بخيوط من الحرير والذهب والفضة، تتم حياكة وتطريز ثوب الكعبة المشرفة كل عام، في اهتمام أولته المملكة العربية السعودية منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، الذي أمر بإنشاء دار خاصة لصناعة كسوة الكعبة في مكة. وتتجاوز تكلفتها السنوية حاليا 20 مليون ريال سعودي، حيث يزن الثوب 850 كيلوغراما، والكسوة مقسمة على 47 قطعة قماش بعرض 98 سم، وارتفاع 14 سم، وتتم حياكتها بمجمع الملك عبدالعزيز لكسوة الكعبة الواقع بأم الجود في مكة المكرمة، لتكون جاهزة ليوم تغييرها الذي سيكون هذا العام في محرم من السنة الهجرية الجديدة. وتواصل الاهتمام من بعده في العناية بصناعة الكسوة وتطويرها، حيث تم الانتهاء من أول كسوة تصنع بالمصنع الجديد بعد عمل استمر ثلاثة أشهر وتحديدا في أغسطس 1962. ويتم تطوير صناعة الكسوة وإدخال كل السبل التقنية الحديثة التي أسهمت في تمكين المجمع من إنتاج الثوب، ومن أهم ما تم استحداثه توفير ماكينة “تاجيما”، وماكينة الجاكارد، التي تقوم بصناعة ثوب الكعبة المنقوش بالتسبيحات والقناديل المذهبة والكلمات التي تتم بواسطة الفريق الفني المختص من الأيدي المدربة المؤهلة على هذه الماكينة التي تحتوي على أكثر من 9 آلاف وتر من الحرير، وتستغرق صناعته الثوب من 6 إلى 8 أشهر، ويعمل في صناعته أكثر من 200 صانع على مدار السنة. وتطرز الكسوة بخيوط من الذهب والفضة، حيث يصل عدد قطع المذهبات إلى 54 قطعة على الكعبة، في قسم متخصص باسم “تطريز المذهبات” بالمجمع، وذلك باستخدام 120 كيلوغراما من المذهبات، و100 كيلوغرام من الفضة المطلية بماء الذهب، و760 كيلوغراما من الحرير. Thumbnail وتمرّ مراحل الكسوة بمجموعة من الأقسام الفنية، وتبدأ بمرحلة الصباغة، حيث يزود قسم الصباغة بأفضل أنواع الحرير الطبيعي الخالص، ثم النسيج الآلي الذي يحتوي على العبارات والآيات القرآنية، ثم قسم المختبر الذي يقوم بإجراء الاختبارات المتنوعة للخيوط الحريرية والقطنية، من أجل التأكد من مطابقتها للمواصفات القياسية المطلوبة من حيث قوة شد الخيوط الحريرية ومقاومتها لعوامل التعرية، إضافة إلى عمل بعض الأبحاث والتجارب اللازمة لذلك، تأتي بعدها مرحلة الطباعة التي يتكون منها قسم الحزام والتطريز وقسم خياطة الكسوة، ثم وحدة العناية بكسوة الكعبة المشرفة. وعند الانتهاء من جميع مراحل الإنتاج والتصنيع، وفي منتصف شهر ذي القعدة، يقام حفل سنوي في مصنع كسوة الكعبة المشرفة وتسلَّم الكسوة إلى كبير سدنة بيت الله الحرام، الذي بدوره يقوم بتسليمها إلى الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام المسجد النبوي، أما هذا العام فقد صدر أمر ملكي بتسليم كسوة الكعبة في العاشر من شهر ذي الحجة. وتأتي آخر قطعة يتم تركيبها وهي “ستارة باب الكعبة المشرفة” التي تعدّ من أصعب مراحل عملية تغيير الكسوة، وبعد الانتهاء منها يرفع ثوب الكعبة المبطن بقطع متينة من القماش الأبيض، بارتفاع نحو ثلاثة أمتار من شاذروان (القاعدة الرخامية للكعبة) المعروفة بعملية “إحرام الكعبة”. ويعدّ المجمع من أكبر مجمعات تصنيع الحرير وتطريزه ونحته، ابتداء من تصنيع الخيوط الحريرية وحياكتها وطباعة الرموز على القماش الحريري، ويدخل بعدها إلى قسم التطريز بالمذهبات ثم يحوّل إلى قسم التجميع ثم الحشو للحروف بالقطن لإعطاء البروز والجمال للحرف في أثناء التطريز، ثم بعد ذلك يقومون بعملية التطريز التي تكون بالأسلاك الفضية المطلية بماء الذهب والأسلاك الفضية المخالصة، ثم يكون الثوب جاهزا للاستبدال.
مشاركة :