يشعر الفلسطينيون، الذين يعيشون في قطاع غزة المكتظ، باحتداد موجة حر شديدة في الصيف يعمّقها انقطاع التيار الكهربائي لفترة قد تصل إلى عشر ساعات يوميا. وتقول آلاء زيدان وهي جالسة مع زوجها في منزلهما بخان يونس وتتدلى من فوقهما مروحة كهربائية يغطيها الصدأ "نعاني من الحر.. المروحة عاطلة عن الدوران ونعتمد على الصواني للتهوية..لا نستطيع في هذا الهجير أن ننام ولا أن نأكل.. إنه الجحيم". ويتكدس أكثر من 2.3 مليون نسمة في قطاع غزة، الشريط الضيق المحاصر بين مصر وإسرائيل. ويقول مسؤولون محليون إن "القطاع يتطلب في العادة نحو 500 ميغاوات من الطاقة يوميا في الصيف. ويستقبل 120 ميغاوات من إسرائيل بينما توفر محطة توليد الكهرباء الوحيدة في القطاع 60 ميغاوات أخرى". وقال محمد ثابت، مدير العلاقات العامة والإعلام في شركة توزيع الكهرباء في غزة "ارتفاع درجات الحرارة في قطاع غزة، وكذلك ارتفاع أسعار الوقود عالميا يؤثران بشكل كبير جدا على جدول توزيع الكهرباء.. ومن خلاله لن تتمكن شركة توزيع الكهرباء سوى من إمداد عشر ساعات من الكهرباء للمواطنين والمنشآت والمرافق العامة، هذا الأمر له تأثير مباشر على الحياة الإنسانية في قطاع غزة". ◙ الخروج من المنزل للتنزه بسبب أزمة الكهرباء وارتفاع درجة حرارة الجو يعتبر أمرا مكلفا ماديا ويضيف أعباء اقتصادية جديدة على عاتق الأسر وتعتمد بعض المنازل والشركات في غزة على المولدات الكهربائية للتغلب على انقطاع التيار لفترات طويلة. ويستخدم أولئك الذين لا يستطيعون شراء مولدات باهظة الثمن مصابيح يد رخيصة تعمل بالبطارية. ويقول طارق السقا، مدير عام شركة السقا للأجهزة المنزلية، إنه "بينما جعلت حرارة الصيف أجهزة التكييف أكثر ضرورة، فإن الظروف الاقتصادية الصعبة جعلت الناس يفضلون اللجوء إلى بدائل أرخص أو إصلاح ما لديهم بالفعل في المنزل". وتقول أم رائد التي تسكن في بيت من الصفيح في مدينة خان يونس "لا نستطيع دخول البيت والجلوس فيه في النهار في هذا الحر الشديد، وكذلك في ساعات الليل لا نستطيع النوم في البيت؛ لذلك نعاني معاناة كبيرة في فصل الصيف وارتفاع الحرارة وخاصة أن السقف من الصفيح". وأضافت "في ظل الحر الشديد ونظرا إلى أن المنطقة التي نسكن فيها خالية تدخل الحشرات الضارة إلى البيت، من صراصير، وعقارب، وأفاعي" لافتةً إلى أنها "تدخل عليهم في غرف النوم ما يهدد أطفالهم ويعرضهم للخطر". وأشارت إلى أن "بيتها محاط من جميع الجوانب بالبيوت وهناك اكتظاظ في المنطقة بالسكان؛ وهذا الأمر يزيد من معاناتهم وإحساسهم بالحرارة"، موضحةً أنهم يقومون برش المياه على سقوف الصفيح حتى تخف درجة الحرارة، كما يقومون برش المبيدات للحشرات. مسبح الفقراء مسبح الفقراء ولفتت إلى أن معاناتهم متجددة فهي تعاني في بيتها سواء في الصيف أو الشتاء لأن بيتها من الصفيح، مطالبة الجهات المسؤولة بتفقدهم ومد يد المساعدة لهم. وفي ظل درجات الحرارة المرتفعة، يذهب بعض الأشخاص إلى حمامات السباحة التي ربما تتكلف تذكرتها نحو دولارين، بينما تستأجر العائلات الأكثر ثراء في غزة حمامات سباحة خاصة، وهي وسيلة ترفيه قد تتراوح تكلفتها بين 300 و1000 شيقل (86 إلى 289 دولارا) في اليوم. أما الأقل ثراء، فيتعين عليهم إيجاد بدائل أرخص، فزكي أبومنصور هرب وعائلته المؤلفة من عشرة أفراد من حرارة المنزل إلى الشاطئ، وهو وسيلة الترفيه المجانية الوحيدة لمعظم سكان غزة. وقال "أتينا إلى البحر هربا من المنزل الذي لا تتوفر فيه الكهرباء ويفتقر إلى مروحة ولا توجد فيه مقومات الحياة". وتهرب سلوى أبوعميرة (67 عاما)، من سكان مخيم الشاطئ برفقة عائلتها من الرطوبة التي تقول إنها تملأ منزلها جرّاء ارتفاع درجة حرارة الجو، إلى شاطئ البحر. للتغلب على انقطاع التيار لفترات طويلة يتم الاعتماد على المولدات الكهربائية فيما يستخدم أولئك الذين لا يستطيعون شراء مولدات مصابيح يد رخيصة تعمل بالبطارية وتقول إن موجة الحر التي تتزامن مع أزمة الكهرباء تعمق من معاناتها، خاصة وأنها مصابة بمرض ارتفاع ضغط الدم إلى جانب "السكري"، كما أنها تعاني نزيفا داخليا في شبكية العين. وتضيف "الحرارة والرطوبة لا تناسبان شخصا مصابا بهذه الأمراض وقد تتسببان له في مضاعفات صحية". كما تسببت موجة الحر في إصابة الأطفال المتواجدين داخل منازلهم، تقول أبوعميرة أن "أحفادها أيضا لم يسلموا من الأمراض التي يتسبب فيها الحر، خاصة في ظل انعدام القدرة على تشغيل أجهزة التهوية الكهربائية". وتعتبر أبوعميرة الخروج من المنزل للتنزه بسبب أزمة الكهرباء وارتفاع درجة حرارة الجو أمرا مكلفا ماديا، ويضيف أعباء اقتصادية جديدة على عاتق الأسرة. وتعاني أبوعميرة من فساد الأطعمة في أجهزة الثلاجات جراء تزامن أزمة الكهرباء مع ارتفاع درجة الحرارة. وتستكمل قائلة، "حتى الطعام بتنا نشتريه من الأسواق بشكل يومي، لأنه يفسد لو بقي لمدة يوم كامل داخل المنزل بسبب توقف عمل الثلاجات".
مشاركة :