تزامنا مع دخول فصل العطل الصيفية وتشجيعا للسياحة الداخلية بالمغرب، تستعد الحكومة المغربية لإصدار شيكات سياحية بهدف التخفيف من عبء مصاريف السفر بالنسبة إلى السائح المغربي، وإنعاش هذا النوع من السياحة الذي تعتبره الحكومة عاملا أساسيا لضمان مناعة القطاع السياحي ليكون قادرا على مقاومة الأزمات. ونظرا إلى ما تلعبه السياحة الداخلية من دور هام في التنمية الاقتصادية والاجتماعية وخلق فرص عمل لتشغيل اليد العاملة وانعكاسها على القطاعات الاقتصادية المرتبطة بها وإنعاشها، كشفت وزيرة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني فاطمة الزهراء عمور في جلسة أمام أعضاء البرلمان، أن الوزارة بصدد وضع أسس لتطوير مستدام للسياحة الداخلية من خلال تشجيع الاستثمار في السياحة وفي صناعة الترفيه، والتشجيع على إقامة منتجعات سياحية تناسب القدرة الشرائية للسياح المغاربة من مراعاة جودة المنتوج، خصوصا بعد فترة شهد فيها قطاع السياحة انتعاشا ملحوظا. 13.6 مليار دولار خسائر القطاع السياحي نتيجة للأضرار التي لحقته بسبب تداعيات كورونا ويرى محمد الشرقي الخبير الاقتصادي أن في السياحة الداخلية تعويضا عما شهده القطاع من تداعيات أزمة كورونا، بفتحه أمام المواطنين والزوار المقيمين فرصة التعرف على تراث المغرب ومقدراته. وأضاف الشرقي في تصريح لـ”العرب” أن القطاع السياحي كان الأكثر تضررا من تداعيات كورونا وأن المهنيين يقولون إنهم خسروا 140 مليار درهم (13.6 مليار دولار) وأن كل الإجراءات الحكومية مرحب بها لدعم القطاع وتطوير المنتوج، ورغم تضرره هناك إمكانية لاستعادة نشاطه وحيويته في الدورة الاقتصادية للبلد. وإحصائيا أبرزت وزارة السياحة أن السياحة الداخلية مثلت قبل الأزمة حوالي 30 في المئة من ليالي المبيت في مؤسسات الإيواء السياحي المصنفة على الصعيد الوطني. وخلال الأزمة الصحية ازدادت أهمية السياحة الداخلية، حيث مثلت 50 في المئة من ليالي المبيت في عام 2020، وارتفعت إلى 69 في المئة عام 2021. فاطمة الزهراء عمور: 60 في المئة يدخلون المغرب في إطار السياحة الثقافية وقالت دراسة صادرة عن مديرية الدراسات والتوقعات المالية بوزارة الاقتصاد والمالية إن استغلال الإمكانيات المتاحة في السياحة الداخلية بالمغرب رهن بتقوية القدرة الشرائية للمواطن وتعزيز العرض السياحي ليكون أكثر تنافسية من حيث الجودة والسعر. ويمثل قطاع السياحة حوالي 7.1 في المئة من ناتج الدخل الإجمالي، ويوفر فرص عمل لـ4.7 في المئة من اليد العاملة، ويساهم بـ42 في المئة من صادرات الخدمات، ويستقطب 9.6 في المئة من الاستثمارات الأجنبية المباشرة. وحسب إحصائيات رسمية، بلغت قيمة مداخيل القطاع في المغرب من العملة الصعبة خلال الأشهر الخمسة الأولى من السنة الجارية 20 مليار درهم، بارتفاع قدره 173 في المئة مقارنة بسنة 2021، حيث استرجع 71 في المئة من القيمة المسجلة في سنة 2019. وتتركز جاذبية السياحة الداخلية في ثلاث جهات تستقطب 66 في المئة من ليالي المبيت و59 في المئة من السياح المحليين، على رأسها مراكش – آسفي، وسوس – ماسة، ثم طنجة – تطوان – الحسيمة. محمد الشرقي: الإجراءات الحكومية مرحب بها لدعم القطاع السياحي وارتفعت حصة السوق السياحة الداخلية خلال العام 2020 إلى 57 في المئة من إجمالي الوافدين، أي بزيادة قدرها 18 نقطة مقارنة بسنة 2019، حيث كشفت الأرقام دور السياحة الداخلية في امتصاص التداعيات والحفاظ على منظومة الإنتاج السياحي. وتعتبر المنتجعات والمنابع المائية في بعض جهات المملكة معالم سياحية تغري السياح المغاربة بزيارتها صيفا وشتاء. ومنها منتجع تغبالوت بجهة بني ملال خنيفرة (وسط المغرب) الذي يستقطب المئات من الزوار يوميا، خاصة ذوي الدخل المنخفض، على الرغم من بعض مظاهر النقص التي يشكو منها. وفي هذا الصدد أشارت وزيرة السياحة إلى أهمية تطوير السياحة الطبيعية الإيكولوجية، وكذلك تحسين جودة الخدمات والتنشيط السياحي وتأهيل العاملين في السياحة. وأكدت الدراسة السابقة أن السياحة الداخلية عرفت خلال العقد الماضي نموا على مستوى كامل البلاد لكن إمكانياتها المهمة غير مستغلة بالكامل. كما أن هذا القطاع يشهد اهتماما غير متكافئ من طرف الأسر المغربية، وهو ما يؤثر على الأطفال والشباب على الخصوص. وتحتاج السياحة الداخلية في المغرب إلى تدخل عدد من الفاعلين ومن الجهات الحكومية للعمل على تهيئة الظروف المشجعة للعائلات المغربية على قضاء العطل بالأماكن السياحية الوطنية، سواء من حيث الأنشطة المقدمة والخدمات المتوفرة، أو من حيث الكلفة. وكشفت وزارة السياحة أن الأولوية تعطى لتطوير النقل الجوي بهدف تحسين السياحة الدولية والداخلية معا، والعمل بالتعاون مع وكالات السفر على تعزيز وجهة المغرب والقيام بحملة دولية ووطنية من أجل ذلك، إضافة إلى العمل على تنمية السياحة الثقافية. وتقول مصادر الوزارة إن أكثر من 60 في المئة من السياح يدخلون المغرب في إطار السياحة الثقافية.