خيمٌ ومواكب وطعام في البرلمان العراقي: هكذا أطلق مناصرو التيار الصدري مراسم اليوم الأول من عاشوراء في أروقة المجلس الواقع داخل المنطقة الخضراء المحصنة في بغداد، غداة بدء اعتصامهم المفتوح فيه. وللمرة الثانية خلال أقلّ من أسبوع، اقتحم الآلاف من مناصري رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر البرلمان، تعبيراً عن اعتراضهم على مرشّح خصوم الصدر لرئاسة الوزراء. ومن شأن هذا التصعيد أن يزيد المشهد السياسي تعقيداً في البلاد التي تعيش شللاً كاملاً منذ الانتخابات التشريعية المبكرة في أكتوبر 2021، مع مفاوضات ومناوشات لا تنتهي بين الأحزاب الكبرى العاجزة حتى الآن عن الاتفاق على انتخاب رئيس للجمهورية وتكليف رئيس جديد للحكومة. وصباح الأحد، كان متطوعون يقومون بتوزيع الحساء والبيض المسلوق والخبز والمياه على المعتصمين الذين قضوا ليلتهم الأولى في البرلمان. وفي حديقة البرلمان، جلس البعض على حصائر تحت شجر النخيل بينما نام آخرون على فرش وأغطية وضعت على أرض المجلس. وانتشر الباعة المتجولون في المكان، وهم يقدّمون للمعتصمين المشروبات الباردة مثل التمر الهندي، والمثلّجات، والسجائر. ويرفض المتظاهرون اسم محمد شياع السوداني الذي رشّحه الخصوم السياسيون للصدر لمنصب رئيس الوزراء في الإطار التنسيقي الذي يضمّ كتلاً شيعية أبرزها دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي وكتلة الفتح الممثلة لفصائل الحشد الشعبي الموالي لإيران. وتقول أم حسين (42 عاماً) إن «مطالب السيد الصدر هي حكومة نزيهة بعيداً عن الإطار. الإطار يرشحون شخصيات معروفة بالفساد لم تقدّم شيئاً للوطن، سواء السوداني أو غير السوداني». وإثر تظاهرات التيار الصدري السبت، توالت الدعوات إلى التهدئة والحوار من مختلف الأطراف السياسية العراقية. في هذا السياق المتوتر، جرى تعطيل الدوام الرسمي الأحد في كافة المحافظات بمناسبة بداية شهر محرم، وفق بيان صادر عن رئاسة الوزراء، «باستثناء المؤسسات الأمنية» وبنسبة 50% في «الدوائر الخدميّة والصحيّة». من جهته، أطلق رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني مبادرةً للحوار بين الأطراف السياسية، داعياً إياهم في بيان أمس «إلى القدوم إلى أربيل... والبدء بحوار مفتوح جامع للتوصل إلى تفاهم واتفاق قائمين على المصالح العليا للبلد». وفي حين يمارس الضغط الشعبي على خصومه، ترك الصدر لهم مهمة تأليف الحكومة، بعد أن استقال نواب التيار الصدري الـ73 في يونيو الماضي من البرلمان، بعدما كانوا يشغلون ككتلة، أكبر عدد من المقاعد فيه. وكان التيار الصدري الذي يملك أكبر عدد من النواب البالغ عددهم 329 نائباً، يريد اختيار رئيس الوزراء وتشكيل حكومة أغلبية بالتحالف مع أحزاب سنية وكردية، لكنه لم يتمكّن من ذلك لأنه لم يحقق الغالبية اللازمة في البرلمان. مع ذلك، فإنّ الرسالة التي «يرسلها الصدر لمن هم بصدد تشكيل الحكومة أنه لا يزال يملك قوة الشارع»، كما أوضح الباحث في معهد شاتام هاوس ريناد منصور لفرانس برس.
مشاركة :