الطفولة السيئة للأمهات تنعكس سلبا على علاقتهن ببناتهن

  • 8/3/2022
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

يُرجع خبراء ومختصون في علم النفس سلوك الأمهات والآباء مع أبنائهم إلى ما عاشوه في طفولتهم، فإذا كانت طفولتهم جيدة فإن ذلك سينعكس إيجابا على علاقتهم بأبنائهم، وإذا كانت سيئة فإن العلاقة بين الطرفين ستكون حتما سيئة. وترى بعض الدراسات أن العلاقات بين الأمهات وبناتهن معقدة ومتنوعة جدا، وأحيانا تصل إلى التناقض؛ فهناك علاقات مثالية بينما هناك أمهات يتجنبن التحدّث إلى بناتهن، وقد يدوم ذلك وقتا طويلا، وإذا احتدم الأمر فسيكون الصراع سيد الموقف بين الطرفين. تقول ميساء عمري إن علاقتها بأمها ليست على أفضل حال فما يميزها هو الأوامر اللامتناهية من أمها والرفض المتواصل منها هي. وتشير عمري إلى أنها في بعض الحالات تتفهم نفسية أمها، فقد عاشت في بيئة ذكورية تتميز بإصدار الأوامر وانتظار تطبيقها دون نقاش؛ ذلك أنها كانت الفتاة الوحيدة لعائلة تتكون من خمسة أبناء، وكانت أمها أيضا قاسية ما انعكس سلبا على علاقتها بأبنائها وخاصة بناتها. سميرة رضوان: هناك مجموعة من الأنماط غير الصحية في علاقة الأم بابنتها ويقول الدكتور الصحبي بن منصور، أستاذ الحضارة في الجامعة التونسية، إن “الإنسان مرآة صادقة لبيئته الأولى. لذلك فإن التنشئة السليمة هي الضامن لفرد متوازن في مجتمعه. وما نراه أحيانا من قسوة في معاملة بعض الأمهات لبناتهن دليل على ذلك، وهي قسوة تجعل الفتاة في حالة دهشة لأنها لا تعلم لماذا تقهر وتهان وتذل من أقرب الناس إليها، والحال أن مثل تلك المعاملة ليست بسبب ذنب ارتكبته وإنما لأن أمها كانت ضحية بيئة عنيفة جدا فتقمصت في كبرها شخصية جلادها”. ويضيف أن “الانكسار في جدار العاطفة بين الأم وابنتها مخالف للطبيعة البشرية المجبولة على حب غريزي غير مشروط بين الأم وأولادها، ولذلك فإن أي استثناء يجب أن تتم معالجته بالرجوع أكثر إلى الوعظ الديني والأخلاقي”. ويشير الخبراء والمختصون في علم النفس إلى أن الأم إذا استمرت في معاملة ابنتها البالغة كطفلة وحاولت التحكم في رأيها وتجاهلها فإن الخلافات ستصبح حتمية ولن تكون العلاقة جيدة. وتتعمد بعض الأمهات توجيه التعليقات السلبية إلى بناتهن والسخرية منهن أمام أصدقائهن، أو أمام بقية أفراد العائلة، وتسفيه آرائهن. وقد يمتد هذا إلى مراحل لاحقة من حياة البنات مثل مراحل ما بعد الزواج، وهو ما يحرجهن أمام أبنائهن وأزواجهن. وعندما تواجه البنات أمهاتهن معترضات على ذلك السلوك تتهمهن أمهاتهن بأنهن شديدات الحساسية ولا يُجدن تقبّل المزاح. كما لا تعبر بعض الأمهات عن غضبهن على بناتهن بشكل مباشر، لكن ذلك سيتجلّى في ظواهر أخرى، كالوصول متأخرات إلى مقرّ ما لحضور حدث يهم البنات، أو التعبير عن النكد بلا سبب واضح، وهو ما يترك البنات حائرات لا يعرفن سبب غضب أمهاتهن. وأحيانا لا تحترم الأمهات خصوصية بناتهن، فيقرأن رسائل البنات الخاصة، ويفتشن أدراجهن وحقائبهن، ويتدخلن بينهن وبين شركائهن، ويحادثن أصدقاءهن وزملاءهن في العمل دون علمهن. ويعارض الخبراء هذا السلوك ويعتبرونه مهينا للفتاة ولا يسهم في إقامة علاقة جيدة بينها وبين أمها. الصحبي بن منصور: الانكسار في جدار العاطفة بين الأم وابنتها مخالف للطبيعة البشرية وتقول الكاتبة والصحافية الأردنية سميرة رضوان إن “هناك مجموعة من الأنماط غير الصحية في علاقة الأم بابنتها، والنمط الأول هو الإفراط في سيطرة الأمم على ابنتها واستمرارها في الضغط عليها وثنيها عن القيام بأمور خارج تفكير ها، في حين أن الابنة تلتزم بذلك لاعتقادها أنها ليست مؤهلة للقيام بأشياء من تلقاء نفسها”. وتضيف أن “مثل هذا السلوك يؤثر على أداء الفتاة في المدرسة ويمنعها من الوصول إلى أهداف أعلى، وغالبا ما تتبع هذه الابنة الأسلوب نفسه مع ابنتها عندما تكبر وتكوّن أسرتها الخاصة”. وتحتاج الابنة إلى التحدّث مع والدتها عن مُختلف المواقف والأمور والمُستجدات التي قد تحدث في حياتها اليوميّة، إضافة إلى الرغبة في مُصارحتها بالمشاعر الدفينة التي تُزعجها أحياناً، وقد تنتظر منها المُبادرة، وإظهار اهتمامها بها، وسؤالها عن أحوالها ومعرفة ما يدور حولها، وتقييم علاقاتها مع الآخرين، وصداقاتها، ودعمها وتقديم المُساعدة لها عند الحاجة. وبالتالي يجب على الأم أن تجعل ابنتها إحدى الأولويات المهمة، وأن تمنحها الوقت الكافي وتستمع إليها، وتُبادر بالسؤال عمّا يُزعجها إذا شعرت بتوترها أو قلقها. وفي المُقابل تلجأ الابنة إلى مُصارحة والدتها وإطلاعها على المُستجدات والمواقف الحياتيّة، فتنشأ بينهما صداقة متينة وهادفة تُحسّن علاقتهما وتدعمها. كما أن الخيار الأفضل هو ألا تعتبر الأم ابنتها التي تكبر أمامها تدريجيا مجرد صديقة، بل صديقتها المفضلة. ويرى الخبراء والمختصون أنفسهم أن الخلافات بين الأم وابنتها شائعة، وأسباب ذلك كثيرة. ويشرح العديد من علماء النفس هذه الصراعات من خلال المنافسة المبتذلة؛ إذ تريد الأم إظهار صفاتها الاستثنائية بالحطّ من مكانة هذه الابنة “غير الكاملة”، حسب اعتقادها. كما أن الفتيات الصغيرات والنساء أكثر حدة في انتقادات الأم. ومع تقدم العمر تختفي شدة رد الفعل على كلام الأم، لكن تظل المظالم الماضية قائمة، وهذه المظالم “تربطنا بالماضي وتوجه أعمالنا في الحاضر. وفي بعض الأحيان لا نكون قادرين على شرح سلوكنا، ولكن يتبين أن كل شيء أبسط بكثير، والإجابة في طفولتنا”. الابنة تحتاج إلى التحدّث مع والدتها عن مُختلف المواقف والأمور والمُستجدات التي قد تحدث في حياتها اليوميّة ويتوجه خبراء علم النفس بالعديد من النصائح إلى الأمهات حتى يتحكمن في علاقتهن ببناتهن، ويرون أنه يجب التعامل مع الحياة اليومية بسلاسة أكثر وعدم استنزاف طاقة الأمهات إلى درجة الانهيار، كما يجب عليهن التفكير في أنفسهن وعدم إهمال ما كن يقمن به سابقا، فهن يحتجن بين الفينة والأخرى إلى مساحتهن الخاصة وعدم التمادي في بذل جهد مضاعف في المهام التربوية، لأن ذلك يؤدي إلى التوتر والتعب وعدم الراحة النفسية وعدم الشعور بالرضا والسعادة. وتقدم اختصاصية علم الاجتماع لودي حمزة بعض النصائح للأمهات كي يهتمِمْن بأنفسهن وبصحتهن النفسية والجسدية بوسائل بسيطة جدا، فكل أم هي الداعم الأساسي للعائلة كلها، فهي التي تعلم أبناءها وبناتها كيفية التغلب على مصاعب الحياة، وهي قدوة بالنسبة إليهم، تنير لهم دروبهم ليواجهوا مصاعب الحياة عندما يكبرون.

مشاركة :