كورك الإيرلندية .. جمال الماضي ومتعة الحاضر

  • 12/26/2015
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

تعتبر مدينة كورك الإيرلندية من المدن المثيرة والجميلة في العالم، والتي تتميز بتاريخها الحافل وطبيعتها الهادئة، إنها من المدن التي تفرض على زوارها المتعة والبهجة وتدهشهم بطبيعتها الخلابة وأبنيتها الراقية. كورك هي المدينة الثانية في إيرلندا من حيث الأهمية، وكانت ولا تزال مقصداً للسياح من مختلف أنحاء العالم الذين يأتون إليها بهدف مشاهدة أحيائها وشوارعها التي تنضح بالحيوية وتذكرهم بعراقة هذه المدينة التي تمتد جذورها في عمق التاريخ الأوروبي. مر ملايين الإيرلنديين الذين هاجروا إلى أمريكا الشمالية في القرن التاسع عشر عبر هذه المدينة، وتركوا وراءهم العديد من الآثار التي لا تزال خالدة إلى يومنا هذا. وتزخر المدينة التي تشتهر بميناء كوف وميناء كينسل، بالعديد من المناظر المدهشة، والتي تجذب السياح بشكل كبير خصوصاً في فصل الصيف حيث تبدأ الرحلات البحرية التي تنطلق من تلك الموانئ. كورك المدينة وعندما ننظر إلى المدينة نظرة شاملة نجد أنها قد بنيت على امتداد مجموعة من الأودية والهضاب المجاورة التي تتوسطها الشوارع والأقنية المائية المصممة بشكل مذهل، وبين هنا وهناك تنتشر المطاعم والمقاهي الشعبية التي تضيف جمالاً إلى جمال المدينة. وتعد كورك نقطة مميزة تربط معظم المدن الإيرلندية الجنوبية وتنطلق منها الرحلات السياحية إلى الجنوب على الرغم من أن معظم السياح الذين يصلون إليها لا يغادروها نظراً لجمالها وتنوع مناظرها. وللاستمتاع بمنظر رائع لكامل المدينة، ما عليك سوى التوجه إلى تلة شاندن التي تقع إلى الشمال من مركز المدينة، والتي تشتهر بكنيستها العريقة سانت آن، تلك الكنيسة التي بنيت في منتصف القرن الثامن عشر حيث يمنحك الصعود إلى أعلى برجها الشامخ منظراً مدهشاً للمدينة وموانئها البحرية، أما إن كان لديك الفضول في قرع أجراس الكنيسة فلا تفوت الفرصة. أبرز معالم كورك ليس ببعيدٍ عن الكنيسة، نجد متحف الزبدة الشهير كورك بتر ميوزيوم الذي يذكر الزوار بأن هذه المدينة كانت ذات يوم أكبر سوق للزبدة ومشتقات الحليب في العالم، والتي كانت تنتج من المزارع التي تنتشر في جميع إيرلندا وتصدر إلى المناطق التي كانت تسيطر عليها الإمبراطورية البريطانية في براميل خشبية عملاقة. وتضم مدينة كورك العديد من الأبنية التاريخية التي تقع في ضواحي المدينة الشمالية والجنوبية، ولكن القسم الأكبر من تلك المواقع الرائعة يقع في الجزء الجنوبي من المدينة، وتتميز بعراقتها وفخامة بنائها ولعل أشهر تلك المواقع والتي يقصدها آلاف الزوار سنوياً كاتدرائية سانت فين باري المذهلة التي تتميز بأسلوبها المعماري المزخرف بالفنون القوطية، ويمتد بجانبها عدد من المنازل الفخمة التي تعود إلى تجار مدينة كورك الأثرياء. وعند الاتجاه جنوباً من المدينة فإننا نجد الأسوار الشاهقة لحصن الملكة إليزابيثأ وعدداً من القلاع والأبنية التاريخية الأخرى أهمها كورك سيتي غول وهو البناء الذي كان يستخدم كسجن في زمن الإمبراطورية البريطانية. التسوق وتناول الطعام الاستمتاع بوجبة طعام شهية قبل وبعد رحلات استكشاف المدينة أمر لا بد منه لزوار كورك، ويعتبر السوق الإنجليزي الوطني، المصمم بأسلوب العصر الفكتوري، من أكثر الأسواق استقطاباً للزوار في إيرلندا، حيث يتهافت عليه السكان المحليون والسياح الأجانب بشكل كبير، وذلك لأنه يحتوي على كل ما يحتاجه الزوار من اللحوم الإيرلندية الطازجة والأسماك ومشتقات الألبان والحلويات بأنواعها. ومن المطاعم الرائعة والتقليدية الأخرى في كورك مطعم فارم غيت الذي يتميز بإطلالاته الرائعة، وهو من المطاعم الأفضل في المدينة والذي لا يقدم سوى الوجبات المطبوخة من الخضروات واللحوم الطازجة، أما مطعم جاكويز فهو متخصص بالمأكولات البحرية من الأسماك والروبيان، وإن كنت من محبي الدجاج المتبل على الطريقة البرتغالية فما عليك سوى زيارة مطعم ناندو الذي يقع بالقرب من مركز المدينة. كوف وكينسل يقع ميناء كوف الشهير إلى الشرق من مدينة كورك، وهو الميناء الذي تفوح منه رائحة الماضي العريق. كان الميناء يعرف في القرن التاسع عشر بميناء كوين تاون حيث انطلق منه أكثر من ثلاثة ملايين إيرلندي إلى أمريكا الشمالية باعتباره الطريق الوحيد إلى هناك. وربما من القصص التي ترتبط جداً بهذا الميناء أنه كان الميناء الأخير الذي مرت به سفينة تايتنك الشهيرة التي غرقت في المحيط الأطلسي عام 1912، وقضى في تلك الحادثة نحو 1500 شخص. تم بناء متحفين بالقرب من هذا الميناء، ويعتبران كدليل للزوار الذين يودون التعرف إلى تاريخ هذا الميناء، يركز المتحف الأول وهو الأشهر كوينز تاون على الهجرات التي انطلقت من هذا الميناء، ويعرض بالصور أهم السفن التي انطلقت من ميناء كوف. أما المتحف الثاني الذي سمي باسم تايتنك إكسبيرينس فهو يعرض تاريخ هذه السفينة، وأهم مراحلها ووجهاتها ومحتوياتها وأقسامها والأسباب التي أدت إلى غرقها. وعلى إحدى الهضاب المشرفة على الميناء تنتصب كاتدرائية سانت كولمان مطلة على الواجهة البحرية، وإن كنت تحلم بمنظر غاية في الروعة للميناء وخليجيه فما عليك سوى التوجه إلى تلك الهضبة. وعلى بعد نحو 30 كلم من ميناء كوف يقع خليج كينسل الذي كان مركزاً مهماً للتجارة في القرون السابقة، وكانت تنطلق منه السفن والقوارب المحملة بالبضائع إلى مناطق الإمبراطورية البريطانية. ويشتهر هذا الخليج بغناه بسمك الرنكة النادر، والذي كان مصدر الدخل الأول بالنسبة إلى سكان تلك المنطقة. صالة الثقافة والفنون كانت مدينة كورك عاصمة الثقافة الأوروبية في عام 2005، وتعتبر صالة لويس غلوكس مان للفنون والثقافة من أحدث الصالات التي تم بناؤها حديثاً في المدينة. تقع هذه الصالة في جامعة كورك إلى الجنوب الغربي من كلية الفنون، وتتميز بأسلوبها المعماري الرائع، حيث تأخذ الصالة شكلاً شبه دائري، وقد نالت العديد من الجوائز كأفضل صالة للفنون في إيرلندا. تضم الصالة العديد من الأعمال الفنية الرائعة لعدد من الفنانين الإيرلنديين، إضافة إلى عدد من صالات العرض العملاقة، ويوجد فيها أيضاً كافيتريا تقدم المشروبات الساخنة والباردة. كما يوجد في مدينة كورك عدد من المتاحف والصالات الأخرى الرائعة مثل صالة كرو فورد ميونسيبال للفنون التي تحتوي على عدد من التماثيل واللوحات التي تعود إلى العصر الكلاسيكي، إضافة إلى العديد من الأعمال الفنية الحديثة. ولا تقتصر الفنون والثقافة في كورك على الصالات والمتاحف، وإنما تشهد المدينة العديد من الاحتفالات والمهرجانات السنوية التي تبقي المدينة في حالة من البهجة والإثارة في معظم أيام السنة، وأهم تلك الاحتفالات مهرجان كورك للفلكلور الشعبي الذي يتضمن العديد من الفعاليات التي تستمر ليلاً ونهاراً من أواخر شهر سبتمبر/أيلول وحتى منتصف أكتوبر/تشرين الأول، كما يتم في هذا المهرجان تأدية العديد من العروض المسرحية والغنائية. ومن المهرجانات الأخرى مهرجان كورك لموسيقى الجاز ومهرجان كورك الصيفي ومهرجان كورك للفنون الأدبية.

مشاركة :