تخرج آلاف النحلات من صندوق خشبي مليء بالأقراص الشمعية بمجرد أن يفتح لويز لوستوسا الغطاء، ثم تحوم هذه الحشرات حول الرجل مشكلة ما يشبه السحابة. يخصص لوستوسا وقت فراغه لتربية نوع من النحل المحلي الذي يزداد استخدام عسله في قطاع فن الطبخ إلى جانب استعماله في تصنيع الأدوية ومستحضرات التجميل. ويقول لـ"الفرنسية"، إن هذه المهمة "مذهلة". ولا يرتدي لوستوسا إلا قميصا أكمامها طويلة وسروال جينز وقبعة مجهزة بغطاء لحماية وجهه من النحل. ويعود سبب ارتدائه ثيابا عادية إلى أن النحل ضئيل الإبرة لا يلسع ويستطيع التعايش مع البشر. كذلك، يؤدي هذا النوع من النحل دورا كبيرا في حماية البيئة، وهو ما أثار اهتمام لوستوسا. وبدأت تراود لوستوسا، وهو رئيس معهد "أبيلا ناتيفا" في برازيليا، فكرة إنتاج ستة أنواع من النحل بعدما أدرك إلى جانب باحثين آخرين أن هذه الأنواع مهددة بالانقراض. ويقول "لم يكن النحل وحده مهددا بالانقراض، بل الطبيعة بأكملها". ويضيف لوستوسا أثناء وجوده في المعهد، الذي ينظم فيه ورشات عمل تتمحور على موضوع تكاثر النحل ويبيع فيه كذلك منتجات العسل، "نشرح للأطفال أن هذا النوع من النحل لا يلسع، وهو ضروري للبيئة وللطبيعة، فضلا عن أنه يساعد البشر". ومع أن الطلب على النحل غير اللاسع ارتفع خلال الجائحة، إذ بدأ عدد من الأشخاص يربونه في منازلهم، إلا أن هذه الحشرات تبقى كنزا غير معروف بشكل كبير في البرازيل التي تضم أنواعا كثيرة من النحل. ومن بين 550 نوعا من نحل ضئيل الإبرة تم رصدها في العالم، فإن في البلدان الاستوائية أو في شبه الاستوائية، يسجل في البرازيل وجود 250 نوعا، على ما يوضح كريستيانو مينيزيس، وهو المسؤول عن البحث والتطوير لدى المؤسسة البرازيلية للبحوث الزراعية التابعة للدولة. ويعتمد المزارعون في المزارع بشكل كبير على النحل غير اللاسع في عملية التلقيح وتحسين إنتاج المحاصيل من التوت على مختلف أنواعه، إضافة إلى الإجاص والأفوكادو، وغير ذلك من أنواع الثمار. وبدأ يظهر في قطاع فن الطهي اهتمام بعسل هذا النحل المعروف من أيام قبائل السكان الأصليين، والذي يعد صافيا وصحيا أكثر من الأنواع الأخرى لاحتوائه على مؤشر منخفض لنسبة السكر في الدم، ولأن النحل الذي ينتجه يتغذى فقط على الزهور والفاكهة. ويعد عسل النحل غير اللاسع، الذي يختلف مذاقه ونسبة حموضته لدى كل نوع، أغلى ثمنا ومطلوبا أكثر من عسل النحل اللاسع الذي ينتج بكميات تفوق تلك التي ينتجها النحل المحلي بـ30 مرة. وبينما يباع الكيلوجرام الواحد من عسل النحلة الإفريقية اللاسعة بنحو ستة دولارات، يمكن شراء كيلوجرام من عسل النحل غير اللاسع بنحو 55 دولارا. ويشير مينيزيس إلى أن "النحل يتيح للشركات أن تؤثر إيجابا في المجتمع والبيئة والزراعة". وكان النحل غير اللاسع أثناء فترة استعمار الأمريكتين منسيا. ويقال إن الرهبان اليسوعيين أدخلوا إلى هذه المنطقة النحل الإفريقي الذي كان مطلوبا أكثر في أوائل القرن الـ19 بسبب شمعه السميك الذي كان يستخدم في تصنيع الشموع.
مشاركة :