عرقل تقلص الموارد بسبب كوفيد - 19 وأزمات أخرى المعركة العالمية ضد فايروس نقص المناعة المكتسبة، وفق تقرير لبرنامج الأمم المتحدة المشترك لمكافحة الإيدز في تقريره السنوي بعنوان “خطر”. ورغم أن الإصابات الجديدة بفايروس نقص المناعة المكتسبة استمرت في الانخفاض العام الماضي في كل أنحاء العالم (بنسبة 3.6 في المئة مقارنة بالعام 2020)، فهو أقل انخفاض سنوي منذ العام 2016. واستمر عدد المصابين بالإيدز الذين يحصلون على العلاج في الارتفاع عام 2021 لكنه بلغ 1.47 مليون مصاب مقارنة بمليونين في السنوات السابقة. وهذا أقل ارتفاع على هذا الصعيد منذ العام 2009. وقالت ويني بيانييما المديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بفايروس نقص المناعة المكتسبة للصحافيين “خرجت الاستجابة لوباء الإيدز عن مسارها بسبب الأزمات العالمية، من تفشي الإيدز وكوفيد - 19 إلى الحرب في أوكرانيا والأزمة الاقتصادية العالمية الناجمة عنها”. الشابات تأثرن بشكل غير متناسب مع حدوث عدوى جديدة بينهن كل دقيقتين، و معظم الإصابات في أفريقيا وارتفعت الإصابات الجديدة في أوروبا الشرقية وآسيا الوسطى والشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأميركا اللاتينية، بما يتماشى مع الاتجاهات السائدة منذ سنوات. وشهدت منطقة آسيا والمحيط الهادئ ارتفاعا طفيفا في عدد الإصابات بالإيدز، خلافا للانخفاضات التي سجلتها في السابق. وأشار التقرير إلى أن “كوفيد - 19 وحالات عدم الاستقرار الأخرى أديا إلى تعطيل الخدمات الصحية في أنحاء العالم كما أن ملايين التلاميذ كانوا خارج المدارس، ما زاد من تعرضهم للإصابة بالإيدز”. وعلى الصعيد العالمي، كان 38.4 مليون شخص مصابين بفايروس نقص المناعة المكتسبة في العام 2021، مع 650 ألف وفاة بسبب أمراض مرتبطة بالإيدز. وتأثرت الشابات والمراهقات بشكل غير متناسب، مع حدوث عدوى جديدة بينهن كل دقيقتين. وسجّلت معظم الإصابات الجديدة في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، 59 في المئة عام 2021، لكن هذه النسبة تتناقص مع تباطؤ الانخفاض في الحالات الجديدة في سائر أنحاء العالم. ويتزامن التقرير مع تخفيض البلدان ذات الدخل المرتفع مساعداتها. وفي العام 2021 كانت الموارد الدولية المتاحة للإيدز أقل بـ6 في المئة مما كانت عليه في العام 2010، مع انخفاض المساعدة الثنائية من الولايات المتحدة بنسبة 57 في المئة على مدى العقد الماضي. وتقول الأمم المتحدة إن الاستجابة للإيدز في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل أقل بثمانية مليارات دولار عن المبلغ المطلوب بحلول العام 2025. وأوضح أنتوني فاوتشي كبير مسؤولي الأمراض المعدية في الولايات المتحدة أنه يخشى من أن يعيق التعب الناجم عن فايروس الإيدز تخصيص الموارد لمكافحته. وأضاف “عندما يكون لدينا مرض نتعامل معه كمجتمع منذ أكثر من 40 عاما، هذا وحده يقلل الحماس”. وتابع أنه مع إضافة كوفيد وجدري القردة إلى هذا المزيج، “يشعر الناس بالإرهاق من الأوبئة والجوائح، لذلك أعتقد أن التحدي الذي يواجهنا هو أن علينا أن نعمل بجهد أكبر لإعادة فايروس نقص المناعة المكتسبة إلى الواجهة”. من جانبه، دعا أندريه كليبيكوف المدير التنفيذي لتحالف “بابلك هيلث” وهي مجموعة مناصرة لمكافحة الإيدز في أوكرانيا، إلى إيلاء اهتمام خاص لبلاده على هذا الصعيد في ضوء الغزو الروسي. وقال إن “أكثر من 100 ألف شخص مصاب بالإيدز يعيشون في مناطق متأثرة بشكل مباشر بالحرب” مشيرا إلى الحاجة للمزيد من الأموال من برنامج “بيبفار” الأميركي لمكافحة الإيدز وكذلك من برنامج الأمم المتحدة لمكافحة الإيدز. وسجّلت 70 في المئة من الإصابات على مستوى العالم بين مجموعات سكانية رئيسية: العاملون في مجال الجنس وزبائنهم والرجال المثليين والأشخاص الذين يتعاطون المخدرات عن طريق الحقن والمتحولون جنسيا. وأشار التقرير إلى عدم المساواة العرقية كمسبب لخطر الإصابة بالإيدز. رغم أن ثلاثة أرباع المصابين بالإيدز حصلوا على العلاج المضاد للفايروسات القهقرية، فإن 10 ملايين شخص حرموا منه ففي بريطانيا والولايات المتحدة يسجّل السود انخفاضا أقل من البيض في عدد الإصابات الجديدة. وفي أستراليا وكندا والولايات المتحدة معدلات الإصابة بالإيدز أعلى في مجتمعات السكان الأصليين. كما أظهر التقرير أن الوصول إلى العلاجات المنقذة للحياة يتعثر، وينمو بأبطأ معدل له منذ أكثر من عقد. ورغم أن ثلاثة أرباع المصابين بالإيدز حصلوا على العلاج المضاد للفايروسات القهقرية، فإن 10 ملايين شخص حرموا منه. وانخفض معدل الإصابات الجديدة على مستوى العالم منذ بلغ ذروته منتصف التسعينات لكن لا يزال هناك الكثير للقيام به لتحقيق الهدف العالمي المتمثل في القضاء على الإيدز بحلول العام 2030. وقالت بيانييما “يمكننا القضاء على الإيدز بحلول العام 2030، لكن علينا التحرك”. واستفادت قلة من المرضى من فرصة غير عادية تمثلت في شفائهم من فايروس “إتش أي في” المسبب لمرض الإيدز، لكنّ هذه الحالات معزولة للغاية ولا تسمح بعد بتطوير علاجات من شأنها أن تؤدي إلى القضاء التام على الفايروس. وقال مريض من هؤلاء، تم الإعلان عن شفائه قبيل المؤتمر الدولي للإيدز في مونتريال “لم أتخيل أبداً أنني سأعيش طويلا بما يكفي للشفاء من الإيدز”. هذا المريض الذي نشر بيانا عن حالته من داخل مستشفى في كاليفورنيا حيث كان يعالج من دون كشف هويته، هو رابع أو خامس شخص يُشفى من فايروس “إتش أي في”، بحسب تعدادات مختلفة. لذلك فإن هذه الحالات نادرة جداً. ويتعين تمييز هؤلاء الأشخاص عن الملايين من المرضى المصابين بالإيدز لكن يمكنهم العيش حتى متوسط العمر المتوقع بفضل وجود علاجات فعالة.
مشاركة :