زينت تسع تركيبات فنية ضخمة مضيئة بألوان مختلفة إحدى المناطق الصناعية بالقرب من الساحل الشمالي في مصر، حتى يصعب تصور أن هذه المجسمات التي تصلح لتزيين الشوارع أو الميادين تم إبداعها من مخلفات المصانع من الحديد والبلاستيك والخشب. وتم عرض الأعمال الفنية التي صنعها سبعة فنانين مصريين في الدورة الأولى من “مهرجان العلمين للفنون” الذي تنظمه مؤسسة “آرت دي أيجبت” المعنية بالفن والتراث، وتستضيفه “مجموعة التنمية الصناعية” في مجمعها الصناعي بمدينة العلمين الجديدة المطلة على ساحل البحر المتوسط. وقالت نادين عبدالغفار مؤسسة “آرت دي أيجبت” ومنظمة المهرجان، إن الحدث الذي يستمر لمدة شهر واحد، والذي انطلق في الحادي والعشرين من يوليو ويستمر لمدة شهر، يهدف إلى نشر مفهوم الاستدامة البيئية وإعادة تدوير النفايات والخردة من خلال الفن. الفنان المعاصر يناشد من خلال هذه الأعمال الصديقة للبيئة جميع الناس أن يكون لديهم الوعي للحفاظ على البيئة والمناخ وأضافت عبدالغفار في تصريحات لوكالة أنباء (شينخوا) أنه “من خلال هذه الأعمال الصديقة للبيئة، فإن الفنان المصري المعاصر يناشد جميع الناس أن يكون لديهم الوعي للحفاظ على البيئة والمناخ”، مشيرة إلى أن فكرة الاستدامة لا تقتصر على مجال معين وأن الفن المعاصر يحتاج أيضا إلى الاستدامة من خلال توفير الخامات اللازمة له. وأكدت “أن هذا الحدث مهم جدا بالنسبة إلى مصر لأنه يأتي بالتزامن مع اقتراب استضافة مصر لمؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ الذي سيعقد في مدينة شرم الشيخ في نوفمبر من العام الجاري”. وتتضمن الأعمال الفنية المعروضة مجسما لصبي يركب دراجة، وكلاهما مصنوع من الخردة المعدنية. ويظهر عمل آخر ورقتين كبيرتين من الشجر داخل إطارين معدنيين متجاورين كأنهما صفحتان من كتاب مفتوح، وتم تلوين إحدى الورقتين باللون الأحمر مع إطار بنفسجي فاتح والأخرى بالعكس. وقال النحات المصري عمر طوسون “لقد استخدمت سياجا حديديا قديما، وجمعت كل لوحتين منه على شكل صفحة كتاب، ورسمت شكل ورقة شجر داخل كل صفحة وقطعت المواسير الزائدة”، واصفا قطعته الفنية التي تحمل عنوان “ورقة شجر” بأنها رسالة إلى الإنسانية. Thumbnail وأشار طوسون إلى أن المعرض يوجه رسالة مهمة جدا إلى المصانع بأن المواد التي تعتبرها خردة يمكن للفنانين استخدامها في إنتاج أعمال فنية، والتي يمكن أن تستخدم في تجميل أي مكان سواء خاصة أو عامة، وفي نفس الوقت تعتبر شكلا من أشكال التوظيف الإيجابي لهذه الخامات المهملة. وفي وسط منطقة العرض المكشوفة، جذب مجسم حديدي أنظار الزوار، حيث بلغ ارتفاعه حوالي ستة أمتار وكان يشع بالأضواء مختلفة الألوان ويشبه قنديل البحر. وأوضحت صاحبة العمل الفنانة مروة مجدي، الأستاذة المساعدة بكلية التربية الفنية بجامعة حلوان، أن عملها الفني الذي يحمل عنوان “قنديل البحر” أخذ منها حوالي شهر من العمل والتركيب واستهلك ما يقارب نصف طن من خردة الحديد. وقالت الفنانة المصرية “اخترت قنديل البحر كدلالة أو رمز للكائنات البحرية التي تعيش في المحيطات، لأنها تعاني كثيرا من التلوث البيئي الذي يتسبب فيه البشر، لذلك أردت أن أسلط الضوء على أننا بحاجة إلى إعادة تدوير كل مخلفاتنا في صورة صديقة للبيئة وأن نراعي الكائنات الأخرى التي تعيش معنا على هذا الكوكب”. وأتاحت مجموعة التنمية الصناعية للفنانين القيام بجولات ميدانية داخل العديد من المصانع لاختيار الخامات المناسبة من مخلفات المصانع التي يحتاجونها لأعمالهم، والتي أنجزوها خلال شهر واحد من الإنشاء والتركيب قبل بدء المهرجان. وأثارت فكرة إعادة تدوير المخلفات واستخدامها في إبداع أعمال فنية إعجاب الزوار الذين كانوا يظنون أن الخردة لا تصلح لشيء. وقال الشاب يحيى حمد، أحد الزائرين “لقد أعجبتني الفكرة جدا، فإذا نظرت حولك تجد أن الفنانين قاموا بصنع أعمال رائعة للغاية، وفكرة أن تأخذ شيئا مهملا وتصنع منه عملا فنيا جميلا هي فكرة رائعة”.
مشاركة :