ألمانيا.. السيناريوهات المحتملة لمواجهة قطع الغاز الروسي

  • 7/26/2022
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

عادت غازبروم الروسية مجددا لخفض تدفق الغاز عبر أنبوب نورد ستريم 1 لألمانيا إلى 20%. ودفع هذا القرار بألمانيا للتفكير بمزيد من الإجراءات لتوفير الطاقة. فما السيناريوهات المحتملة لمواجهة أزمة الغاز في ظل "الابتزاز الروسي"؟ غاز بروم تخفض تدفق الغاز عبر أنبوب نورد ستريم 1 إلى 20 بالمائة من طاقته.. فهل تقطع روسيا الغاز عن ألمانيا قريبا؟ ما أن عاد الغاز للتدفق إلى ألمانيا عبر أنبوب خط نورد ستريم 1، بنفس الكميات التي كانت قبل عمليات الصيانة، أي 40 بالمائة من طاقة الأنبوب، حتى أعلنت شركة غاز بروم الروسية للطاقة أنها ستخفض الكميات مجددا إلى 20% إلى ألمانيا اعتبارا من يوم الأربعاء (27 تموز/ يوليو 2022). وأوضحت الشركة في بيان أنه اعتبارا من الأربعاء سيتدفق يوميا 20 بالمائة أو 33 مليون متر مكعب من الغاز عبر أهم خط إمداد إلى ألمانيان اي نورد ستريم 1، وأرجعت الخفض إلى إصلاح توربين آخر.   هناك خمسة توربينات من صناعة شركة سيمنس إنيرجي الألمانية تشغل خط أنابيب نورد ستريم 1. أحد التوربينات معطل خارج الخدمة، وآخر تجري صيانته وثالث من المقرر أن تكون قد بدأت صيانته يوم الثلاثاء (26 تموز/ يوليو 2022). وهناك "توربينان في الخدمة يضخان 60 مليون متر مكعب يوميا... فإذا لم يعد أحدهما يبقى واحدا يضخ 30 مليون متر مكعب. فما ذنب غاز بروم؟" يقول بوتين. التوربين في طريق العودة منذ مدة طويلة بوتين يحمل المسؤولية للغرب والعقوبات التي فرضها على بلاده. وشركة سيمنس إنيرجي تقوم بصيانة التوربينات بورشة في كندا، التي عرقلت في البداية إعادة التوربين بسبب العقوبات المفروضة على روسيا، وهو ما دفع غاز بروم إلى الرد بخفض كميات الغاز التي تصدرها عبر نورد ستريم إلى 40 بالمائة قبل أعمال الصيانة والآن إلى 20 بالمائة!. لكن مشكلة إعادة التوربين قد تم تجاوزها، بعد اتفاق الحكومة الألمانية مع كندا على نقل التوربين إلى ألمانيا أولا ومن ثم إلى روسيا. وقد وصل فعلا إلى ألمانيا وهو في طريقه إلى روسيا، حسب ما صرح به الأسبوع الماضي وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك. وترى برلين أن موسكو تتذرع بأعمال الصيانة وإصلاح التوربينات لتبرير خفض كميات الغاز التي تضخها عبر الأنبوب، رغم أن هناك ما يكفي من التوربينات العاملة لضخ كميات أكبر من الغاز كما سابقا. وفي تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ)، قال هابيك: "لا توجد أسباب فنية لتخفيضات التوريد. التوربين جاهز للتسليم إلى روسيا"، مشيرا إلى أن وثائق تصدير شركة سيمنس إنيرجي موجودة بالكامل لكن روسيا ترفض إصدار وثائق الاستيراد. واتهم الوزير روسيا بأنها "تخرق العقود وتلقي باللوم على الآخرين"، قائلا إن "بوتين يلعب لعبة غادرة". عدم تدفئة الممرات والردهات هناك قلق شديد في ألمانيا من استمرار تذرع روسيا بحجج من قبيل أعمال الصيانة، لتبرير الحد من كميات الغاز أو وقف الضخ والتصدير تماما. والادعاء بأن روسيا بلد ضامن لإمدادات الطاقة لأوروبا، هو "تشويه للحقيقة". فروسيا تستخدم قوتها ونفوذها لابتزاز ألمانيا وأوروبا، حسب الوزير الألماني. وردا على خفض روسيا لكميات الغاز التي تصدرها لألمانيا، يسعى وزير الاقتصاد روبرت هابيك، إلى إصدار مجموعة من التعليمات والقوانين و اتخاذ إجراءات لضمان أمن الطاقة. مثل ملء خزانات الغاز الـ 23 في ألمانيا بنسبة 75 بالمائة حتى شهر أيلول/ سبتمبر و95 بالمائة حتى الأول من شهر تشرين الثاني/ نوفمبر. وإعادة تشغيل محطات توليد الطاقة الاحتياطية التي تعمل بالفحم اعتبارا من بداية شهر تشرين الأول/ أكتوبر. وفي المنازل أيضا ينبغي توفير استهلاك الغاز، وفي الدوائر الحكومية والمباني المكتبية ينبغي عدم تدفئة الممرات والردهات والقاعات الكبيرة. "نحتاج إلى نفس طويل (الصبر)" يقول هابيك. ولا تعتقد الحكومة الألمانية أن روسيا ستعود إلى ضخ وتسليم كميات الغاز التي تم الاتفاق عليها بموجب العقود التي أبرمت معها سابقا. إذ لا مصلحة سياسية لروسيا في ذلك، حسب كلاوس مولر، رئيس الهيئة الاتحادية للشبكات في ألمانيا، والذي أشار إلى أن روسيا يمكن أن تزيد كميات الغاز عبر الأنابيب الأخرى مثل تلك التي تمر عبر أوكرانيا، ولكنها لم تفعل ذلك حتى الآن. وزير الاقتصاد الألماني يعسى لاتخاذ المزيد من الإجراءات لتوفير أمن الطاقة ومواجهة عواقب احتمال قطع روسيا للغاز عن ألمانيا من سيتضرر من وقف تدفق الغاز الروسي؟ إذا توقف تدفق الغاز الروسي، سيصبح الوضع صعبا، وتفترض الهيئة الاتحادية للشبكات، أنه سيكون هناك نقص في كل أنحاء ألمانيا ويجب حينها تحديد الكميات التي سيحصل عليه كل مستهلك. المواطنون العاديون (العائلات) والمرافق الاجتماعية والمستفيدون من خدمة التدفئة عن بعد، محميون بموجب القانون، وبالتالي فإن القطاع الصناعي سيكون المتضرر الأول من وقف تدفق الغاز. وحول انعكاسات ذلك تختلف الآراء، إذ سيعتمد الأمر على كيفية تطور استهلاك المواطنين العاديين والكميات التي سيدعم بها الشركاء الأوروبيون ألمانيا، بالإضافة إلى سرعة بناء وتجهيز محطات الغاز المسال. لا يزال هناك مجال للتوفير حسب بيانات وزارة الاقتصاد تراجع استيراد ألمانيا للغاز الروسي من 55 بالمائة إلى 26 بالمائة من حاجة البلاد حتى نهاية شهر يونيو/ حزيران 2022. وهناك توقعات أن تتراجع نسبة الغاز الروسي حتى نهاية شهر تموز/ يوليو إلى نحو 10 بالمائة من كمية الغاز التي تستهلكها ألمانيا. لكننا الآن في فصل الصيف ولا يتم استهلاك الغام للتدفئة!. الخبير الاقتصادي روديغر باخمان، الأستاذ بجامعة نوتردام في ولاية انديانا الأمريكية، يفترض أن كل محطة للغاز المسال ستغطي حوالي 5 بالمائة من حاجة ألمانيا . وأشار في حوار مع DW إلى أن محطات توليد الطاقة بالفحم أيضا ستساهم في تعويض الغاز. كما لا يزال هناك جدال في الحكومة الألمانية حول الاستمرار في تشغيل محطات الطاقة النووية. تتذرع روسيا بأعمال الصيانة وتعطل توربينات ضخ الغاز وعدم تسليم شركة سيمنس إنيرجي للتوربين الذي تم إصلاحه رغم ذلك لن يكون شتاء لطيفا ! "إذن، لا يزال هناك شيء في جعبتنا"  يقول باخمان مطمئنا، ويضيف "قال قطاع الصناعات الكيماوية، وكما شركة BASF العملاقة، أنه سيتم تدبير الأمور بنصف كميات الغاز المعتادة، ولن يتم وقف الإنتاج". كما أن خفض التدفئة درجة واحدة يوفر "كثيرا" من كمية الغاز المستهلك. "إذن فهناك العديد من السيناريوهات، ولن يكون شتاء لطيفا، ولكن يجب التحرك من الآن". إذا لم تعاود روسيا زيادة تدفق الغاز إلى ألمانيا، فإن سعره سيرتفع بكل الأحوال. وهذا يجلب معه مخاطر اجتماعية كبيرة، لأن الأسر الفقيرة لن تستطيع دفع التكاليف المرتفعة جدا للتدفئة، والطبقة المتوسطة لن تستطيع تحمل التكاليف أيضا. و يرى الخبير الاقتصادي باخمان أن على الحكومة التحرك في هذه الحال، ويقول "رفع سعر الغاز يعني إفقار المجتمع، وبالتالي مجتمعا أكثر فقرا".ىيجب على المستوى السياسي أن يحدد من يتحمل هذا العبء في النهاية، "حسب رأيي يمكن لأصحاب الأكتاف القوية (الأغنياء) في المجتمع تحمل العبء، على سبيل المثال الزملاء أستاذة الجامعات في ألمانيا والآخرون من مثل هذه الطبقة" يقول باخمان. غاز بروم تريد الاستمرار في ضخ الغاز! لكن يبقى السؤال: هل تستطيع روسيا تحمل عواقب وقف تدفق الغاز بشكل تام؟ الاقتصاد الروسي في أزمة، والكرملين يحتاج لعائدات التصدير ليستطيع تمويل حرب أوكرانيا. كما وسيكون ذلك نقضا للعقود واعترافا من الكرملين باستخدام الغاز كسلاح سياسي. إلى جانب التأخيرات التي تم التلميح إليها، أكد بوتين خلال زياته إلى إيران مؤخرا، أن "غاز بروم تفي بالتزاماتها، وقد وفت بها دائما وستستمر في الوفاء بكل التزاماتها". ويعرف بوتين أن أي شيء غير الوفاء بالالتزامات سيكون إشارة مدمرة لكل زبائن روسيا، بما في ذلك الصين والهند اللتان توسعان حاليا حجم التبادل التجاري مع روسيا. زابينه كينكارتس/ ع.ج

مشاركة :