديري المشتريات الضعيفة للولايات المتحدة ومنطقة اليورو في الأسعار، بينما تتابع السوق اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي التي تبدأ اليوم لمدة يومين، حيث من المتوقع رفع أسعار الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس أخرى. وقال لـ «الاقتصادية»، محللون نفطيون إن تقلبات العقود الآجلة للنفط الخام تأتي في إطار استمرار علامات ضعف النشاط الاقتصادي في الغرب، الذي أثر في أسعار النفط، موضحين أن الآثار غير المباشرة للحرب الأوكرانية تتسبب في خسائر فادحة على نحو متزايد. وأوضح المحللون أن تقلص الطاقة الإنتاجية لـ"أوبك" جاء بسبب صعوبات الاستثمار وغياب الاستقرار لدى بعض الدول الأعضاء، كما يعاني قطاع النفط الصخري الأمريكي نقص العمالة والتزامات خفض الانبعاثات إلى الصفر، مشيرين إلى أن هذه الملابسات تحول دون توقع دقيق لمسار أسعار النفط حتى لو تم رفع العقوبات ضد روسيا أو انتهت الحرب في أوكرانيا. وأكد روبرت شتيهرير مدير معهد فيينا الدولي للدراسات الاقتصادية، وجود معنويات هابطة في السوق مع اتساع المخاوف من الركود الاقتصادي، خاصة في الولايات المتحدة، حيث يشير أحدث أرقام الطلب والمخزون الضمنية الصادرة عن إدارة معلومات الطاقة الأسبوع الماضي، إلى تباطؤ حاد في الطلب على البنزين. وأشار إلى توقعات إجراء رفع جديد للفائدة الأمريكية، وهو ما يعزز المخاوف من الانكماش والتباطؤ الاقتصادي العالمي. من ناحيته، قال ردولف هوبر الباحث في شؤون الطاقة، ومدير أحد المواقع المتخصصة، إن التوقعات التضخمية ستكون أساسية وواسعة التأثير في سوق النفط الخام في الفترة المقبلة، بينما في المقابل تتلقى الأسعار دعما من المعروض النفطي الضيق، ومن المتوقع أن يظل كذلك في المستقبل المنظور. وأشار إلى أن ضيق العرض يهيمن على السوق النفطية مدفوعا إلى حد كبير بالتوقعات بأن إمدادات النفط الروسية ستنخفض في الأشهر المقبلة، حيث يتوقع على نطاق واسع وجود خطط لتحديد سقف الأسعار، مبينا أن المعروض من النفط الأمريكي يتقلص أيضا بسبب أن صناعة النفط الصخري في الولايات المتحدة تسعى إلى خفض بصمتها الكربونية الصافية إلى الصفر بحلول 2030. من جانبه، ذكر ماثيو جونسون المحلل في شركة "أوكسيرا" الدولية للاستشارات، أن أسعار النفط الخام كانت في حالة انخفاض خلال الأسابيع القليلة الماضية، وبدأت الأسبوع الجاري على تقلبات بين الانخفاض والارتفاع، حيث زاد القلق بشأن الركود العالمي الذي يلوح في الأفق، لكن الأسعار عموما ما زالت مرتفعة، خاصة بالنسبة إلى مستهلكي الوقود نتيجة قوة الطلب. ولفت إلى تمسك منظمة أوبك بالزيادات الإنتاجية المحدودة والتدريجية، التي تراعي ضعف القدرات الإنتاجية لدى بعض الدول الأعضاء، كما يغيب أي اتجاه للاستعانة بالطاقة الاحتياطية الفائضة لتعزيز العرض العالمي وخفض الأسعار، خاصة من جانب كبار المنتجين، كون الطاقة الفائضة محدودة. بدورها، أوضحت ليز إكسوي المحللة الصينية ومختص شؤون الطاقة، أن "أوبك" لديها ثقة بصمود الطلب على الرغم من مخاوف التباطؤ الاقتصادي العالمي، ولذا حذرت المنظمة - في أحدث تقاريرها - من أن الطلب العالمي على النفط سيرتفع إلى مستويات ستختبر طاقتها الإنتاجية، لافتة إلى توقعات محللين أن الطاقة الفائضة قد تنخفض إلى أقل من مليون برميل يوميا بنهاية العام الجاري، مشددة على أن السوق ضيقة بشكل كبير. وأشارت إلى استمرار حالة الحذر في زيادة إنتاج النفط الصخري الأمريكي أيضا، على الرغم من ضغوط الإدارة الأمريكية لزيادة المعروض وخفض أسعار الوقود، لافتة إلى أن برامج انتقال وتحول الطاقة لا تزال تمثل الأولوية لشركات الطاقة الأمريكية، حيث كشفت الشركات عن أنها تعاني تحديات مختلفة، مثل نقص المواد والمعدات، إضافة إلى التضخم. وفيما يخص الأسعار، ارتفع النفط أمس في تعاملات متقلبة، إذ تزن السوق المخاوف من نقص الإمدادات في مقابل توقعات بأن يضعف رفع أسعار الفائدة الأمريكية الطلب على الوقود. وبحسب "رويترز"، سجلت عقود برنت عند التسوية 105.15 دولار للبرميل، مرتفعة 1.95 دولار أو 1.89 في المائة. بينما سجلت العقود الآجلة للنفط الأمريكي عند التسوية 96.70 دولار للبرميل، مرتفعة دولارين أو 2.11 في المائة. وتأرجحت أسعار عقود النفط الآجلة صعودا وهبوطا في الأسابيع الماضية مع محاولة المتعاملين الموازنة بين احتمالات مزيد من الرفع لأسعار الفائدة، وهو ما قد يحد من النشاط الاقتصادي، ما يقلل بدوره الطلب على الوقود، وبين نقص الإمدادات من النفط الروسي نتيجة للعقوبات الغربية. وقالت المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا، إنها تهدف إلى إعادة الإنتاج إلى 1.2 مليون برميل يوميا في غضون أسبوعين من نحو 860 ألف برميل يوميا. لكن محللين توقعوا استمرار تقلب إنتاج النفط الليبي مع استمرار التوترات هناك.
مشاركة :