لم يطل الوقت على إطلاق فكرة «ذا لاين» ورؤيتها الأولية، حتى فاجأ سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الجميع بالإعلان عن تصاميم مدينة المستقبل، الفريدة في نهجها، مقارنة بالمدن التقليدية والحديثة. في أقل من عامين تحولت الفكرة إلى مشروع متكامل بتصاميم مبتكرة، ومراحل إنجاز محددة، وتكاليف، ومصادر تمويل واضحة وأرقام بُنيت على دراسات دقيقة، طرحها سمو ولي العهد في حفل الإطلاق المتميز. ذا لاين، هي مدينة الخيال التي تتمحور حول الإنسان، وتمثل نموذجاً عالمياً يحقق الاستدامة وجودة الحياة في أدق تفاصيلها، والتناغم الأمثل مع الطبيعية. لا يتجاوز عرضها 200 متر فقط وعلى امتداد 170 كيلومتراً، مرتفعة عن سطح البحر وبما يضمن لها الطقس المعتدل. 34 كيلومتراً مربعاً، هي مساحتها الكلية، ومن المتوقع أن تتسع لنحو 9 ملايين نسمة، ما يقلل من تمدد البنية التحتية، ويعزز من كفاءة واستدامة المدينة على نحوٍ مميز. أعاد سمو ولي العهد تعريف مفهوم التنمية الحضرية، كما وعد من قبل، وبدأ في تطوير مجتمعات حضرية يكون الإنسان محورها الرئيس، وتعزز في الوقت عينه وتحافظ على البيئة وتدعم، وتنمي مكوناتها الطبيعية. «ذا لاين» ستكون المدينة العالمية الأولى التي تبنى من الصفر من حيث المنظومة الذكية، والتصميم العام، وتحديد قطاعاتها الاقتصادية الملتصقة بالتكنولوجيا الحديثة، والسياحة البيئية بأنواعها، وطابعها العام المحقق للمتطلبات البيئية، وصحة الإنسان ورفاهيته، وخلوها من المركبات، والإنبعاثات الضارة وسهولة الحركة فيها، وإمكانية التنقل بين مرافقها في مدة زمنية قصيرة. المتابع لمجريات العمل في مشروع «نيوم» يلحظ التطور المرحلي في طرح مكوناتها، والبدء في تنفيذ بعضها، فالإعلان عن تصاميم «ذا لاين» جاء بعد الإعلان عن إطلاق مدينة الصناعات المتقدمة «أكساجون»، والوجهة السياحية العالمية «تروجينا» التي تقدم أول تجربة للتزلج على الثلج في الهواء الطلق في منطقة الخليج، ثم إطلاق شركتين تابعتين لـ«نيوم»، وهما «إنوا» للابتكارات وصناعات الطاقة والمياه والهيدروجين، و«نيوم التقنية الرقمية»، وهذا ما يعزز المصداقية والثقة بالمشروعات الكبرى التي تطرح تباعاً، ويرد عملياً على حملات التشكيك، الخارجية والداخلية، التي لم تتوقف منذ إطلاق رؤية 2030 ومشروعاتها الكبرى. لن تتوقف حملات التشكيك بمشروعات المملكة الكبرى، ومنها مشروع نيوم، الذي وُوجه بحملات تشكيك منظمة، ثم محاولة ربطه بقضايا لاعلاقة لها بالتنمية والاستثمار، واختلاق القصص حولها. ولعلي أعود بالذاكرة إلى حملات تشكيك سابقة، ومنها التشكيك بقدرة المملكة على خلق قطاع صناعة النفط، ثم التشكيك بقدرة أبنائها على إدارة القطاع وشركة أرامكو بعد خروج الأميركيين منها، ثم التشكيك بخلق صناعة البتروكيماويات وإنشاء مدينتي الجبيل وينبع الصناعيتين، حملات ممنهجة، أثبتت النتائج خطأها. ما يحدث اليوم في نيوم، وذا لاين، أشبه بما حدث من قبل في قطاع النفط، وصناعة البتروكيماويات، وإنشاء شركة سابك، ومدينتي الجبيل وينبع الصناعيتين. أحلام طموحة تحولت إلى واقع محسوس. تبدأ المشروعات الكبرى في المملكة بحلم، ثم تتحول إلى حقيقة، بتوفيق الله، ثم بقيادة سمو ولي العهد الذي لم يترك شاردة ولا واردة إلا أحاط الحضور بتفاصيلها الدقيقة. ظهر ذلك جلياً في ردود سموه على أسئلة المستثمرين والإعلاميين، فدوره القيادي جعله منغمساً في التفاصيل والتوجيه والاستماع للاستزادة، وتوضيح التفاصيل الدقيقة. وبالرغم من مشاغل سموه الكبرى، وارتباطاته الكثيرة، وجدول أعماله المزدحم، إلا أنه أعطى المستثمرين والإعلاميين من وقته الكثير، ولم يمضِ إلا بعد أن أجاب على جميع استفساراتهم، في لفتة كريمة أكد من خلالها إيمانه بدور الإعلام المهم، واهتمامه بالإعلاميين، وحرصه على نقل الصورة الدقيقة للمشروعات الكبرى التي يؤمن بها، ويعمل على تحقيق أهدافها الطموحة ونقل صورتها للعالم. ذا لاين، هي مدينة المستقبل التي ستحاكي بها المملكة العالم لتؤكد قدرتها على تحقيق الاستدامة، ومعالجة تحديات التنمية والطاقة والمناخ والمشاركة في بناء المستقبل.
مشاركة :