صير بني ياس .. جزيرة التاريخ والطبيعة الخلابة

  • 12/27/2015
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

لكل مدينة سحرها وجمالها وميزاتها، ولعل أكثر ما يميز العاصمة أبوظبي ما تجمعه من جمال طبيعي فريد يظهر جلياً بالتآلف الجميل بين الرمال الجرداء الرمادية اللون من جهة والبحر الأزرق الهادئ من جهة ثانية وما يجاورهما من جزر ساحرة تنام بهدوء وسط زرقة البحر. وأدرك المسؤولون في الدولة جمال هذا التمازج وفرادته فعملوا على المحافظة عليهما من خلال إصدار قوانين تحدد شكل الجزر وكيفية تطويرها، وفق تقرير بثته أمس وكالة أنباء الإمارات وام. وحظيت جزيرة صير بني ياس، المحمية الطبيعية الفائزة بالعديد من الجوائز العالمية والتي تطورها شركة التطوير والاستثمار السياحي، باهتمام كبير من المؤسس المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه الذي كان بعيد النظر، لأنه أراد أن يحول الجزيرة إلى موطن آمن للحياة البرية، سواء كانت من الجزيرة العربية أو آسيا أو إفريقيا. رؤية الشيخ زايد الثاقبة هي التي جعلت من صير بني ياس وجهة يقصدها الزوار من مختلف أرجاء العالم بعدما تحولت من جزيرة صحراوية قاحلة إلى موئل لمجموعة كبيرة من أنواع الحيوانات البرية. وفي البداية، خُصصت جزيرة بني ياس لتكون محمية ومنتجعاً للحياة البرية مخصصاً للفصائل الحيوانية الآسيوية والإفريقية، أما اليوم فأصبحت تجربة بيئية وحيوية يشيد بها العالم كله. وعلى الجزيرة تسرح قطعان من 23 فصيلة من الحيوانات من بينها الزرافات ومجموعة متنوعة من الظباء وأحد أضخم القطعان في العالم من المها العربي المهدد بالانقراض. أما فصائل الطيور فتضم النحام والنوارس والغاق والدجاج البري وبط البلبول البري وبط الشولر وأبو ساقين أسود الجناح وبط الحذف وزقزاق السرطان وطائر النكات والبلشون. ومن الخصائص المهمة لصير بني ياس أنها تعد موطناً للعديد من الفصائل المهددة بالانقراض أو تلك التي تناقصت أعدادها إلى مستويات حرجة وفقاً لتصنيف الاتحاد العالمي لحماية الحياة البرية. ومن بين هذه الحيوانات السلاحف البحرية وغزلان الصحراء والظباء السوداء وخراف الأورية البرية والمها العربي. وسميت الجزيرة بهذا الاسم نسبة إلى قبيلة بني ياس التي استوطنتها واستخدمتها منطلقاً لرحلاتها في البحر ومرفأ لسفنها ومكاناً وفيراً لصيد السمك واللؤلؤ. وكان المغفور له الشيخ زايد اختار الجزيرة مكاناً لقضاء العطلات والاستجمام، غير أنه بدأ بعد ذلك، نتيجة حبه الشديد للحياة البرية والبيئة، بإطلاق فصائل من حيوانات الجزيرة العربية المهددة في موطنها مثل غزلان الصحراء والمها. و تحولت الجزيرة إلى محمية خاصة قبل أن تفتح أمام العامة على أمل أن توفر لهم فهماً لما كان عليه المشهد الطبيعي في المنطقة قبل آلاف السنين حينما كانت تشبه سهول السافانا الإفريقية . وفي إطار برنامج تشجير الصحراء الذي تبناه المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، زُرع أكثر من 18 ألف نخلة منتجة للتمور و2.5 مليون شجرة ونبتة منها أشجار الزيتون إلى جانب شجرة العود التي يستخرج منها نوعان يستخدمان في البخور ويفوق أحدهما الذهب في سعره. وبدأ شكل جديد من سياحة الطبيعة والمغامرات يظهر في أبوظبي بعد افتتاح فندق ومنتجع جزر الصحراء الفاخر في الجزيرة. وتبلغ مساحة صير بني ياس 87 كيلومتراً ما يجعلها أكبر جزيرة طبيعية في الإمارات، لكن ليس كبر المساحة هو ما يجعل صير بني ياس التي تبعد عن البر 250 كيلومتراً قبالة ساحل أبوظبي، وجهة لا غنى عن مشاهدتها. ويمكن للزائر أن يرى أكثر من 35 موقعاً أثرياً تؤكد أن هذه الجزيرة كانت مأهولة بالبشر في كل حقبة من حقب البشرية، لكن حتى هذا الغنى التاريخي لا يشكل أهم مواطن الأهمية التي تتمتع بها الجزيرة. جزيرة صير بني ياس التي عرفت طويلاً بأنها محمية طبيعية ذات طبيعة خاصة ليست كباقي الوجهات السياحية في منطقة الخليج العربي، إذ يمكن للزائر أن يتلمس آثار ترحال أهل البحر في الأيام الخوالي منذ عهود السلاطين والمستكشفين التي تلقي على الجزيرة هالة من السحر والغرابة. وفي خطوة جديدة تضيفها أبوظبي إلى الخطوات النوعية التي أنجزتها في السنوات الأخيرة لتضع نفسها بقوة على خريطة السياحة في المنطقة افتتحت جزيرة صير بني ياس كخطوة أولى ضمن مشروع جزر الصحراء. وتمثل الجزيرة عالماً فريداً من الاسترخاء في أحضان الطبيعة والبرية للباحثين عن الهدوء والسكينة في أجواء متفردة بعيداً عن صخب المدن وضجيجها. ويقدم المشروع مفهوماً جديداً للسياحة في منطقة الشرق الأوسط ويؤمل أن يصير وجهة سياحية متعددة الاستخدام تجمع بين متنزه الحيوانات البرية العربية والمحميات الطبيعية والتراث الأصيل والخدمات الفندقية والنشاطات الصحراوية. ويجوب في أرجاء الجزيرة اليوم أكثر من 13 ألفاً من الحيوانات والطيور التي تعكس جهود فريق المحافظة على البيئة. ويمكن للزوار مشاهدة الحياة البرية المتنوعة في الجزيرة عن طريق المشاركة في مختلف الأنشطة التي تتيح لهم التجول في متنزه الحياة البرية العربية الذي تبلغ مساحته 4100 هكتار مثل رحلات اكتشاف الطبيعة والحياة البرية. كما يمكنهم الاستمتاع بمجموعة واسعة من الأنشطة التي تشمل التجديف والدراجات الشراعية وركوب الخيل والرماية. ويمكن للراغبين بالزيارة أو الإقامة على الجزيرة الاستمتاع برحلات طيران قصيرة تنطلق مباشرة من أبوظبي ودبي أو يمكن القدوم عن طريق البحر بالقارب الذي يحملهم من جبل الظنة في المنطقة الغربية. وتقدم الجزيرة التي افتتحت مؤخراً مفهوماً جديداً للسياحة في الإمارات عبر العديد من المميزات التي نادراً ما تجتمع في مكان واحد من طبيعة خلابة وحياة برية وبيئة متفردة إلى جانب الأجواء التراثية. والثروات الطبيعية التي تزخر بها الجزيرة لا تقتصر على الحيوانات البرية، إذ تستوطن الدلافين والسلاحف البحرية وكائنات بحرية آخرى المياه المحيطة بها. ويعود ثراء الحياة البحرية في الجزيرة بما يفوق الأجزاء الأخرى من سواحل أبوظبي إلى توجيهات المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه بحظر صيد الأسماك في مناطق معينة حفاظاً على البيئة. وجهة سياحية مستدامة طُورت جزيرة صير بني ياس بما يتناسب مع طبيعتها الخلابة ونظامها البيئي وهي تضم أول طاحونة لتوليد الكهرباء من نوعها في المنطقة تنتج 850 كيلو/ وات من الطاقة في الساعة الواحدة. وتعتزم الجزيرة الاعتماد على مصادر الطاقة البديلة مستقبلاً لتأمين حاجاتها من الطاقة. وستطبق المعايير الدولية في مجالات الطاقة والمياه والبنية التحتية وإدارة المخلفات وإعادة التدوير ومباني الطاقة. وأقامت شركة التطوير والاستثمار السياحي علاقة شراكة مع شركة مصدر لبناء محطة للطاقة البديلة في جزيرة صير بني ياس تتولى تشغيل محطة تحلية المياه في ما بعد على أن تستخدم المياه التي تنتجها محطة تحلية المياه الجديدة في الزراعة وإطعام الحيوانات المستوطنة في الجزيرة. والجزيرة فازت بجائزة أفضل وجهة سياحية مستدامة في العالم ضمن جوائز السفر العالمية 2015 التي استضافتها المغرب مؤخراً. وثائق قديمة يوجد أقدم ذكر لجزيرة صير بني ياس في وثائق تاجر المجوهرات الرحال غازبارو بالبي من مدينة البندقية العائدة إلى قرابة عام 1590 للميلاد، والتي وصفها بأنها جزيرة يصيد الغواصون اللؤلؤ في جوارها. وبعد ذلك بأكثر من قرنين من الزمان أتى ذكر الجزيرة ببعض التفصيل في سجلات ضباط البحرية البريطانية الذين مسحوا مياه الخليج العربي الأدنى في العقدين الثاني والثالث من القرن التاسع عشر.

مشاركة :