تنظيم القاعدة يطور أساليبه للمزيد من الضغط على السلطات في مالي

  • 7/28/2022
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

تبدو سلطات مالي رغم الدعم الدولي عاجزة عن السيطرة على هجمات جماعة نصرة الإسلام والمسلمين التي تتحرك وفق استراتيجية تعزز ضغوطها على البلاد وتتوسع في محافظات جديدة. وعزز الجهاديون في فرع تنظيم القاعدة بمنطقة الساحل ضغوطهم على المجلس العسكري في مالي في الأيام الأخيرة عبر شن هجوم انتحاري في قلب السلطة في البلاد وتوغلات تجري باتجاه الجنوب أكثر فأكثر، مع تنسيق غير مسبوق في العمليات. وفي ظل تدهور مستمر في الوضع الأمني بهذه الدولة الواقعة في غرب أفريقيا والتي تدمرها حرب منذ 2012 وهزها انقلابان خلال عامين متتالين (2020 و2021)، توسّع جماعة نصرة الإسلام والمسلمين المرتبطة بتنظيم القاعدة، نفوذها. وفي آخر الوقائع الهجومية، اقتحمت آليتان مفخختان الجمعة مبنى تابعا للجيش في كاتي المدينة – الحامية التي تبعد 15 كيلومترا عن باماكو، وقلب المؤسسة العسكرية المالية. وأدى الهجوم إلى مقتل جندي مالي. وهذه هي المرة الأولى التي يتعرض فيها هدف بهذه الأهمية الاستراتيجية والرمزية لضربة من جهاديي القاعدة الذين يهاجمون مواقع أمنية في المناطق الريفية أو حول المدن في شمال البلاد ووسطها. الجماعة تسعى إلى إقناع السكان بتبني رؤيتهم للمجتمع عبر عرضها عدالة إسلامية والحصول على الرعاية والأمن ويؤكد مراقب مالي للوضع الأمني في سيفاري (وسط) أن ذلك يبدو “طريقة للقول للسلطات إن بإمكانهم الضرب في كل مكان، في أبعد مكان ممكن عن قاعدتها”. وعشية هجوم كاتي، سجلت 6 هجمات منسقة في وقت واحد في وسط البلاد وجنوبها عند الساعة الخامسة صباحا. وهذه سابقة في علاقة بتحركات الجهاديين وهجماتهم في البلاد. وصارت المناطق الجنوبية سيكاسو وكوليكورو وكايس التي لم تشهد هجمات جهادية من قبل، هدفا جديدا. وتبنت معظم هذه الهجمات جماعة نصرة الإسلام والمسلمين التي تأسست في 2017 من اندماج عدد من الفصائل: القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي (رائدة الجهاد في منطقة الساحل، تأسست في الجزائر في 2007)، وجماعات أنصار الدين التي يقودها إياد أغ غالي، والمرابطون التي أسسها الراحل مختار بلمختار وكتيبة ماسينا بقيادة أمادو كوفا. وقال خبير في الجماعات الجهادية في الأمم المتحدة إن استراتيجية جماعة نصرة الإسلام والمسلمين هي “إبعاد الاهتمام والقوات المسلحة المالية عن شمال مالي”، أما في جنوب البلاد، فتستخدم الجماعة “استراتيجية العدوى نفسها التي نجحت مع الوسط”، إلى درجة أن الشبكة باتت تستطيع الاستفادة الآن من الروابط الهشة بين مختلف الكتائب. وأشار هاني نسيبية الباحث في منظمة “أكلد” غير الحكومية المختصة في تتبع مناطق النزاع العسكري إلى أن الهجمات الأخيرة وعلى الرغم من أن “نتائجها متواضعة بالمقارنة مع الوسائل التي استخدمت”، أثبتت “المستوى العالي من التنسيق” لدى جماعة نصرة الإسلام والمسلمين، وأنها ليست مجرد “تحالف بسيط بين جماعات متفرقة”. هذا التنسيق في الوسط والجنوب الماليين أتاحته “حرية كبيرة في الحركة” نجمت عن “سيطرة جماعة نصرة الإسلام والمسلمين أو ممارستها نفوذا كبيرا على أراض شاسعة في المنطقة لاسيما على طول الحدود بين مالي وبوركينا فاسو”. استراتيجية جماعة نصرة الإسلام والمسلمين هي إبعاد الاهتمام والقوات المسلحة المالية عن شمال مالي”، أما في جنوب البلاد، فتستخدم الجماعة “استراتيجية العدوى نفسها التي نجحت مع الوسط وكشف تقرير حديث للأمم المتحدة أن هذا “الممر باتجاه الجنوب يسمح للجماعة بالتمدد باتجاه ساحل المحيط الأطلسي، خصوصا في بنين وتوغو حيث تتزايد الهجمات”. وأضاف التقرير أن أساليب جماعة نصرة الإسلام والمسلمين “تناقض العنف الأعمى” لتنظيم الدولة الإسلامية، الناشط أيضا في مالي. وفي أحراج كيدال وتمبكتو الصحراويتين في الشمال حيث تتمركز بقوة، وتسعى هذه الجماعة إلى إقامة حكم موازٍ لحكم الدولة، كما تقول مصادر محلية عدة. وقال مصدر أمني في تمبكتو إن أعضاء الجماعة “يسعون إلى إقناع” السكان بتبني رؤيتهم للمجتمع “عبر عرضهم عدالة إسلامية والحصول على الرعاية والأمن”. وفي بداية 2020، قال إياد أغ غالي زعيم جماعة نصرة الإسلام والمسلمين إنه منفتح على محادثات مع باماكو “بين الأخوة” شرط أن تسحب فرنسا والأمم المتحدة قواتهما من مالي. ومنذ ذلك الحين، حل عسكريون محل المدنيين على رأس البلاد فيما يغادر آخر الجنود الفرنسيين البلاد ليحل محلهم حلفاء روس. ورغم ذلك، أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الثلاثاء خلال جولة أفريقية استهلها بالكاميرون، أن بلاده “لن تتخلى عن أمن القارة الأفريقية”. وبدأت باريس في تطوير الجهاز العسكري الفرنسي جغرافيا وتنظيميا، منذ الإعلان عن انسحاب عملية برخان من مالي أمام عداء المجلس العسكري الحاكم. وفي وسط مالي، تجري معارك طاحنة بين مشاة الجماعة التابعين لـ”كتيبة ماسينا” وقوات النظام وأفراد مجموعة الأمن الروسية الخاصة فاغنر. ويدفع المدنيون العالقون بين فكي كماشة هناك ثمناً باهظاً. وفي نهاية يونيو، لقي 132 شخصا على الأقل حتفهم في واحدة من أسوأ المجازر منذ بداية الصراع. وأكد الجيش الذي يعلن كل أسبوع عن خسائر بشرية كبيرة لعملياته لكن لا يمكن التحقق من صحتها، مرات عدة أن الجماعة الجهادية “في مأزق”. ورد جهاز الدعاية لجماعة نصرة الإسلام والمسلمين في رسالته لتبني هجمات كاتي السبت “إذا كنتم تملكون الحق في استخدام مرتزقة لقتل أبرياء عزل، فنحن نملك لهذا السبب الحق في تدميركم واستهدافكم”.

مشاركة :