توقع هانز-فيرنر سين رئيس معهد إيفو الألماني الاقتصادي أن يحقق الاقتصاد الألماني نموا قويا في العام المقبل مع وجود مخاطرتين كبيرتين. وبحسب "الألمانية"، فقد ذكر سين الذي سيتخلى عن رئاسة المعهد الشهير في آذار (مارس) المقبل بعد 17 عاما في هذا المنصب، أن هاتين المخاطرتين تتمثلان في تسجيل الاقتصاد الصيني تراجعا أقوى في العام المقبل ووقوع أزمة جديدة في منطقة اليورو "حيث تجري التغطية على المشكلات". ومن المنتظر أن يتولى البروفيسور كليمنس فوست رئاسة المعهد خلفا لسين، الذى رأى أن فرنسا ودول جنوب أوروبا تباطأت في الإصلاحات الهيكلية المستحقة وذلك بدعم من البنك المركزي الأوروبي، مضيفا أن "التحركات السياسية غير المحسوبة كبيرة في أوروبا وهنا تكمن الخطورة". وقال سين "إنه من المستبعد أن ترفع الحكومة الضرائب قبل الانتخابات البرلمانية المقبلة، ولهذا يتعين على الدولة أن تعوض النفقات الإضافية من خلال اقتطاعات في مجالات أخرى لسداد الديون". وحذر سين من انتهاج سياسة اقتصادية تعتمد على الديون في ألمانيا لأنه لا أحد سينقذ ألمانيا ولن يخفف أحد الديون علينا، لافتاً إلى أن الديون السيادية في ألمانيا تشكل أكثر من 70 في المائة من إجمالي الناتج المحلي السنوي وهذا مستوى مرتفع للغاية. وتوقع سين أن يحقق إجمالي الناتج المحلي لألمانيا في العام المقبل ارتفاعا بنسبة 1.9 في المائة وهي نسبة أعلى من توقعات معاهد أخرى وكذلك البنك المركزي الألماني "بوندسبنك"، كما توقع أن تزداد طلبيات قطاع الصادرات الصناعية من الولايات المتحدة التي تشهد ازدهارا اقتصاديا. وأوضح سين أن أوروبا لا تعمل تحت اليورو، وفرنسا ودول جنوب أوروبا في أزمة مزمنة والبطالة الجماعية تؤدي إلى تشدد سياسي وهذا يهدد تماسك أوروبا، مشيراً إلى أن النفقات الحكومية الإضافية المقدرة بـ 21 مليار يورو في ألمانيا والمخصصة للاجئين ستدعم الحالة الاقتصادية في العام المقبل. وكان معهد إيفو قد أعلن من مقره في ميونيخ أن مؤشر الثقة بالأعمال سجل تراجعا مفاجئا خلال الشهر الجاري، في ظل الغموض المحيط بأكبر اقتصاد في أوروبا. وقال المعهد "إن مؤشر الثقة بالأعمال الذي يعتمد على استطلاع رأي نحو سبعة آلاف مسؤول في الشركات الألمانية تراجع بنسبة أكبر من المتوقع، وسجل 108.7 نقطة هذا الشهر مقارنة بـ 109 نقاط في تشرين الثاني (نوفمبر) وهو أعلى مستوى له منذ 17 شهرا". وأوضح سين أن الثقة القوية باقتصاد ألمانيا تراجعت بنسبة طفيفة خلال الشهر الحالي، مضيفاً أن "الموقف الاقتصادي يمكن أن يتحسن مع قرب نهاية العام وقد جاءت المؤشرات الفرعية بشأن مناخ الأعمال والأوضاع الحالية والتوقعات أعلى بمقدار ثلاث نقاط تقريبا عنها في كانون الأول (ديسمبر) 2014". وبعثت أحدث البيانات الاقتصادية الصادرة في ألمانيا إشارات متضاربة بشأن آفاق النمو الاقتصادي، ففي حين تحسن الطلب الصناعي والناتج الصناعي في ألمانيا خلال تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، تباطأت الصادرات. ويأتي تقرير معهد إيفو لينهي عاما مضطربا للاقتصاد الألماني، حيث بدأت العام بخطر انهيار منطقة اليورو على خلفية انتخاب حكومة مناهضة للتقشف في اليونان. وبعد الأزمة اليونانية جاءت فضيحة تلاعب مجموعة فولكسفاجن الألمانية أكبر منتج سيارات في أوروبا بنتائج اختبارات معدل العودام في سياراتها التي تعمل بمحركات ديزل "سولار". ورغم ذلك، فالمحللون الاقتصاديون ما زالوا يتمسكون بتوقعاتهم بتحقيق نمو اقتصادي ملموس في ألمانيا، ويقول كارستن برزيسكي المحلل الاقتصادي في "آي.إن.جي بنك"، "إن اقتصاد ألمانيا بشكل عام يبدو مؤهلا لتحقيق نمو ملموس لعام آخر". وتوقع البنك المركزي الألماني في وقت سابق من الشهر الحالي نمو اقتصاد البلاد خلال العام الحالي بمعدل 1.5 في المائة من إجمالي الناتج المحلي ثم بمعدل 1.8 في المائة في 2016 ثم بمعدل 1.7 في المائة في 2017. ومثل كثيرين من المحللين يتوقع البنك المركزي الألماني أن تسهم الزيادة الملموسة في الإنفاق الاستهلاكي المحلي للألمان في تعويض أي تداعيات اقتصادية ناتجة عن ضعف الطلب في الأسواق الصاعدة مع تحسن حالة سوق العمل الألمانية وانخفاض أسعار النفط وارتفاع الأجور. ويبلغ معدل البطالة في ألمانيا حاليا 6.3 في المائة وهو أقل مستوى له منذ أكثر من 25 عاما، في الوقت نفسه فإن قرار مجلس الاحتياط الاتحادي "البنك المركزي" الأمريكي أخيراً بزيادة سعر الفائدة الرئيسية لأول مرة منذ عشر سنوات، يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع جديد لقيمة الدولار أمام اليورو وهو ما سيعزز القدرة التنافسية للسلع الألمانية في الأسواق العالمية. ويبدو أن الغموض يحيط بألمانيا التي تواجه حاليا أكبر أزمة لاجئين منذ الحرب العالمية الثانية، إلى جانب مخاطر الإرهاب مع تباطؤ الاقتصادات الصاعدة الرئيسية في العالم وبخاصة الصين. إلى ذلك، أظهرت أحدث نتائج استطلاعات الرأي أن تدفق اللاجئين يحظى بحماس أقلية ضئيلة من الألمان، ووفقا لنتائج الاستطلاع الذي أجراه معهد "إبسوس"، فقد اتفق 16 في المائة فقط من الألمان مع مقولة "موجة اللاجئين ستجلب إلينا فرصا اقتصادية أكثر من المشكلات". ولم يتفق مع مقولة إن "صورة ألمانيا في العالم تحسنت باستقبالها كثيرا من اللاجئين" سوى 20 في المائة فقط من الألمان، ووصلت نسبة المتفقين مع هذه المقولة في غرب ألمانيا إلى 22 في المائة فيما تدنت هذه النسبة في شرق البلاد إلى 12 في المائة، فيما بلغت هذه النسبة 32 في المائة في الشريحة العمرية بين 14 إلى 17 عاما. يشار إلى أن هذا الاستطلاع أجراه المعهد لمصلحة هورست أوباشوفسكي الباحث في مجال المستقبل في مدينة هامبورج الذي يرى أن الهجرة إلى ألمانيا لا تشكل بالضرورة إشكالية بالنسبة إلى البلاد إذا توافرت مبادئ واضحة للتعايش كما هو الحال في الولايات المتحدة، وساق مثالا على ذلك بالشركات الأمريكية الناجحة التى يعمل لديها موظفون من 80 جنسية مختلفة. وكشفت نتائج الاستطلاع أن 56 في المائة ممن شملهم الاستطلاع متفقون مع مقولة "إن الساسة لم يرتقوا إلى مستوى تحديات العصر"، وأشار أوباشوفسكي إلى تزايد فقدان الثقة بصورة عامة في الساسة.
مشاركة :