صراع الصدر والمالكي.. هل يشعل شرارة حرب أهلية؟

  • 7/28/2022
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

- في تسريبات، سُمع كلام منسوب للمالكي يوضح فيه نيته اقتحام مدينة النجف والتخلص من الصدر.  - يرى مراقبون، ان التسريبات أدخلت العلاقات مع الصدر في طريق اللاعودة - الجهات العراقية المختصة لم تبت بصحة التسريبات من عدمها اعادت تسريبات منسوبة لرئيس الوزراء العراقي الأسبق نوري المالكي إلى الاذهان صورة صراع يمتد إلى عام 2008 مع رئيس التيار الصدري مقتدى الصدر. ويرى مراقبون، ان التسريبات أدخلت العلاقات بين الطرفين في طريق اللاعودة، وابعد من ذلك، احتمالات الدخول في اقتتال داخلي بين التيار الصدري والاجنحة العسكرية لقوى الاطار التنسيقي. ولثلاث مرات نفى المالكي صحة التسريبات متبنيا فكرة تزييف صوته عبر تقنيات حديثة متطورة من قبل جهات لم يذكرها بالاسم قال انها تهدف إلى اشعال الفتنة في العراق. وحتى الان لم تبت الجهات العراقية المختصة بصحة التسريبات أو عدم صحتها، كما ان القضاء العراقي لم يتخذ أي اجراءات بشأن عدد من الشكاوى تقدّم بها مواطنون وناشطون وسياسيون في عدد من المحاكم تتهم المالكي بتهديد السلم الأهلي. المحطة الفارقة في سجال الخلافات بين الصدر والمالكي، كانت بعد نشر أحد المدونين المقيمين خارج العراق الجزء الرابع من سلسلة تسريبات بلغت مدتها الاجمالية 48 دقيقة. في هذا الجزء، سُمع كلام منسوب للمالكي يوضح فيه نيته اقتحام مدينة النجف والتخلص من الصدر. وفي تعليق له على التسريبات، طالب الصدر المالكي باعتزال العمل السياسي وتسليم نفسه إلى الجهات القضائية. ودعا إلى "إطفاء الفتنة" من خلال استنكار مشترك من قبل قيادات الكتل المتحالفة مع المالكي في الاطار التنسيقي من جهة، وكبار عشيرته من جهة أخرى. وفي التسريبات، هاجم المتحدث الذي قدّمه المسؤول عن التسريبات على انه المالكي، التيار الصدري ورئيسه في اكثر من مرة. ووصف بعض قادة الحشد الشعبي بأن "امرهم بيد إيران"، كما هاجم رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود البارزاني ورئيس حزب تقدم محمد الحلبوسي، الشريكين لمقتدى الصدر في تحالف "إنقاذ وطن" الذي لم يعد موجودا بعد استقالة أعضاء الكتلة الصدرية في يونيو/ حزيران الماضي. ولا تزال الجهات المختصة لم تعلن موقفها من صحة التسريبات التي كان اخطر ما فيها التخطيط لانقلاب سياسي باستخدام القوة من فصائل مسلحة لم يعلن عنها سابقا. ويرى محللون، ان أي انقلاب سياسي يدبره المالكي سيستهدف التيار الصدري ورئيسه في المقام الاول، وشركاء العملية السياسية من العرب والاكراد المتحالفون ضمنا مع التيار الصدري في المقام الثاني، والنظام السياسي برمته. وفي تغريدة للصدر أشار أنه كان في مرات عدة وراء "حقن دماء العراقيين بمن فيهم المالكي نفسه"، في إشارة إلى صدام سابق عام 2008 بين القوات الأمنية التي كان يقودها رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي بصفته القائد العام للقوات المسلحة، وجيش المهدي الجناح العسكري للتيار الصدري والذي اعلن الصدر حلّه بعد أسابيع من الاشتباكات في البصرة. وشرعت القوات الأمنية مارس 2008 بدعم واسناد من القوات الامريكية بعملية اطلق عليها "صولة الفرسان" في البصرة، جنوبي العراق، لفرض القانون بعد اتساع نفوذ جيش المهدي وسيطرته على موارد البصرة، والتي انتهت بحلّ جيش المهدي بعد القائه السلاح وتسليمه للقوات الأمنية بعد أكثر من ثلاثة أسابيع من القتال الشرس ووقوع مئات الضحايا بين الجانبين. تشكل محافظة البصرة المنفذ البحري الوحيد للعراق على الخليج العربي الذي يصدر عبره اكثر من 90 بالمائة من المنتجات النفطية إلى الأسواق العالمية، كما تحتوي المحافظة على عدد من اكثر الحقول النفطية غزارة من حيث الاستخراج أو الاحتياطيات المؤكدة، ومقرات لشركات نفط الجنوب العراقية وشركات عالمية. بعد عامين على عملية "صولة الفرسان" اعيد انتخاب المالكي لولاية رئاسية ثانية بين عامي 2010 و2014 تميزت بنهج الاستحواذ على كامل السلطات واقصاء الشركاء، وفق مراقبين. ولعب الدور الأساسي في ذلك، الدعم الأمريكي والتأييد الإيراني له في عملية صولة الفرسان بالبصرة. بعد مقاطعة مؤقتة للعملية السياسية، دخل التيار الصدري في تحالف استراتيجي مع حزب الدعوة عام 2006 بقيادة رئيس الوزراء الاسبق نوري المالكي. ولم تؤثر عملية "صولة الفرسان" على خيارات الصدر في الاشتراك بحكومة المالكي عام 2010. كما كان نواب كتلة التيار الصدري عامل الترجيح في التجديد للمالكي لولاية ثانية عام 2010 وهو ما تمّ له باصوات هذه الكتلة. لكن العلاقة تراجعت مُنذ منتصف الولاية الثانية للمالكي ثم تحولت إلى حالة عداء بينهما كعنوان أبرز للعلاقات داخل البيت السياسي الشيعي، وهو عداء متحول محكوم بظرفه الزماني والتنافس السياسي المرحلي. ويحاول مقتدى الصدر، وفق مراقبين، تبني منهجا عمليا نفعيا في التعاطي مع الواقع المعقد في العراق دون ان يمتلك رؤية واضحة تقوده الى الإصلاح السياسي والقضاء على الفساد داخل مؤسسات الدولة، وهو جزء اصيل من هاتين السلطتين التي يحاول إصلاحها ومحاربة الفساد داخلها. ويحمّل الصدر "خصمه" المالكي مسؤولية استشراء الفساد واعمال العنف خلال فترتي ولايته (2006 الى 2014)، واجتياح الموصل ومدن ومحافظات عراقية أخرى من قبل تنظيم داعش في يونيو/ حزيران 2014 اثناء محاولته التجديد لولاية رئاسية ثالثة بعد انتخابات أيار/ مايو 2014. وفي انتخابات أكتوبر/ تشرين الأول 2021، حازت الكتلة الصدرية على 73 مقعدا نيابيا. تبنى الصدر تشكيل حكومة "اغلبية وطنية" بالتحالف مع كتل سياسية سنية وكردية بنهج إصلاحي وطني لمكافحة الفساد واستعادة هيبة مؤسسات الدولة وحصر السلاح بيدها. وتبنى خصومه في الاطار التنسيقي تشكيل "حكومة توافقية" على مبدأ المحاصصة السياسية في اقتسام السلطة والموارد، يرى الصدر فيها انها المتسبب الأول في الفساد المالي وغياب الرقابة. وبعد ثمانية اشهر من فشله في تشكيل حكومة "اغلبية وطنية"، دعا الصدر نوابه لتقديم استقالاتهم من البرلمان في 12 يونيو/ حزيران الماضي. واشترط الصدر سابقا على الإطار التنسيقي ألا يكون المالكي جزءا من الحكومة، رغم بوادر إيجابية بين الجانبين برزت بعد اتصال هاتفي بين المالكي والصدر مارس/ اذار الماضي، أشاد بها الرئيس برهم صالح واطراف عدة رأت فيها بداية لحلحة ازمة تشكيل الحكومة وخروجا من حالة الانسداد السياسي. فتحت استقالة نواب الكتلة الصدرية الباب امام قوى الاطار التنسيقي لإعلان مرشحهم لرئاسة الوزراء وتشكيل الحكومة العراقية الجديدة. ويرفض التيار الصدري صراحة القبول بتسمية الاطار التنسيقي أي مرشح لرئاسة الوزراء لا تنطبق عليه المعايير التي وضعها رئيس التيار بتسمية شخصية مقبولة من المرجعية الدينية، وغير جدلية، ولم يسبق ان اتهمت بملفات فساد. لكن في الحقيقة وعلى خلفية العداء "الشخصي" مع المالكي، فان الصدر لن يقبل بأي شخصية قريبة او محسوبة على المالكي، او على ائتلافه (دولة القانون). ومن المتوقع ان يواصل التيار الصدري اللجوء الى خيار تحشيد الشارع لمنع تشكيل أي حكومة يقودها الاطار التنسيقي مع زيادة حدة التصعيد الإعلامي بين الطرفين المتنافسين. وبدد اقتحام انصار التيار الصدري مبنى البرلمان، الأربعاء 27 يوليو/ تموز، طموحات وآمال الاطار التنسيقي بتشكيل حكومة وصفوها بانها حكومة "خدمة وطنية" بعد ان فتحت استقالة نواب الكتلة الصدرية الأبواب امامهم. ولا تبدو ثمة فرصة امام مرشح الاطار التنسيقي محمد شياع السوداني للمضي قُدما باتجاه تشكيل الحكومة رغم تصريحاته بتمسكه بالترشيح وتشكيل الحكومة الجديدة. الانقسام في المجتمع العراقي سواء على المستوى المكوناتي العرقي بين العرب والاكراد، أو على المستوى الطائفي بين الشيعة والعرب السنة، يذهب ابعد من هذا إلى الانقسام والخلافات داخل المكون الشيعي نفسه. وتُنذر زيادة حدة الخلافات داخل "البيت الشيعي" دون ضوابط تتصدى لها المرجعية الشيعية، السلطة الاعتبارية الأعلى، بوضع العراق على حافة موجة جديدة من الحرب الداخلية بين الشيعة انفسهم. الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.

مشاركة :