في تجربة لا تتكرر دوما، اجتمع فنانون من الجزائر وموريتانيا ولبنان لعرض تجاربهم التشكيلية في معرض جماعي بالجزائر، قدموا خلاله آخر أعمالهم وإبداعاتهم التي عكست رؤاهم المختلفة للحياة والتراث والثقافة والتصوف بروح العصر. وتحت عنوان “مجموعة الصيف”، يقدم رواق ديوانية الفن بالجزائر حوالي 20 عملا فنيا من مختلف الأحجام، تتنوع في مواضيعها ورؤاها الفلسفية والفكرية كما في توجهاتها الفنية، التي تراوحت بين التعبيرية والتجريدية وكذلك الحروفية بمختلف أبعادها العربية الإسلامية. اللوحات تتنوع في مواضيعها وتوجهاتها الفنية التي تراوحت بين التعبيرية والتجريدية وكذلك الحروفية ويقول التشكيلي حمزة بونوة، مؤسس الرواق، إن هذا المعرض الذي تستمر فعالياته إلى غاية الرابع والعشرين من أكتوبر المقبل، ينظم “بمناسبة فصل الصيف وتزامنا مع الاحتفالات المخلدة للذكرى الستين لاسترجاع السيادة الوطنية، حيث يهدف إلى تثمين الأعمال التي تحمل رسالة إنسانية وهوية ثقافية وقيمة فنية، والتي تتميز أيضا بروح المعاصرة”. ومن بين الفنانين المشاركين في المعرض علي بوخالفة، وهو من مواليد عام 1948، والذي يقدم ست لوحات من الأكريليك على القماش تحيل إلى مدارس فنية عديدة كالتجريدية والتكعيبية، وتحمل في نفس الوقت بصمة الفنان الخاصة وتأثره أيضا بالفنان الفرنسي جان ديبيفيي (1901 – 1983). وأنجز بوخالفة لوحاته بألوان قوية كالأزرق والبني والبنفسجي على غرار “الطاولة الصفراء” و”شرفة العاصمة” و”حصان أبيض”، والتي تتشابه جميعها بميتافيزيقيتها، إذ تتجسد فيها وبشكل متداخل وجوه بشرية وأياد وأرجل ورؤوس حيوانات وأشكال أخرى. ويشارك من جهته زبير هلال، وهو من مواليد عام 1952، بلوحتين من الأكريليك على القماش تحت عنوان “يا حامة” و”حامة”، والعملان مأخوذان من مجموعته “طاعة، العصيان الأصلي” التي تم تقديمها مؤخرا في معرض فردي له بدار عبداللطيف بالعاصمة. واللوحتان متشابهتان كليا تقريبا من حيث الحروف العربية المصطفة في شكل مربعات تحوي بعضها البعض، في إشارة إلى مكة المكرمة، وأيضا من حيث الألوان المستعملة كالأحمر والبرتقالي والأسود وكذلك الأزرق والبنفسجي، غير أن الاختلاف الأساسي يكمن في وجود جسد غير واضح لامرأة وسط اللوحة الأولى وفي خارج ذاك الوسط في اللوحة الثانية، ما يفتح تساؤلات عديدة حول المفاهيم والأفكار التي يطرحها هذا الفنان الذي يقول إنه يعمل على “إعطاء روح وهوية جزائرية محضة للتشكيل في الجزائر”. وبعض اللوحات التي تتزين بها جدران الرواق تم تقديمها بدون عنوان، رغبة من مبدعيها في ترك الحرية المطلقة للزوار في تفسيرها وتأويلها كيفما يشاؤون، وسط تداخل كبير للألوان الفاتحة، على غرار أعمال المصري وائل درويش والأردني محمد العامري. Thumbnail ويعرض درويش مثلا لوحة أكريليك على القماش ذات بعد تجريدي ورمزي وتعبيري أيضا، حيث تظهر جسدا بشريا في مركز لوحته في إشارة إلى مركزية الإنسان في هذا الكون، ويشارك بدوره العامري، الذي ترأس سابقا جمعية الفنانين التشكيليين الأردنيين، بلوحتين تجريديتين أنجزهما بالغواش على الورق، تعكسان تجربة فنية ثرية بالعمق الإنساني والحس الجمالي. ويحضر عبدالمالك مجوبي، وهو فنان تشكيلي من مواليد 1947، بلوحتين تجريديتين أنجزهما باستعمال الأكريليك على القماش، وعنونهما بـ”ما أفضله” و”العدسة المكبرة”، تحملان الزوار على التأمل، غير أنهما تعكسان أيضا نوعا من الهدوء والجمال من خلال الاستعمال المتميز للريشة والاعتماد على تدفق الألوان. ويبرز أيضا في هذا المعرض كريم سيفاوي، وهو من مواليد العام 1966، بلوحتين زيتيتين على القماش تحت عنوان “ليلة بكارنفال ريو” و”حفلة زواج بفندق سان جورج”، تظهران أجسادا نسائية تتشابه فيما بينها في حركاتها التعبيرية الراقصة والبهيجة، غير أنهما تختلفان من حيث المكان بعاداته وتقاليده. وكان المعرض بمثابة فرصة للتعريف بإبداعات هذا الفنان متعدد المواهب، والذي تخرج من المدرسة الوطنية للفنون الجميلة واشتهر خصوصا بنشاطه في عالم الموضة، حيث تعاون مع العديد من مصممي الأزياء عبر العالم، قبل أن يتخصص في الأزياء النسائية الجزائرية التقليدية. ومن المشاركين أيضا في هذا المعرض الموريتانية زينب الشيعة التي تحضر بلوحة تحت عنوان “كورال”، أنجزتها بالأكريليك والحبر على القماش، جمعت فيها بين العلامات الخطية العربية والتجريد والسريالية، إذ فيها تزاحم كبير للحروف العربية المرسومة بالأصفر، والتي تصطف بشكل انسيابي كالأمواج في خلفية كالبحر شديدة السواد. وبجمالية ومهارات متميزة يقدم اللبناني غالب حويلة لوحة دائرية تحيل إلى الفن المعاصر، أنجزها بالأكريليك والخيوط على القماش، تحت عنوان “رأفة”، تضم حروفا عربية متراصة في أشكال دائرية تحوي بعضها البعض، وعليها خيوط حمراء تنزل من أعلى اللوحة بشكل متواز تقريبا ليتم ربطها معا في أسفلها، في عمل فني معبّر.
مشاركة :