دروس الجائحة وتحديات تطبيق الحماية الاجتماعية في الأزمات المرتقبة

  • 8/2/2022
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

عندما تسببت جائحة مرض فيروس كورونا 2019 (كوفيد 19) والركود الذي أحدثته في الدفع بنحو 120 مليون شخص في مختلف أنحاء العالم إلى براثن الفقر المدقع في عام 2020، اعتمدت بلدان عدة على تدابير الحماية الاجتماعية لتخفيف الصدمة. وبحلول عام 2021، جرى تخطيط أو تنفيذ 3333 مخططاً من هذه التدابير في 222 دولة أو إقليماً. ولأن العالم سيواجه أزمات أخرى في العقود المقبلة، يتعين علينا أن نتعلم كيف نحمي الناس على نحو أفضل من الأحداث غير المتوقعة ــ خصوصاً وقد أصبحت التأثيرات المترتبة على تغير المناخ أشد وضوحاً وبات كثيرون معرضين للكوارث الطبيعية وصدمات الدخل. ولكن كيف؟ تقدم لنا برامج الحماية الاجتماعية التي تساعد الأسر المنخفضة الدخل، وتؤمن ضد الصدمات، وتكسر شِـراك الفقر، حلاً محتملاً. لكن التحويلات النقدية الموجهة، وهي أكثر الخطط انتشاراً، قد لا تعالج الحواجز على جانب العرض مثل نقص الغذاء وغير ذلك من السلع الأساسية، وخصوصاً أثناء الأزمات. هل يمكن لأي شكل من أشكال التحويلات النقدية أن يخفف من تأثير الصدمات الضخمة إذن؟ هل تتطلب الأزمات تدابير حماية اجتماعية جديدة، أو هل تستطيع السياسات القائمة تعزيز المرونة والقدرة على الصمود؟ يتمثل أحد أشكال الحماية الاجتماعية والذي يحظى بشعبية كبيرة وتتناوله مناقشات كثيرة في الدخل الأساسي الشامل: تحويل نقدي غير مشروط كبير بالقدر الكافي لتلبية الاحتياجات الفردية الأساسية ويُـسَـلَّـم لكل فرد في المجتمع. برغم أن فكرة الدخل الأساسي الشامل ليست جديدة، فقد اكتسبت أخيراً زخماً عالمياً، مع إطلاق برامج تجريبية في بلدان تشمل فنلندا، والهند، والولايات المتحدة. يستند هذا المفهوم إلى الأدلة المتجمعة عبر عقود من الزمن في ما يتصل بتأثير التحويلات النقدية. لكن الافتقار إلى البيانات الديناميكية الدقيقة يجعل من الصعب توجيه مثل هذه التحويلات إلى من هم في أشد الحاجة إليها. واستهداف الأفراد بدلاً من الأسر أكثر تعقيداً، لأن بعض الأفراد الفقراء يعيشون غالباً في أسر غير فقيرة. الدخل الأساسي الشامل من الممكن أن يلتف حول هذه القضايا. في عام 2017، بدأ فريق من الباحثين بالتعاون مع منظمة «إبداعات من أجل مكافحة الفقر ومنظمة GiveDirectly، تنفيذ تقييم عشوائي في كينيا لاختبار تأثير الدخل الأساسي الشامل المنقول رقمياً. ركز الفريق على مقاطعتين منخفضتي الدخل، سيايا وبوميت، وقدم تقييماً لتصميمات مختلفة للدخل الأساسي الشامل. عندما ضربت الجائحة كينيا في عام 2020، سرعان ما أدرك أعضاء الفريق أنهم في احتياج إلى فهم ما إذا كان الدخل الأساسي الشامل يساعد الناس على تحمل الأزمة. وبتمويل من مبادرة تحديد الهوية والتمويل الرقمي في أفريقيا التابعة لمختبر عبد اللطيف جميل لمكافحة الفقر، أجروا استبيانات على الهاتف للأسر المشاركة في البرنامج. عند هذه النقطة، كانت خطة ذراع المبلغ الإجمالي وخطة ذراع الأمد القريب اكتملتا؛ وكانت خطة ذراع الأمد البعيد جارية. وجد الفريق أن الدخل الأساسي الشامل ساعد في تحسين الأمن الغذائي والصحة البدنية والعقلية بين الأسر، نسبة إلى مجموعة المقارنة من الأسر التي لم تتلق التحويلات. كما قلل متلقو الدخل الأساسي الشامل من تفاعلاتهم الاجتماعية، ربما بسبب الجائحة، وربما لأنهم لم تكن بهم حاجة إلى الاعتماد على الأصدقاء والأقارب بالقدر ذاته أثناء موسم الجوع . ربما ساعد هذا في تقليل العبء عن أنظمة الصحة العامة المحلية حيث كان متلقو الدخل الأساسي الشامل أقل عُـرضة للإصابة بالمرض. كان الجوع منتشراً في المقاطعتين اللتين تناولهما الفريق بالدراسة. ولكن في حين أفاد %68 من الأشخاص في مجموعة المقارنة بأنهم عانوا من الجوع في الأيام الثلاثين الأخيرة، كان متلقو الدخل الأساسي الشامل أقل ميلاً إلى التصريح بذلك بنحو 5 إلى 11 نقطة مئوية. كان المستفيدون من الدخل الأساسي الشامل أيضاً أقل ميلاً بنحو 4 إلى 5 نقاط مئوية إلى الإبلاغ عن إصابة أحد أفراد الأسرة بالمرض خلال الأيام الثلاثين الأخيرة، مقارنة بنحو %44 في مجموعة المقارنة. وفي حين سعى نحو %29 من الأشخاص في مجموعة المقارنة إلى الحصول على الرعاية الطبية في مستشفى أخيراً، فإن المستفيدين من الدخل الأساسي الشامل كانوا أقل ميلاً بنحو 3 إلى 5 نقاط مئوية للقيام بذلك، لأنهم كانوا أقل عُرضة للإصابة بالمرض. رأى الباحثون أيضاً كيف من الممكن أن تدفع زيادة الدخل الناس إلى خوض مجازفات أكبر. تزامن اندلاع الجائحة في كينيا مع موسم توقف الزراعة، عندما يتزايد الجوع والمرض عادة، وينخفض الدخل، تغدو المعضلة أشد تعقيداً. ورغم أن الدراسة لم تتمكن من عزل التأثيرات التي خلفتها الجائحة عن الاتجاهات الموسمية، فإن الأدلة تسلط الضوء على أهمية الوصول إلى التحويلات النقدية وغير ذلك من أشكال تكميل الدخل أثناء الأزمات، وبشكل خاص للحد من الجوع والمرض. لذا، ينبغي لهيئات صنع السياسات والشركات في البلدان الأكثر فقراً أن تفكر في بناء أنظمة تحويل نقدي يمكن تفعيلها في غضون مهلة قصيرة لتسليم أموال إضافية إلى عدد كبير من الناس، إن لم يكن الجميع، في الاستجابة للصدمات غير المتوقعة. * أستاذة الاقتصاد التطبيقي في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا ** مديرة مشروع لدى مختبر عبد اللطيف جميل لمكافحة الفقر (J-PAL) طباعة Email فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App

مشاركة :