الطلاق قضية اجتماعية خطيرة ومشكلة أسرية كبيرة

  • 12/26/2015
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

تحدّث الشيخ أحمد البوعينين، خطيب جامع صهيب الرومي بالوكرة، عن قضية الطلاق ووصفها بأنها قضية اجتماعية خطيرة ومشكلة أسرية كبيرة تتجلى في ظواهر مريرة تسود أرجاء المجتمعات تهدّد كثيراً من الأسر والبيوت.. مشيراً إلى أنها فرّقت الجموع وأذرفت دموعاً وشتتت أسراً وصدّعت منازل وأطفأت شموعاً وقوّضت بناءً وأحدثت عناءً وأورثت شقاءً وأيّمت نساءً وضيّعت أبناءً، وكانت سبباً وراء إحداث فتن ومشكلات، حتى وصلت إلى القطيعة والمنازعات. تؤرق الجميع وذكر أن قضية الطلاق تؤرّق الجميع، لافتاً إلى كثرة الطلاق في هذه الأزمنة مما ينذر بأشد الخطر على البيوت والأسر وشيوعه بين الناس حتى أصبح ظاهرة تنذر بخطر قادم.. وأبدى أسفه لتساهل أكثر الناس به لأتفه الأسباب. وأشار إلى أن إحصائيات الطلاق في المجتمع تظهر ارتفاع نسبته وزيادة أرقامه بشكل يُنذر بعواقب وخيمة على المجتمع والأسر. وشدّد على أن الطلاق مصدر قلق لكثير من الناس، فإذا اكتووا بناره هرعوا إلى المفتين والمختصين والقضاة يسألونهم أين المخرج؟.. مستشهداً بكثرة رنين هواتف السائلين وكثرة القضايا والمعاملات وعقد الجلسات في المحاكم وكثرة أعداد المراجعين والمراجعات. وأوضح البوعينين أن قضية الطلاق شريعة محكمة لا أهواء محكمة، وأنها حد من حدود الله التي حدّها، مستدلاً بقول الله عز وجل: "تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ". الشريعة الإسلامية ونبّه خطيب جامع صهيب الرومي بالوكرة على أن الإسلام شرّع علاقة الزواج، لتبقى لا لتفنى، ولتدوم لا لتنقطع، ولينشأ الوفاق ويزول الشقاق، مبيناً أن الإسلام احترم عقد الزواج فسمّاه ميثاقاً غليظا، وعقد الزواج من أقوى العقود. وقال إن الشريعة الإسلامية جعلت للأزواج قانوناً يسيرون عليه "وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ". وطالب الرجال بمعرفة طبيعة المرأة وما خلقها الله عليه، وذكر أن بعض الرجال يطلبون المثالية في المرأة، معتبراً ذلك بعيداً عن الواقعية ومبيناً أن الإسلام أرشد إلى مراعاة هذا الجانب، ففي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال صلى الله عليه وسلم: "استوصوا بالنساء خيرا فإنهن خلقن من ضلع وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه فاستوصوا بالنساء خيرا". وأشار إلى أن الإسلام وضع أسساً لبناء الأسرة تراعي التفاوت بين الزوجين واختلاف طبائعهما وتدعو للتحمّل والصبر حتى تسير الحياة الزوجية. سوء الخلق وحذر البوعينين من خطورة الطلاق وآثاره على الفرد والمجتمع، ولفت إلى أن أسباب الطلاق كثيرة سواء كان سببها الرجل أو المرأة. وذكر أن من هذه الأسباب: سوء الخلق، وضعف الوازع الديني، وقلة الصبر والتحمّل، وطلب المثالية للزوجين، وتدخل أفراد الأسرة، وعدم وجود منزل خاص بالزوجين، وعمل المرأة، والخيانة الزوجية، وكثرة خروج وغياب الزوج عن المنزل. أبغض الحلال ونبّه البوعينين إلى أن إبليس أبو الشياطين يفرح ويكرم ويضع على رأس أتباعه تاجاً تكريماً لهم إذا فرّقوا بين زوج وزوجته. ووصف الطلاق بأنه "أبغض الحلال إلى الله". وتحدّث البوعينين عن المسؤول عن هذه المشكلة فقال: الكل مسؤول، المجتمع والآباء والأمهات والأزواج، وطالب بوضع الحلول المناسبة للتصدي لظاهرة الطلاق التي انتشرت في المجتمع. واعترف البوعينين بأن حدوث الطلاق أمر وارد في أي زواج، إذا لم تصبح الحياة صالحة بين طرفيه. واستدرك قائلاً: إذا أصبح نتاج هذا الزواج أطفالاً مشتركين بين الزوج والزوجة، فعلى الزوجين أن لا يستخدما الأطفال كإحدى أدوات الصراع أو كيد أحد الطرفين للآخر، ويجب أن تستمر علاقة الأطفال بوالديهم عن طريق زيارة الوالدين بدون تحديد وقت معين. وقال: لا ينبغي أن يكون حدوث الطلاق سبباً في ظلم الأطفال فيجد الطفل نفسه في حيرة، عندما يذهب إلى أهل الزوج يسمع كلاماً في الزوجة وأهلها، والعكس صحيح.. وأوضح أنه لا ذنب للأطفال في كل هذا الكلام الذي يعود عليهم بالضرر. وطالب البوعينين بما أسماه "الطلاق الناجح" في حالة وصول الزوجين إلى طريق مسدود، ونصح بالطلاق الذي ينهي العلاقة الزوجية فقط، ولا يهدم الأسرة ويظل هناك أبناء وأم وأب، ويظل الاحترام لمصلحة الأبناء. ونصح الزوجين بالتروي والتأني واستشارة الآخرين بكل عناية ودقة عند اتخاذ قرار الطلاق. وأشار إلى أن الإنسان يحرص على السؤال والاستشارة عند شراء سلعة مثل سيارة أو منزل، مبدياً أسفه لعدم اتباع نفس النهج في الاستشارة والسؤال قبل الارتباط بشريك حياة، وقبل الزواج الذي قد يتم بدون أهداف واضحة.. وشدّد البوعينين على أهمية التكافؤ بين الزوجين داعياً إلى الأخذ بالأسباب في اختيار الزوجة المناسبة مبيناً أن من التكافؤ أن يبحث الزوج عن الزوجة التي تكون بيئتها تناسب بيئته فكرياً وثقافياً واجتماعياً. ودعا لعدم إهمال هذا المحور والتغاضي عنه تحت ذريعة أن الالتزام يقرّب المسافات. ونصح الشباب المقبل على الزواج بالاستفادة من تجارب السابقين في الزواج الناجح وقال: "ما أجمل أن يبدأ الإنسان من حيث انتهى الآخرون من تجاربهم". ونصح البوعينين بالاحترام المتبادل بين الزوجين وكتمان أسرارهما، لافتاً إلى أن من أبرز أسباب الطلاق التحدّث عن الحياة السابقة للعزوبية وما حدث فيها من أخطاء ومغامرات. وأكد أن الزواج آيه من آيات الله ولكنه ليس الآية الوحيدة في هذا الكون.. وأقر بأن الطلاق أمر واقع وعلينا أن نواجهه ونسعى لإنجاحه عن طريق "الطلاق الناجح". وتمنى البوعينين عند حدوث حالة طلاق أن يجتمع أهل الزوج وأهل الزوجة ويضعون الحلول للاستمرار، أو الانفصال بعيداً عن المحاكم وتكون المحاكم هي الجهة الأخيرة. وأشار البوعينين إلى أمر مهم عند حدوث الطلاق وهو أن كلا الزوجين يرى أنه على حق والطرف الثاني هو المخطئ واعتبر ذلك إشكالية.. وقال لكل زوجين تحدث بينهما مشكلة: إن الخطأ مشترك بينكما ولكن تختلف النسبة المئوية. ودعا لتدخل العقلاء من أقارب الزوجين للحد من الرغبة في الطلاق. خطورة كلمة طالق وحذر الأزواج من كلمة طالق.. لافتاً إلى أن البعض في هذا الزمان قد يطلّق زوجته وهو لا يدري وقد يطلقها في اليوم والليلة عشر مرات وقد تقع بعض هذه الطلقات. وذكر أن من الصور السلبية كثرة الحلف بالطلاق، كأن يقول الزوج "علي الطلاق العشاء عندي"، وأشار إلى أن بعض العزّاب يحلفون بالطلاق قبل أن يتزوجوا ..وأبدي خطيب جامع صهيب أسفه لأن كلمة الطلاق أصبحت سهلة على ألسنة كثير من الناس. ونبّه إلى أن الطلاق ليس لعبة أو للتسلية وحذّر من كلمة "طالق" ناصحاً بالبُعد كل البعد عنها.

مشاركة :