مقالة خاصة: الولايات المتحدة إمبراطورية المراقبة الجماعية

  • 8/2/2022
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

قامت الولايات المتحدة على مدى عقود بمراقبة جماعية عشوائية لمواطنيها حتى أنها لم تستثن الحكومات والشركات والأفراد في الدول الأخرى. وتم الكشف عن العديد من برامج المراقبة التي نفذتها واشنطن واحدا تلو الآخر في السنوات الأخيرة، مما كشف المزيد من الأدلة عن مدى وسع وانتشار مراقبة أمريكا للعالم. -- مراقبة محلية وفقا لتقرير صدر مؤخرا عن مركز الخصوصية والتكنولوجيا التابع لمركز القانون بجامعة جورج تاون، فإن وكالة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك بالولايات المتحدة قد توسعت إلى ما هو أبعد من دورها كوكالة هجرة لتصبح "وكالة مراقبة محلية". وقال التقرير إن الوكالة طورت نظام مراقبة شبكيا يسمح لها بجمع ملفات مفصلة عن كل شخص تقريبا في أمريكا في أي وقت دون أي إشراف قضائي أو تشريعي أو عام. ومن عام 2008 إلى عام 2021، أنفقت تلك الوكالة ما يقرب من 2.8 مليار دولار أمريكي على مبادرات المراقبة وجمع ومشاركة البيانات، وفقا للتقرير، مشيرا إلى أن الوكالة تمكنت من الوصول إلى معلومات سجل المرافق لأكثر من 218 مليون عميل في جميع الولايات الخمسين. ووكالة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك ليست الوكالة الوحيدة في الولايات المتحدة التي تجاوزت سلطتها وأساءت استخدام البيانات الشخصية للمواطنين. ففي الواقع، أصبحت المراقبة الجماعية في الولايات المتحدة عملا مؤسسيا. وفي أعقاب هجمات الحادي عشر من سبتمبر الإرهابية، سنت الولايات المتحدة العديد من القوانين لتوسيع سلطات المراقبة الحكومية لأسباب تتعلق بالأمن القومي. وأعطى الكونغرس الأمريكي الضوء الأخضر لقانون باتريوت في عام 2001، الذي يغطي القسم 215، وهو أحد أكثر البرامج إثارة للجدل فيما يخص المراقبة المحلية والدولية. وفي عام 2008، وافق الكونغرس على القسم 702 من قانون مراقبة الاستخبارات الأجنبية، الذي يسمح للحكومة بإجراء عمليات تفتيش على اتصالات الأجانب دون أي أمر قضائي. وبعد كشف المتعاقد السابق مع وكالة الأمن القومي إدوارد سنودن وويكيليكس عن إساءة استخدام الحكومة الأمريكية للسلطة فيما يتعلق بجمع ملايين البيانات الخاصة بالأمريكيين، دفع الغضب العام الكونغرس إلى منع برنامج التنصت سيئ السمعة "بريسم". ومع ذلك، فإن الحكومة في الواقع لا تتوقف أبدا عن إساءة استخدام سلطتها في تنفيذ المراقبة بشكل عشوائي على مواطنيها. وفي عام 2021 وحده، أجرى مكتب التحقيقات الفيدرالي ما يصل إلى 3.4 مليون عملية تفتيش بدون إذن قضائي على المكالمات الهاتفية ورسائل البريد الإلكتروني والرسائل النصية للأمريكيين، حسبما أفادت صحيفة ((ذا هيل)) نقلا عن مكتب مدير الاستخبارات الوطنية. -- مراقبة العالم وانتشرت شبكة المراقبة الأمريكية خارج الحدود ولم تستهدف قط الخصوم بل الحلفاء أيضا. وفي مايو 2021، ذكرت هيئة الإذاعة الوطنية الدنماركية ((دي آر نيوز)) أن جهاز استخبارات الدفاع الدنماركي قد منح وكالة الأمن القومي الأمريكية وصولا مفتوحا إلى الإنترنت للتجسس على كبار السياسيين في الدول المجاورة، بما في ذلك المستشارة الألمانية آنذاك أنجيلا ميركل. وقال التقرير إن وكالة الأمن القومي حصلت على البيانات بشكل متعمد، وبالتالي تمكنت من التجسس على رؤساء الدول المستهدفين، وكذلك القادة الاسكندنافيين المجاورين وكبار السياسيين والمسؤولين رفيعي المستوى في ألمانيا والسويد والنرويج وفرنسا، الأمر الذي تسبب بصدمة وغضب واسعين في جميع أنحاء العالم. وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في مايو 2021 إن هذا الأمر "غير مقبول بين الحلفاء ولا حتى بين الحلفاء والشركاء الأوروبيين". وقالت ميركل إنها "لا يمكن إلا أن توافق "على تصريحات الزعيم الفرنسي. لكن هذا لم يكن غير مألوف للقادة الأوروبيين. في عام 2013، كشف سنودن أن واشنطن كانت تتجسس على البريد الإلكتروني واتصالات الهاتف الخلوي لما يصل إلى 35 من قادة العالم. وكشف الصحفي غلين غرينوالد في كتابه "نو بليس تو هايد" أن وحدة واحدة من وكالة الأمن القومي جمعت أكثر من 97 مليار بريد إلكتروني و124 مليار مكالمة هاتفية من جميع أنحاء العالم في 30 يوما فقط في عام 2013. وقد ساعد نظام المراقبة الجماعية القوي الولايات المتحدة على جني الأرباح. على سبيل المثال، في عام 2013، أظهرت تقارير لمجلة ((وايرد)) الأمريكية أن شركة النفط والغاز الحكومية البرازيلية العملاقة بيتروبراس كانت هدفا رئيسيا لأنشطة التجسس الحكومية الأمريكية. ونقلت مجلة ((فوكاس)) الألمانية عن خبير في السياسة الخارجية قوله إن "واشنطن تفقد أرضيتها الأخلاقية". وقالت المجلة إنه من خلال شبكتها للمراقبة العالمية، فإن "الولايات المتحدة نفسها تعتبر المتصنت الحقيقي"، على الرغم من أن الدولة تفضل تصوير نفسها على أنها ضحية للتجسس.■

مشاركة :