لجأت أجهزة الأمن السودانية لاستخدام القوة والغاز المسيل للدموع لصد حشود من المتظاهرين من أمام القصر الرئاسي في العاصمة الخرطوم، وهو الاحتجاج الثاني في أسبوع لقوى المعارضة ضد الجيش الممسك بزمام السلطة في السودان، والرافضة للنزاعات القبلية المتهم قيادات الجيش بتأجيجها في السودان ضمن خطة وصفت بأنها محاولة من الجيش للبقاء في السلطة. وتصدت قوات مكافحة الشغب «الشرطة» بالغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية لتفريق المتظاهرين على بعد مئات الأمتار من القصر الجمهوري. وكانت لجان المقاومة التي تقود الحراك في الشارع قد دعت لتظاهرة ميلونية، ودعمتها أحزاب المعارضة «قوى التغيير» للتعبير عن رفضهم للصراعات القبلية التي تشهدها البلاد مخلفة المئات من القتلى والجرحى في دارفور والنيل الأزرق. وحشدت السلطات العسكرية من الصباح أعداداً كبيرة من الجنود بمختلف الأجهزة الأمنية (الشرطة والأمن وقوات مكافحة الشغب والناقلات العسكرية) لإغلاق الشارع المؤدي إلى محيط القصر الجمهوري، كما أغلقت مدخل شارع المطار، للحيلولة دون دخول المواكب القادمة من ضواحي جنوب الخرطوم. واشتبكت قوات الأمن في منطقة «شروني» وهي موقف للمواصلات العامة في مدخل شارع القصر، مستخدمة الغاز المدمع بكثافة وخراطيم المياه لوقف تقدم المتظاهرين الذين رددوا هتافات تنادي بإسقاط الحكم العسكري الذي استولى على السلطة في 25 من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وانطلقت المواكب التي تجمعت من منطقة «باشدار» الواقعة في ضاحية الديوم بالخرطوم، وشارك فيها الآلاف من الرجال والنساء، في طريقها لوسط الخرطوم، قبل أن تواجه بقمع عنيف من قبل قوات الأمن عند مدخل شارع القصر من الناحية الجنوبية. ويطالب المحتجون بإنهاء الحكم العسكري، وعودة الجيش للثكنات، وتسليم السلطة بشكل فوري للقوى المدنية لتشكيل حكومة تدير الفترة الانتقالية. وأطلق ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي تنبيهات للمتظاهرين من مطاردات لقوات الأمن للمتظاهرين بسيارات الدفع الرباعي واعتقالات عشوائية طالت عدداً من المتظاهرين في الأحياء القريبة من وسط الخرطوم. كما شهد وسط «الخرطوم» حالة من الكر والفر بين الأمن والمتظاهرين، بعد أن تفرقت المواكب التي وُوجهت بعنف مفرط نقاط التجمع المحيطة بوسط العاصمة، ولم تغلق السلطات كما درجت في السابق «الجسور» وشارع القيادة العامة للجيش وبعض الطرق الرئيسية المؤدية إلى وسط العاصمة، عدا «جسر المك» الرابط بين مدينة بحري والخرطوم. وكان ائتلاف المعارضة «قوى الحرية والتغيير» قد أصدر أول من أمس، بياناً، أعلن فيه دعمه ومشاركته الفاعلة في الموكب الذي دعت له لجان المقاومة لتعزيز «التعايش السلمي» ووقف الصراعات القبلية والإثنية التي تشهدها بعض أقاليم البلاد. وأكدت «قوى التغيير» التزامها بمساندة أي فعل معارض للحكم العسكري، وتسخير كل منابرها وإمكاناتها المتاحة لدعمه وإنجاحه. وقتل 116 شخصاً وأصيب الآلاف في الاحتجاجات التي تشهدها البلاد منذ أن استولت القوات المسلحة وقوات الدعم السريع عبر إجراءات عسكرية على السلطة، عدته قوى المعارضة انقلاباً عسكرياً على الحكومة المدنية، وانخرطت في مقاومته. وفي 4 من يوليو (تموز) الماضي، أعلن رئيس مجلس السيادة الانتقالي، قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، انسحاب القوات المسلحة من الحوار مع القوى السياسية المدنية، لإتاحة الفرص لهم لتشكيل حكومة كفاءات مستقلة، إلا أن دعوته لم تجد قبولاً من قوى المعارضة. وتطالب المعارضة الجيش بالابتعاد كلياً عن العمل السياسي والتفرغ لأداء مهامه في حماية الدستور والحدود، بينما ترفع «لجان المقاومة» مطالب أكثر تشدداً بإزاحة المكون العسكري الحالي من السلطة تماماً، إلى جانب حل قوات الدعم السريع ودمجها في القوات النظامية.
مشاركة :