حسمت دار الإفتاء المصرية، الجدل الواقع منذ أيام حول قائمة المنقولات الزوجية، بالمطالبة بإلغائها بالتزامن مع فهم خاطئ لحكم من المحكمة بإلغاء الحبس في إحدى القضايا التي تتعلق بتبديد قائمة المنقولات، وظن البعض أنه قرار بإلغاء قائمة المنقولات الزوجية. وقالت عبر حسابها على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، أمس (الأربعاء)، إنه لا حَرَجَ شرعاً في الاتفاق على قائمة المنقولات الزوجية (قائمة العَفْش) عند الزواج»، وأضافت «فلا بأس بالعمل بها على كونها من المهر؛ قال تعالى ﴿وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهنَّ نِحْلَة﴾ [النساء: 4]، والمرأة إذا قامت بإعداد بيت الزوجية في صورة جهازٍ؛ فإن هذا الجهاز يكون مِلكاً للزوجة ملكاً تامّاً بالدخول، وتكون مالكة لنصفه بعقد النكاح إن لم يتم الدخول». وشددت في نهاية منشورها «على أنَّه يراعى في ذلك عَدَم إساءة استخدام (القائمة) حال النزاع بين الزوجين». وتخضع «قائمة العفش» أو ما يعرف بـ«القايمة» في مصر، للكثير من الجدل في الآونة الأخيرة حول تطبيقها أو إلغائها، وهي عبارة عن ورقة عرفية يكتب فيها الزوج المنقولات التي اشترتها أسرة الزوجة للمساهمة في تأثيث منزل الزوجية، وعادة تكون بعض الأثاث المنزلي وجزءاً من الأجهزة الكهربائية وأدوات المطبخ والملابس، وبعض الأسر تكتب الذهب الذي قدمه العريس للعروس، ويقوم بعدها الزوج بالتوقيع على تلك الورقة والتي تحتفظ بها أسرة العروس، وتقدم للمحكمة في حالة الطلاق. وينص القانون المصري، وفقاً للمادة 341 من قانون العقوبات، على أنه يعاقب بالحبس لمد قد تصل إلى 3 سنوات وبالغرامة. وتنقضي الدعوى الجنائية في الجنح بمرور 3 سنوات من واقعة التبديد. ويسقط حكم تبديد المنقولات بمرور 5 سنوات من وقت الحكم بالعقوبة. وفي بعض الأسر، يوقّع الزوج على إيصال أمانة بمبلغ مالي ضخم؛ ظناً من أهالي الزوجة أن هذا يحميها من غدر الزوج، في حين ترفض بعض الأسر «القايمة» وترى أن ابنتهم أمانة في بيت زوجها لا يعوضها المال. وتشهد أروقة المحاكم المصرية، قضايا متعددة من الأحوال الشخصية تتصدر فيها قضايا تبديد المنقولات الزوجية، الصورة دائماً لخضوعها إلى الشق الجنائي. ووفقاً الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، فإن عدد حالات الطلاق التي وقعت خلال العام 2020 وصلت إلى 222 ألفاً و36 حالة بين الطلاق والخلع. وفي عام 2018، بلغت حالات الطلاق 211.6 ألف حالة، وخلال 2017 بلغت 198.3 ألف حالة، وفي 2016 وصلت إلى 192.1 ألف حالة. وكانت دار الإفتاء قد صرحت من قبل، أنه عادة ما يكون الجهاز (أثاث) في بيت الزوجية الذي يمتلكه الزوجُ أو يؤجره مِن الغير، فيكون الجهازُ تحت يَدِ وقَبضَة الزوج، فلَمَّا ضَعُفَت الدِّيَانة وكَثُر تَضييعُ الأزواجِ لِحُقوقِ زوجاتِهم رَأى المُجتمَعُ كتابة قائمة بالمنقولات الزوجية (قائمة العَفْش)؛ لِتَكون ضَمَاناً لِحَقِّ المرأة لَدى زوجها إذا ما حَدَثَ خلافٌ بينهما، وتَعارَفَ أهلُ بلادنا على ذلك». وأشارت إلى أن القائمة «إذا استخدِمَت في موضعها الصحيح ولم تُستَخْدَم للإساءة ليست أمراً قبيحاً، بل هي أمرٌ حَسَنٌ يَحفظ حقوقَ الزوجة ولا يَضُرُّ الزوجَ، ولا تُصادِمُ نصّاً شرعيّاً، ولا قاعدة فقهية، وإنما هي مُتَّسِقَة مع الوسائل التي استحبَّها الشرعُ في العُقودِ بِعَامَّة؛ كاستحبَابِ كتابة العُقودِ، واستحبَابِ الإشهادِ عليها، وعَدَمُ وجودها في الزمنِ الأولِ لا يُشَوِّشُ على مشروعيتها؛ لأنها تَتَّسِقُ مع المقاصد العامَّة للشريعة مِن السعي لضمانِ الحقوقِ، ورَفْعِ النـِّزاع، فهي ليست البدعة المذمومة المَنهِي عنها، بل هي بدعة مُستَحسنة ممدُوحَة، يَصِحُّ أن يُقال فيها وفي أمثالها كما قال عمر - رضي الله تعالى عنه - «نِعمَتِ البِدعة».
مشاركة :