ثلاثة أصوات رسمية فرنسية واكبت الذكرى الثانية لانفجار المرفأ، الذي أدمى العاصمة اللبنانية. وفي حين أن التحقيق المحلي ما زال مجمّداً، فقد كان من الطبيعي أن تدخل باريس على الخط، وهي التي ما انفكت تطلق المبادرات، في محاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه. وأمس، صدرت تصريحات عن الرئيس إيمانويل ماكرون، وأخرى عن وزارة الخارجية، والثالثة عن السفارة الفرنسية في بيروت، تعكس تصميماً فرنسياً على مواصلة الوقوف إلى جانب لبنان، والاستمرار في مساعدته بجميع الوسائل المتاحة. ولخص ماكرون الموقف، بقوله، في حديث لصحيفة «لو ريان لوجور» اللبنانية باللغة الفرنسية، في عددها، أمس، إنه «لن يستسلم ولن يترك لبنان ينهار أو يختفي» عن الخريطة. وبينما اختفى التحقيق المحلي عن الأعين، بسبب المداخلات السياسية والفذلكات القانونية، عاد ماكرون ليذكّر بأنه كان أول من اقترح تحقيقاً دولياً، الأمر الذي لم تأخذ به السلطات اللبنانية. ورغم ذلك، أكد أن باريس قامت بمساعدة السلطات اللبنانية، ونقلت إليها «كافة التقارير الفنية»، التي أعدها الخبراء الفرنسيون، وكذلك صور الأقمار الصناعية. وخلاصة الرئيس الفرنسي أن التحقيق المتوقف يجب أن يُستكمل بكل استقلالية، وبعيداً عن المداخلات السياسية، وأن القضاء يجب أن يقول كلمته. وحذر ماكرون اللبنانيين من تفويت فرصة، ومن استغلال ملف المفاوضات الخاصة بترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل، مؤكداً أن بلاده تلعب دوراً في تسهيل العملية. ووفق الرئيس الفرنسي، فإن لبنان الذي «يواجه أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخه، لن يقوى على البقاء في حال اندلاع نزاع جديد على حدوده الجنوبية سيكون أكثر تدميراً من حرب عام 2006». وفيما يمكن اعتباره رسالة لـ«حزب الله»، قال ماكرون إنه «لا مصلحة لأي طرف في لبنان»، في اندلاع نزاع جديد. ورغم أوضاع لبنان المهترئة، أكد الرئيس الفرنسي أن لبنان قادر على لعب دور مهم في تكوين صورة الشرق الأوسط المقبل، من خلال أن يكون «جسراً للتواصل بين الدول، وإيجاد مخارج للأزمات، والعمل من أجل الاستقرار». ورأى أن لبنان قادر على التخلص من التدخلات الخارجية في شؤونه، إلا أنه قبل بلوغه هذه المرحلة، عليه أن يقر وينفذ الإصلاحات المطلوبة منه، واعداً إياه مجدداً، في حال توافر هذا الشرط، بالدعوة لمؤتمر جديد للدول المانحة التي سبق لها أن أكدت، في عام 2018، استعدادها لتوفير 11 مليار دولار لإنهاضه من كبوته. وختم ماكرون بدعوة اللبنانيين لمساعدته، حتى يكون قادراً على مساعدتهم. أما بيان وزارة الخارجية، فقد ركز على الانفجار، وجاء فيه أن المسؤولين عن الانفجار «يجب أن يُحاسبوا، ويتعين على القضاء اللبناني مواصلة التحقيق بكل شفافية، وبعيداً عن المداخلات السياسية»، لأن اللبنانيين «ينتظرون أن يُلقى كامل الضوء على انفجار المرفأ»، ولأنهم «بحاجة لمعرفة حقيقة ما حصل».
مشاركة :