تتطلب زراعة العنب من أجل الإنتاج الاستهلاكي وصناعة النبيذ دقة وخبرة كبيرتين من المزارعين. وفي العقود التي سبقت ظهور التكنولوجيا الذكية، كان المزارعون بحاجة إلى الاعتماد على خبرتهم والعديد من الأيدي العاملة للمساعدة في تحديد الظروف اللازمة لنجاح زراعة العنب، وهذا أدى في النهاية إلى إهدار المياه والفشل أحيانا في الحصول على محاصيل بحالة جيدة. وفى هذا الصدد، طور المهندس الزراعي من جامعة أرئيل الإسرائيلية يشاي نيتسر أخيرا نظام ري رقميا لتحسين طريقة زراعة العنب، يستند إلى عدد كبير من أجهزة الاستشعار التي تراقب العديد من المتغيرات النباتية والبيئية. يتيح النظام للمزارعين معرفة كمية المياه اللازمة للمحصول الذين يريدون زراعته. وتراقب المستشعرات مستويات الرطوبة والإشعاع وسرعة الرياح بالإضافة إلى المياه التي يتم ضخها للمحاصيل، باستخدام أجهزة ((الليسيمترات)) لقياس الاستهلاك المائي وهو جهاز قياس يمكن استخدامه لقياس كمية التبخر الفعلي (النتح) التي تطلقها النباتات، الأمر الذي يعطي مفهوما دقيقا لمدى عطش النباتات. ويختبر نيتسر نظام الري الرقمي على خمسة أفواج مختلفة من المحاصيل لمعرفة تأثيرها، ويتم بعد ذلك جمع البيانات بواسطة جهاز حاسوب وتحليلها من قبل الباحثين جنبا إلى جنب مع المزارعين الذين يضيفون ملاحظتهم. تقوم بعض أجهزة ((الليسيمترات)) بقياس استهلاك المياه للنباتات، وفيما بعد يتم حساب جميع البيانات من المستشعرات وتعطي وصفا تفصيليا لاستهلاك المياه للنباتات. ومع وجود أنواع مختلفة من العنب، يكون هناك اختلافات في كميات المياه اللازمة لزراعة كل نوع. وقال نيتسر لوكالة أنباء ((شينخوا)) "إذا كنت ترغب في زراعة الكثير من العنب، فعادة ما ستكون جودة العنب أقل، إلا أنك ستحتاج إلى كميات أكثر من المياه". وأضاف أنه مع نظام الري الرقمي الجديد فأنه سيتم رفع جودة العنب ولكن سيتم إنتاج كميات متوسطة نوعا ما، مشيرا إلى أنه كلما زاد سعر العنب، زادت تكلفة زجاجة النبيذ. ووفقا لنيتسر، كلما قل استخدام المياه كان العنب أكثر جودة، وهذا هو المطلوب في صناعة النبيذ، مشيرا إلى أن القدرة على الري بالنظام الرقمي الذكي لكل محصول ستكون مفيدة اقتصاديًا للمزارعين، وستتغير كمية المياه المستخدمة أيضًا وفقًا لوقت الحصاد، ففي البداية يمكن استخدام كميات كبيرة من المياه ومع اقتراب الحصاد يمكن تقليل كمية المياه المستخدمة. وأوضح أن تغير المناخ الذي أثر على مستويات هطول الأمطار في جميع أنحاء العالم، له أيضًا تأثير متزايد على الزراعة بما في ذلك زراعة العنب. وذكر نيتسر "إذا كان المناخ يتغير فنحن بحاجة إلى تكييف طرقنا في استخدام المياه للحصول على نفس الجودة للمحصول"، لافتا إلى أن أن كل البيانات التي تم جمعها من أبحاثه يمكن أن تسمح للمزارعين "بخداع النباتات". وشرح ذلك قائلا "يمكنك تغيير فسيولوجيا النبات بالري، وهذا يعتمد على ما يريده المزارع، فإذا أراد الكثير من الغلة، فسنجعل العنب أقل عطشًا ونحصل على غلة أكبر عن طريق الري". ويأمل فريق بحث نيتسر أن يتم استخدام جميع البيانات التي تم جمعها من أجل تطبيق نهج إقليمي خاص بمزارع العنب في المستقبل. وقال نيتسر "إن المستقبل لا يجمع فقط قطعة أرض واحدة أو معلومات عن مزرعة عنب واحدة، ولكن الحصول على معلومات إقليمية واندماج أجهزة استشعار متعددة وأجهزة الأرصاد الجوية والجمع بينها معًا". كما بدأ نيتسر وفريقه في استخدام التعلم الآلي من أجل التمكن من تطبيق البحث على مناطق أكبر بكثير، ووفقا لنيتسر سوف يستغرق هذا عدة سنوات.
مشاركة :