قرر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي اليوم (الثلاثاء) التوسع في "إجراءات الحماية الاجتماعية" من خلال "صرف مساعدات استثنائية" لملايين الأسر الفقيرة والأكثر احتياجا، من أجل تعزيز أمنها الغذائي ومجابهة تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية الحالية. وذكر المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية السفير بسام راضي، في بيان على صفحته الرسمية بموقع ((فيسبوك))، أن الرئيس السيسي عقد اليوم اجتماعا مع رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي، ووزراء التموين والتجارة الداخلية علي المصيلحي، والداخلية اللواء محمود توفيق، والمالية محمد معيط، والتضامن الاجتماعي نيفين القباج. وتناول الاجتماع "متابعة جهود إجراءات الحماية الاجتماعية لمجابهة تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية الحالية". ووجه الرئيس السيسي خلال الاجتماع بـ "التوسع في إجراءات الحماية الاجتماعية من خلال زيادة عدد الأسر المستفيدة من برنامج (تكافل وكرامة) بضم مليون أسرة إضافية للبرنامج، ليصبح حجم المستفيدين من المواطنين أكثر من 20 مليون مواطن على مستوى الجمهورية". و"تكافل وكرامة" هو برنامج تنفذه وزارة التضامن الاجتماعي ويقدم دعما حكوميا نقديا للمواطنين وفقا لشروط معينة. وتضمنت الإجراءات أيضا "صرف مساعدات استثنائية لـ 9 ملايين أسرة لمدة 6 شهور قادمة بتكلفة إجمالية حوالي مليار جنيه شهريا للأسر الأكثر احتياجا ومن أصحاب المعاشات الذين يحصلون على معاش شهري أقل من 2500 جنيه، وأيضا من العاملين بالجهاز الإداري للدولة الذين يحصلون على راتب اقل من 2700 جنيه شهريا" بحسب البيان الرئاسي. كما تضمنت "تعزيز الأمن الغذائي للأسر الفقيرة والأمهات والأطفال من خلال التوسع في طرح كراتين السلع الغذائية المدعمة بنصف التكلفة، وبواقع مليوني كرتونة شهرياً، بحيث يتم توزيعها من خلال منافذ القوات المسلحة". كذلك شملت الإجراءات "قيام وزارة الأوقاف بالشراكة مع وزارة التضامن الاجتماعي بتوزيع لحوم الأضاحي على مدار العام"، على أن "تقوم وزارة المالية بتوفير الموارد المالية اللازمة في هذا الصدد والبالغ إجماليها حوالي 11 مليار جنيه" (الدولار الأمريكي يعادل 18.96 جنيه مصري). واستعرضت وزيرة التضامن الاجتماعي نيفين القباج خلال الاجتماع، البرامج الاجتماعية المقدمة من الدولة حاليا، والتي يتلخص أهمها في "دعم الخبز والسلع التموينية، والدعم النقدي المتوسط، ودعم برامج الصحة، وصناديق التأمينات والمعاشات، ودعم الإسكان". وأوضحت الوزيرة أن "إجمالي الإنفاق على تلك الأنشطة من الموازنة العامة للدولة قد ارتفع على مدار السنوات السابقة ليصل إلى ما يقرب من 500 مليار جنيه في موازنة العام المالي الحالي"، مشيرة إلى أن برنامج "تكافل وكرامة" تطور على مدار السنوات الماضية حتى تضاعفت ميزانيته. وتابع الرئيس السيسي خلال الاجتماع أيضا "الموقف الحالي لمخزون السلع الاستراتيجية الأساسية خاصة الحبوب والغلال والزيوت". وأكد وزير التموين والتجارة الداخلية على المصيلحي أن "مخزون تلك السلع يكفي لمدة 7 أشهر"، مشيرا إلى أن "ما قامت به الدولة من تطوير لقدراتها التخزينية، من خلال إنشاء منظومة الصوامع الجديدة، انعكس بوضوح على تمكين الدولة من مواجهة الطوارئ والأزمات وتوفير الاحتياجات اللازمة خلال أزمة كورونا والأزمة الروسية الأوكرانية". من جانبه، اعتبر الخبير الاقتصادي الدكتور وليد جاب الله أن "هذه الإجراءات تمثل باقة جديدة من إجراءات الحماية الاجتماعية التي أعلن عنها الرئيس السيسي، وتشكل استمرارا لإجراءات حماية اجتماعية متطورة تسير فيها مصر منذ بداية برنامج الإصلاح الاقتصادي". وأضاف جاب الله، وهو عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي، لوكالة أنباء ((شينخوا))، أن "الشريحة الأولى بالرعاية (من المواطنين) تحتاج الآن إلى إجراءات مساندة، والدولة تبادر إليها رغم صعوبة الظرف الاقتصادي حتى تستطيع الحفاظ على قدرتها على تجاوز الظروف الاقتصادية الحالية". وأوضح أن "هذه الحزمة من إجراءات الحماية الاجتماعية تستجيب لموجة التضخم الحالية، حيث أن مصر ترتفع فيها معدلات التضخم تأثرا بارتفاع التضخم العالمي، وهو أمر متوقع استمراره على الأقل حتى نهاية العام الجاري، وبالتالي فإن توقع معاناة الشرائح الأولى بالرعاية خلال الأشهر القادمة هو السبب الأساسي في تقديم الحكومة تلك الباقة من إجراءات الحماية الاجتماعية". وأكد جاب الله أن هذه الإجراءات "خطوة جيدة لدعم المواطن المصري، وأتصور أن أهم ما فيها أنها خطوة مفاجئة لم يطالب بها أحد، وهذا يعبر عن إحساس الدولة المصرية بمعاناة الشرائح المستهدفة من تلك الإجراءات". وتابع "أعتقد أن هذه الإجراءات ستخفف من وطأة موجة التضخم الحالية على المواطنين، وستساعدهم على تحقيق الأمن الغذائي، والدولة حريصة على تلبية احتياجات المواطنين الأساسية، خاصة أن الموجة التضخمية الحالية تضرب في الأساس الغذاء، الذي يعد المكون الأكثر ارتفاعا في الأسعار خلال الفترة الماضية". ومع ذلك، رأى جاب الله أن هذه الإجراءات "علاج مؤقت لحين تجاوز تلك الأزمة وعودة مؤشرات الاقتصاد إلى مسارها الطبيعي". وأشار إلى أن "موجة الغلاء الحالية في مصر لا ترجع إلى أسباب تتعلق بالاقتصاد المصري لكنها مرتبطة بموجة تضخم خارجية وارتفاع أسعار الطاقة العالمية، واستمرار تلك الأزمة متعلق بالظرف العالمي أكثر ما هو متعلق بالاقتصاد المصري". وسجل معدل التضخم في مصر خلال العام 2022 نحو 13.2% في يونيو، و13.5% في مايو، و13.1% في ابريل، و10.5% في مارس، و8.8% في فبراير، و7.3% في يناير.
مشاركة :